البحوث والمقالات

(٣٢٣) الشرعية والإنجاز في الدولة المهدوية

الشرعية والإنجاز في الدولة المهدوية

الشيخ حسين عبد الرضا الأسدي

لا يختلف اثنان اليوم في ضرورة وجود الدولة، بما تعنيه تلك الدولة من وجود قيادة، هذه القيادة لها حق التشريع والتنفيذ، وعليها حق الحماية والعيش الكريم.
ولا يتصور وجود مجتمع من دون قيادة وحماية، اللّهم إلّا إذا كان مجتمع غاب.
وحتى تأخذ الدولة دورها في نفوس رعاياها يجب أن تتوفر على صفتين أساسيتين، هما: الشرعية والإنجاز.
أمّا في جانب الشرعية، فقد اخترعت المجتمعات البشرية على طول خط وجودها أساليب متعددة لاكتساب الشرعية، كالانتخابات والشورى والقوة والبطش والانقلابات العسكرية، ولكنها لم تعرف أسلوباً أرقى من التنصيب الإلهي السماوي، كونه صادراً من العالم بالخفيات والمستقبليات، وهو خال من الجور والمحاباة.
وأمّا في جانب الإنجازات، فلم تشهد الدنيا إلى اليوم مجتمعاً راضٍ تمام الرضا عن إنجازات دولته، لأنه مهما كثرت الإنجازات فلابد أن يكون هناك خلل ما، ولابد أن تكون طموحات الأفراد أكثر مما وصلت إليه، وكأن لسان حالهم يقول: يا ليت ما كان، كان أفضل!
وأظن أن أشد خلل شهدته المجتمعات ولا زالت هو خلل الطبقية التي أفرزت طبقات فاحشة الغنى، وأخرى تحت مستوى سطح البحر!
إلّا أن البشرية - كل البشرية - وباعتراف كل الديانات ستشهد يوماً دولة تمثل القمة في الشرعية والإنجاز، إنّها دولة المهدي (عجّل الله فرجه) أو المصلح أو المنقذ أو المخلص، ما شئت فعبر، فحسنك واحدُ!
إنها دولة قد اكتسبت شرعيتها بالتنصيب الإلهي يوم قال تعالى: ﴿وَنُريدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثينَ﴾ ويوم جعل الله تعالى المهدي مهدياً، ولذلك تجد الروايات الشريفة تحكي لنا أن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) يوم يخرج مسنداً ظهره إلى الكعبة يصرح بشرعيته المستمدة من رسالات السماء وشرائع الأنبياء، كما روي في الغيبة للنعماني - ص١٨٧-١٨٨: قال أبو جعفر (عليه السلام): «والله لكأني أنظر إليه وقد أسند ظهره إلى الحجر فينشد الله حقه، ثم يقول: يا أيها الناس، من يحاجني في الله فأنا أولى الناس بالله. أيها الناس، من يحاجني في آدم فأنا أولى الناس بآدم. أيها الناس، من يحاجني في نوح فأنا أولى الناس بنوح. أيها الناس، من يحاجني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم. أيها الناس، من يحاجني في موسى فأنا أولى الناس بموسى. أيها الناس، من يحاجني في عيسى فأنا أولى الناس بعيسى. أيها الناس، من يحاجني في محمد فأنا أولى الناس بمحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم). أيها الناس، من يحاجني في كتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله...».
إنها دولة ستشهد إنجازات على جميع المستويات، فالعلوم تتطور، والعقول تتكامل، والناس والحيوانات ستتفاهم، والطبقية ستنعدم، والأمن والعدل سيعم، والرفاه سيدوم، والأرض ستخضرّ، والسماء ستمطر، والكنوز ستظهر.
هناك، حيث يعم النور المهدوي الأرض والسماء، وسيفرح بظهوره سكان الأرض والسماء.
هناك، ستكون دولة الحق تشريعاً وإنجازاً.
وهناك، سيعم الإسلام الأرض، وسيظهر على الدين كله ولو كره الكافرون.

البحوث والمقالات : ٢٠١٣/٠٦/٣٠ : ٣.٧ K : ٠
: الشيخ حسين عبد الرضا الأسدي
التعليقات:
لا توجد تعليقات.