(٢٦٧) الاعتقاد بالإمام المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه) اعتقاد إسلامي يتجذر
الاعتقاد بالإمام المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه) اعتقاد إسلامي يتجذر
السيد هادي عيسى الحكيم
شق الاعتقاد بالإمام المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه) طريقه بيسر وسهوله إلى قلوب كل المسلمين وعقولهم واعتبروه جزءاً من عقيدتهم الإسلامية وحكماً من أحكامها، وواحداً من تعاليمها كالصلاة والصوم والإيمان بالغيب، والمسلمين مع اختلاف منابتهم وأصولهم وتوجهاتهم السياسية وثقافاتهم المختلفة، فهم يعتقدون بحتمية ظهور المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه) في آخر الزمان وأن هذا المهدي من عترة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وأن عهده من أزهى العهود، وأنه سيملأ الأرض عدلاً، وسينقذ الأُمة الإسلامية والعالم كله، وسينشر الرخاء في الأرض.
وقد اعترف بهذه الحقيقة حتى المتشككين بهذا الاعتقاد، كابن خلدون مثلاً فهو يشهد قائلاً: (اعلم أن المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على مر العصور أنه لابد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت (عليهم السلام) يؤيد الدين ويظهر العدل ويتبعه المسلمون ويستولي على الممالك الإسلامية ويسمى المهدي (عليه السلام)) وقد جاء ذلك في كتابه (تاريخ ابن خلدون) ج١ ص٥٥٥.
وكذلك نجد أحمد أمين، والمعروف عنه أنه من المتشككين أيضاً بهذه العقيدة ولكنه يشهد قائلاً: (وأمّا أهل السنة فقد آمنوا أيضاً) أي آمنوا بحقيقة المهدي كما جاء في كتابه (المهدي والمهدوية) ص٤١، وبعد أن أدلى بشهادته هذه، ساق قول ابن خلدون الآنف الذكر.
فإذا كانت هذه شهادة المشككين، فيعني أن شيوع هذا الاعتقاد وانتشاره بين المسلمين كافة، العامة والخاصة، من الحقائق الإسلامية المسلَّم بصحتها على مستوى المسلمين جميعاً، وليس بإمكان عاقل أن يتجاهل عموم وشمول هذا الاعتقاد لأتباع الملة الإسلامية كافة.
ولقد أدرك الحكام الذين استولوا على قيادة الأُمة طوال التاريخ السياسي الإسلامي خطورة هذه الفكرة على حكمهم وقدرتها الفائقة على شق طريقها إلى قلوب المسلمين ودور هذه الفكرة بفقد الظلم وفضح الظالمين، فسخَّروا موارد الدولة كافة للتشكيك بالفكرة الأساسية تمهيداً لاقتلاعها من جذورها.
ومع أن هؤلاء الحكام قد نجحوا نجاحاً كبيراً بحل عرى الإسلام عروة بعد عروة، ومع أنهم قد نجحوا بإخضاع الأُمة لمشيئتهم إلّا أنهم قد فشلوا فشلاً ذريعاً باقتلاع الاعتقاد بالمهدي المنتظر (عجّل الله فرجه) من قلوب الناس وعقولهم.
بل إن هذا الاعتقاد كان يترسخ ويتجذر كلّما زاد ظلم الحكام وبطشهم، بل ويزداد المسلمون يقيناً بحتمية ظهور المهدي (عجّل الله فرجه)، وقد توارث الأجيال هذا الاعتقاد وتوثقت صلته الحميمة بدين الإسلام.