(٢٧١) صور من نصرة الإمام الحجة (عجّل الله فرجه) في أمر الدين
صور من نصرة الإمام الحجة (عجّل الله فرجه) في أمر الدين
الشيخ محمد باقر الفقيه
يتمكن المؤمن من خلال حصوله على حالة التقوى أن يؤدي دوره المطلوب في نصرة الإمام الحجة (عجّل الله فرجه) في صور ومجالات عديدة، وكلها تعود بالنفع لوجوده المقدس (عجّل الله فرجه)، ومن هذه المجالات:
- إذا سعى المؤمن إلى إرشاد شخص إلى الإيمان والصلاح وبذل في هذا الطريق الجهد الكامل حتى استطاع تحقيق ذلك، فإنه بهذه الصورة يكون قد نصر الإمام الحجة (عجّل الله فرجه)، بالرغم من أن أصل الهداية من الله (سبحانه وتعالى) ومن الوجود المبارك للإمام (عجّل الله فرجه)، ولكن يبقى العمل الذي بذله -الهداية والإرشاد- له قيمة وأجر في الدنيا والآخرة، وهكذا الأمر كلما سعى الشخص في الارتقاء بتهذيب نفسه أكثر فأكثر، ولابد أنه لا يخفى على المؤمن أن التقوى الحقيقية والواقعية، سواء أكانت ظاهرية أم قلبية إنما تحصل عن طريق المعرفة والعلم بأحاديث الأئمة الأطهار (عليهم السلام)، ومن ثم بتطبيق ذلك بصورة عملية.
- قال الإمام الصادق (عليه السلام): (كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم) حيث أن الهداية العملية للآخرين لها تأثير كبير في نفوسهم، وهي أفضل كثيراً من الهداية الكلامية، إذا كانت خالية من التطبيق العملي.
- قال الإمام الصادق (عليه السلام): (كونوا لنا زيناً ولا تكونوا علينا شيناً) حيث أن المؤمن إذا التزم بأوامر الشرع المبين وتمسك بأخلاق الإسلام فإنه يكون عزاً وفخراً لإمامه (عليه السلام) بالقول والعمل بشكل كامل، وهذه التبعية الكاملة في الأفعال والأقوال تعني التسليم والتعظيم لأمرهم وشأنهم الكبير، مما يؤدي أخيراً إلى نصرتهم وتعظيم الدين المبين.
- عندما يتصف العبد بالصفات الشريفة، يدخل في زمرة الأولياء والمحبين الصادقين لأئمة أهل البيت (عليهم السلام)، وهذا الدخول يؤدي إلى زيادة شوكتهم وقوتهم ونصرتهم، وهذه النصرة تسبب لهم العز والشرف.
- وإنه بحسب الأخبار الكثيرة الواردة، أن وجود أهل الإيمان والتقوى في أي مكان من الأمكنة يوجب نزول الخير والرحمة الإلهية في ذلك المكان، إذا أراد الله سبحانه وتعالى إنزال البلاء في ذلك المكان، فإن البلاء سوف يرفع عن ذلك المجتمع بسبب وجود أهل الإيمان بينهم، وهذا الأمر يرتبط بمقام نصرة الإمام المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه) في مجال ظهور آثار وجوده المبارك، حيث من الواضح أن الفيوضات الإلهية إنما تنزل على العباد بفضل وجود صاحب الأمر (عجّل الله فرجه)، وهذه الفيوضات إنما تظهر بشكل واضح وكبير في المجتمع الذي يكثر فيه أصحاب التقوى والصلاح.
- إن وجود حالة التقوى في المجتمع، يسبب نصرة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وذلك من خلال نصرة محبيه والمتعلقين به من الذين قد يقعون في بعض الذنوب والآثام، لذا فوجود المتقين بينهم يسبب رفع البلاء عنهم.
- عندما يحقق المؤمن حالة التقوى الحقيقية في نفسه، فإنه يصل إلى درجة من درجات الكمال ما يؤدي به إلى الحصول على بعض الكرامات، وعندما يطلع الناس على وجود مثل هذه الكرامات في الشيعة الموالين لصاحب الأمر (عجّل الله فرجه) فإن عقيدتهم ومعرفتهم تستحكم بوجود الإمام (عجّل الله فرجه).
- عندما يكون المؤمن ملازماً للتقوى والصلاح فإنه بهذه الحالة يكون في محل ثقة عند الناس فيسمعون كلامه ويصدقونه في كل ما يقول، إذا فالتقوى هنا هي التي سببت إحياء وإبقاء ونشر أحاديث وأخبار الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، وفضائلهم ومحبتهم.
- امتلاك حالة التقوى يدعو الناس إلى الاطمئنان والأخذ بالأمور الأخروية والعبادية أيضاً.
- عندما يسعى المؤمن في تحصيل مراتب الإيمان والتقوى ويبذل في سبيل هذا الأمر ما بوسعه من جهد وعمل فانه يصل إلى ذلك ولو بمقدار أقل، حيث ورد عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنه قال: (من طلب شيئاً ناله أو بعضه)، فعندما يحصل على هذا المقدار من التقوى الحقيقية سوف يتنور قلبه بنور الإيمان، وسوف يظهر ما في القلب على اللسان، كما قال الإمام علي (عليه السلام): (ما أضمر أحد في قلبه شيئاً إلا وظهر على فلتات لسانه وصفحات وجهه)، فظهور نورانية التقوى على ملامح الإنسان سوف يكون عاملاً في الدعوة إلى الحق وإلى نصرة الإمام الحجة (عجّل الله فرجه) قلباً وقالباً، وسوف يكون سبباً في هداية الآخرين إلى التزود بمعالم الدين والكمالات الروحية.
- وإن التقوى عامل مهم يدعو المؤمن إلى حفظ حقوق الإمام الحجة (عجّل الله فرجه) وأمواله، وهو بدوره نوع من النصرة له، حيث أن المؤمن الملتزم بمبادئ الدين بالشكل المطلوب والتحلي بالتقوى والتورع عن محارم الله سبحانه وتعالى يأخذ الحيطة والحذر في الحقوق المالية الواجبة التي تتعلق بالإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في أمر الخمس، فانه ينفق منها ما يرى فيه رضى الإمام (عجّل الله فرجه) بشكل كامل، ولا ينفق شيئاً منها في ما توسوس له به نفسه.
فعندما يهتم الإنسان بهذا الأمر بشكل كامل ومطلوب يؤدي دوره المطلوب في نصرة إمام زمانه (عجّل الله فرجه) في زمن الغيبة.