البحوث والمقالات

(٢٩٧) الإحساس بفقد الإمام (عجّل الله فرجه)؟

الإحساس بفقد الإمام (عجّل الله فرجه)؟

الدكتورة بشرى العطار

إنه حق على الإنسان المنتظِر للإمام (عجّل الله فرجه) أن يقوم بوظيفته اتجاه هذا الإمام (عجّل الله فرجه)، ومنها الإحساس بفقده (عجّل الله فرجه):
وإن من موجبات همنا وغمنا الأكيد هو بعد الإمام (عجّل الله فرجه) عنا فهو (أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء).
لقد عاش أئمتنا (عليهم السلام) هذا الفقد وهذه المأساة قبل أن يولد الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بسنين.
- حيث ورد عن الإمام الرضا (عليه السلام) (بأبي أنت وأمي سميّ جدّي وشبيه موسى بن عمران... كم من حرّة مؤمنة وكم من مؤمن متأسّف حيران حزين عند فقدان الماء المعين) والماء المعين هو الإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
- ولقد روي عن الإمام العسكري (عليه السلام) أنه قال: (لا تزال شيعتنا في حزن حتى يظهر ولدي الذي بشّر به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
- والإمام الصادق (عليه السلام) يقول: (والله ليغيبنّ إمامكم سنينا من دهركم ولتدمعنّ عليه عيون المؤمنين).
إن الإنسان الرسالي المنتظر حقّا لظهور الإمام (عجّل الله فرجه) عليه أن يعيش هذا الفقد، فكما لو أنّ أمّاً فقدت ولدها لدقائق في مكان مزدحم فإنها ستعيش القلق والحزن والدموع وتسعى جاهدة للوصول إليه وكذا المؤمنون الرساليون لو عاشوا الفقد في كل لحظة من حياتهم وأيقنوا أن كل مأساة على وجه الأرض، من هتك عرض أو إراقة دم يعود إلى غيبة الإمام (عجّل الله فرجه) لكان هذا مدعاة لسموّ أرواحهم وتعففهم عن ارتكاب المعاصي.
وفي دعاء الندبة يترجم ألم الفقد: (عزيز عليّ أن أرى الخلق ولا ترى ولا أسمع لك حسيساً ولا نجوى عزيز عليّ أن تحيط بك دوني البلوى ولا ينالك مني ضجيج ولا شكوى).
إنّ المؤمن حين يزداد وعياً وبصيرة يزيد إحساسه بهذا الفقد، وبمقدار إهمال هذا الأمر تكون علامة ابتعاده عن مصدر النور. ويذكر أنّ أحد تلامذة المراجع طلب موعظة من أستاذه فقال له المرجع: (اجعل لك في اليوم دقائق تناجي فيها وليّ أمرك).
ومن موجبات الهم والغم عدم قيام الإمام الحجة (عجّل الله فرجه) بوظيفته حاكماً شرعياً لهذه الأرض، فليس من السهل للإمام أن يرى منابر المسلمين يرتقيها من ليس بأهل لذلك.
يقول الإمام الباقر (عليه السلام) لأحد أصحابه (يا عبد الله ما من عيد للمسلمين أضحى ولا فطر إلا ويتجدد فيه لآل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) الحزن لأنهم يرون حقهم في يد غيرهم).
إذاً، على الإنسان أن يعيش هذا الهاجس -هاجس الفقد- ولا بدّ أن يرى أثر ذلك على وجوده، فالإمام لو أطلّ إطلالة إلهيّة ملكوتية على الأرض فيرى الناس بين منكر لوجود الله وبين منكر لنبوة جده المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) وبين منكر لإمامة جده أمير المؤمنين (عليه السلام) وبين معترف بذلك كله ولكنّه لا يعمل بما يعتقد به وكل ذلك مدعاة لطول غيبة الإمام وتأخّر إقامة دولة العدل والحق بزعامته.

البحوث والمقالات : ٢٠١٣/٠٦/٠٥ : ٣.٩ K : ٠
: الدكتورة بشرى العطار
التعليقات:
لا توجد تعليقات.