(٢٧٦) إعرفوا إمام الحق
إعرفوا إمام الحق
السيد محمد الشوكي
قال مولانا إمام العصر (عجّل الله فرجه): (... وإن الماضي -يعني والده العسكري (عليه السلام)- مضى سعيداً فقيدا على منهاج آبائه (عليهم السلام)... وفينا وصيته وعلمه، ومنه خلفه ومن يسد مسده ولا ينازعنا موضعه إلا ظالم آثم ولا يدعيه دوننا إلا كافر جاحد ولو لا أن أمر الله لا يغلب وسره لا يظهر ولا يُعلن لظهر لكم من حقنا ما تبهر منه عقولكم ويزيل شكوكم، ولكن ما شاء الله كان ولكل اجل كتاب، فاتقوا الله وسلموا لنا وردوا الأمر إلينا فعلينا الإصدار كما كان منا الإيراد ولا تحاولوا كشف ما غطي عنكم ولا تميلوا عن اليمين ولا تعدلوا إلى اليسار واجعلوا قصدكم إلينا بالمودة على السنة الواضحة).
جاءت العبارات المتقدمة ضمن رسالة كتبها مولانا الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) جواباً على رسالة من بعض أصحاب والده الإمام العسكري (عليه السلام) بشأن إنكار بعضهم لإمامة خلفه الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وقد نقلت مقاطع من هذه الرسالة المروية في كتاب غيبة الطوسي (قدس سره) والاحتجاج وغيرهما، ونستفيد منها عدة من الوصايا المهدوية للمؤمنين في مختلف العصور.
الأولى: هي أن أئمة العترة المحمدية الطاهرة (عليهم السلام) يمثلون منهاجاً واحداً هو المنهاج المحمدي الأصيل.
وهذا معيار أساس لتمييز صدق ادعاء أي منتم لهم ومرتبط بهم (عليهم السلام) أو مدع نصرة إمام العصر (عجّل الله فرجه)، بمعنى أن صدق الالتزام بهذا المنهاج المحمدي النقي هو علامة صدق الانتماء لهم (عليهم السلام) والعمل بهذا المعيار لتمييز جبهة الحق عن غيرها خاصة في عصر الفتن، وذلك يمثل الوصية المهدوية الأولى التي يشتمل عليها المقطع المتقدم من رسالة إمام العصر (عجّل الله فرجه).
والحقيقة العقائدية الثانية: والتي تشتمل عليها الفقرة هي التأكيد على إن الإمام الحق هو الذي يكون وارثاً للوصية الإلهية والعلم الإلهي والذي تتوفر فيه سائر مواصفات أئمة العترة النبوية (عليهم السلام).
والوصية الذي يشتمل عليها بيان هذه الحقيقة هو تنبيه المؤمنين إلى ضرورة معرفة مواصفات الإمام الحق لكي لا يسقطوا في مكائد أئمة الضلال وفتنتهم المذهبة بدنيا الإنسان وآخرته.
وكذلك لكي لا يسقطوا في مكائد أدعياء الارتباط بالإمام الحق إذا أن المرتبط حقاً به (عجّل الله فرجه) لا بد أن تتوفر فيه مراتب ولو دانية من أخلاقياته وعلمه.
أما الحقيقة العقائدية الثالثة: التي تشتمل عليها الفقرة المباركة المتقدمة فهي تأكيد الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) على حقيقة أن من يدعي مقام الإمامة الإلهية دون حق وينازع الإمام الحق ويحاربه بصورة صريحة أو ضمنية هو ظالم آثم وكافر بنعمة الله ورجائه، ومعرفة هذه الحقيقة تشتمل على وصية مهدوية للمؤمنين بالبراءة من هؤلاء الأدعياء واجتنابهم سواء كان ادعاؤهم للإمامة صريحاً أم مبطناً.