البحوث والمقالات

(٣٠٧) المهدي من أولاد الحسن العسكري (عليهما السلام)

المهدي من أولاد الحسن العسكري (عليهما السلام)

الدكتور عبد الهادي الفضلي

تمذهب القضية:
إن كثيراً من قضايانا العقائدية صبغت بطابع مذهبي أو طائفي، بسبب عوامل معينة، طرأت عليها، فقولبتها في إطار ذلك المذهب، أو نطاق تلك الطائفة.. مما افقدها طابعها العام، بصفتها عقيدة إسلامية عامة.
وقضيتنا هذه (قضية المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه))، إحدى تلكم القضايا التي حولتها العوامل الطارئة، إلى قضية خاصة، فقولبتها في إطار مذهب الشيعة، وقوقعتها في نطاق هذه الطائفة من طوائف المسلمين.
القضية إسلامية عامة:
في حين أن دراسة هذه القضية أو بحثها في بشيء من الوعي والموضوعية، ينتهي بنا حتماً إلى أنها قضية إسلامية، قبل أن تكون مذهبية، شيعية أو غيرها.
وقد رأيت في حدود مراجعاتي حول القضية ــ أن باحثي موضوع المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه)، من سنيين وشيعيين، يمتون بجذور المسألة إلى أحاديث صادرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)... ثبتت صحت صدورها، أما لأنها متواترة - أو أنها أخبار آحاد توفرت على شرائط الصحة.
وإذا كانت المسألة التي ينتهي بها إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - والجميع يؤمنون بان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في سنته المقدسة هو عدل القرآن الكريم في الإرشاد إلى العقيدة الحقة، وفي تشريع الأحكام - لا تعد مسألة إسلامية،... فأذن ماهي المسألة الإسلامية؟!..
طوائف أحاديثها:
إن الأحاديث في المسألة على طوائف هي:
1) مالم يصرح فيها بذكر المهدي (عجّل الله فرجه).
2) ما صرح فيها بذكر المهدي (عجّل الله فرجه).
وقد حمل العلماء القسم الأول من الأحاديث (وهي التي لم يصرح فيها بذكر المهدي (عجّل الله فرجه)) لأنها مطلقة، على القسم الثاني (وهي التي صرح فيها بذكره (عجّل الله فرجه)) لأنها مقيدة.
يقول المودوي: (قد ذكرنا في هذا الباب نوعين من الأحاديث: أحاديث ذكر المهدي (عليه السلام) فيها بالصراحة، وأحاديث إنما أخبر فيها بظهور خليفة عادل بدون تصريح بالمهدي (عليه السلام).
ولما كان الأحاديث من النوع الثاني تشابه الأحاديث من النوع الأول في موضوعها، فقد ذهب المحدثون إلى أن المراد بالخليف العادل فيها هو المهدي (عليه السلام).
وتنقسم الطائفة الأخيرة منهما إلى طوائف أيضاً هي:
أ- ما صرح فيها أن المهدي (عجّل الله فرجه) من الأمة.
ب- المهدي من العرب.
حـ- المهدي من كنانة.
د- من قريش.
هـ- من بني هاشم.
و- من أولاد عبد المطلب.
وإلى هنا يحمل المطلق منها على المقيد، نظراً إلى عدم وجود ما يمنع من ذلك، فتكون النتيجة هي: ما تصرح به الطائفة الأخيرة وهو (المهدي من أولاد عبد المطلب).
وهي تنقسم إلى طائفتين أيضاً هما:
1- ما صرح فيها بأن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) من أولاد أبي طالب (عليه السلام).
2- ما صرح بها أن المهدي (عجّل الله فرجه) من أولاد العباس.
وهنا نظراً لتكافل الاحتمالين وهما: احتمال حمل المطلق المتقدم ( وهو ما تضمن أن المهدي (عليه السلام) من أولاد عبد المطلب)، على القسم الأول (وهو ما تضمن أن المهدي (عليه السلام) من أولاد أبي طالب (عليه السلام))،.. واحتمال حمله على القسم الثاني ( وهو ما تضمن أن المهدي (عليه السلام) من أولاد العباس)،.. لا يستطيع تقييده بإحداهما إلا مع ثبوت المرجع.
وحيث قد ثبت أن الأحاديث التي تضمنت أن المهدي (عجّل الله فرجه) من أولاد العباس موضوعة -ـ كما دلت على ذلك الأدلة مفصلاً والتي بحثت في بابها - تبقى الأحاديث من القسم الأول (وهي التي تضمنت أن المهدي من أولاد أبي طالب (عليه السلام)) غير معارضة، فيقيد بها إطلاق ما قبلها، فيحمل عليها.. فتكون النتيجة: هي أن المهدي من أولاد أبي طالب (عليه السلام).
وهي - اعني الأحداث المتضمنة أن المهدي (عجّل الله فرجه) من أولاد أبي طالب (عليه السلام) - تنقسم إلى طوائف أيضاً هي:
1- المهدي من آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
2- من العترة (عليهم السلام).
3- من أهل البيت (عليهم السلام).
4- من ذوي القربى (عليهم السلام).
5- من الذرية.
6- من أولاد علي (عليه السلام).
7- من أولاد فاطمة (عليها السلام).
والأخيرة - في هذا السباق - تقيد ما قبلها فتحمل عليها وهي تنقسم إلى طائفتين هما:
أ‌- المهدي (عجّل الله فرجه) من أولاد الإمام الحسن (عليه السلام).
ب- المهدي (عجّل الله فرجه) من أولاد الحسين (عليه السلام).
وهنا نعود فنقول: نظراً لتكافل الاحتمالين (احتمال حمل المطلق على القسم الأول، واحتمال حمله على القسم الثاني)، لا يمكن حمل المطلق المتقدم على إحداهما من غير مرجح.
ولما كانت الأحاديث المتضمنة أن المهدي (عجّل الله فرجه) من أولاد الحسن (عليه السلام) موضوعة، لما يشابه العوامل السياسية التي حملت بني العباس على وضع أحاديث المهدي (عجّل الله فرجه) من أولاد العباس، يحمل المطلق المتقدم على القسم الثاني، فيقيد بها.. فتكون النتيجة: الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) من أولاد الإمام الحسين (عليه السلام).
ولا أقل من أن أحاديث القسم الأول لضعفها وقلتها، لا تقوى على مناهضة أحاديث القسم الثاني لصحتها وكثرتها.
وتنقسم الطائفة الأخيرة منها إلى طوائف هي:
1- المهدي (عجّل الله فرجه) من أولاد الإمام الصادق (عليه السلام).
2- من أولاد الإمام الرضا (عليه السلام).
3- من أولاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).
وشأن هذه الطوائف الأربع الأخيرة، في حمل المطلق منها على المقيد، شأن ما تقدمها من طوائف.
النتيجة:
وفي النهاية تكون النتيجة الأخيرة هي:
الإمام المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه)، هو: (ابن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)).

البحوث والمقالات : ٢٠١٣/٠٦/٠٥ : ٣.٧ K : ٠
: الشيخ عبد الهادي الفضلي
التعليقات:
لا توجد تعليقات.