البحوث والمقالات

(٣٣١) المنهج في معرفة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)

المنهج في معرفة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)

السيد حسين الحكيم

إذا أردنا أنْ نؤسس لمنهج علمي في بحث موضوع الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وخصائص الطريقة والأسلوب العلمي التي يمكن من خلالها أنْ نكون منطقيين في بحثنا، ولا نستغرق مع التخيلات والأوهام والطموحات، فسنجد أنّ الطموحات البشرية هي التي تدفع وتضغط باتجاه هذا الحلم، وأن محاولات الحصول على شيء من الأمل يمكن أنْ يعبّئ ويلبّي هذه الحاجة ولو على مستوى التلبية النفسية للواقعة، إنّ العالم كلّه بما يعيشه من مظاهر للشقاء وبما يعاني من ظلم وعدوان عنده طموح كبير باتجاه السعادة وباتجاه العدالة، وهذه السعادة يمكن أنْ تقترن بالعدالة مع أنّ لكلّ منهما خصوصياته.
إنّ البشرية مثل ما تطمح إلى سعادتها، فهي في نفس الوقت عندها طموح للعدالة، وهذه من الأمور التي بطبيعتها مركوزة ومفطور عليها الإنسان، فقد خلق الله (سبحانه وتعالى) البشرية بهذا الشكل، وأننا نجد الاتجاه العالمي اليوم يتطلَّع وينتظر ويترقّب ويتوقع ظهور الإمام (عجّل الله فرجه)، ذلك لأن ضغط الظلم والشقاء عليه كبير جداً حتّى هذه التطورات التقنية في العالم لم تتمكن من أنْ تصل بالإنسان إلى السعادة، فلو نلاحظ لوجدنا كثيراً من الإحصائيات الاجتماعية، بل حتّى النفسية في العالم، أنها تضجّ بمظاهر كثيرة من الإحساس بالشقاء، مثل كثرة حالات الانتحار على المستوى الفردي، وكثرة الطلاق وانهدام عرى البنية الأساسية للمجتمع، الصراعات البشرية، الحروب، وما إلى ذلك من الأمور، وكلّها تعبّر عن مستوى غير طبيعي من الشقاء تعيشه البشرية اليوم، وهذا الأمر يجعل الإنسان بشكل طبيعي يتطلع باتجاه أن يصل إلى فكرة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وإلى تحقيقها، وكذلك إحساس الإنسان بالظلم، وتفشّيه في أوساط الأرض، حيث عاش العالم حالة الأقطاب المتصارعة فيما بينها، ونزفت دماء غزيرة بالتقنية التي تتمثّل بالأسلحة التي كانت تنتج في الأقطار المتصارعة، بعدما تبلور فيها قطبان، وبعدما تحولت إلى حالة القطب الواحد، حيث نجد أن الإنسان بطبيعته ميّالاً إلى الظلم، فكلما تكون القدرة عنده أكثر تتجه هذه القدرة باتجاه الظلم.
ولكن مع كلّ ذلك نجد أنّ في البشرية انطلاقاً كبيراً باتجاه صيحات ونداءات وشعارات وبرامج يراد منها تحقيق الإصلاح، وكلّها تتضمن أن هناك مصلحاً، مع أن من البشر يطرحون أنفسهم على أنهم هم تجسيد ذلك المصلح الذي تنتظره البشرية بجامعها، فلهذا إذا أردنا أنْ ندخل في موضوع الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) على أساس مسألة المصلح وأنّه هو المنقذ للبشرية، فإننا ننطلق من هذه المنطلقات التي لا تأخذ الدين والوحي والعلاقة مع السماء والارتباط بالله (عزَّ وجلَّ)، بنظر الاعتبار، وإنما تكتفي بهذا الموضوع لتنطلق باتجاه تأكيد وتأصيل فكرة المصلح في الذهنية البشرية العامة، أمّا إذا أردنا أن ندخل إلى هذا الموضوع من منطلقات دينية، نجد أن المسألة تتبلور أكثر، وتكون واضحة أكثر لأن النص الديني الإسلامي تواترت فيه قضية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، كالنص القرآني الذي هو نص بطبيعته متواتر تحدث عن ﴿أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾، وتحدّث أنه ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾، كذلك النصوص النبوية تحدثت عن شخص محدَّدٌ وصفه، واسمه هو اسم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولقبه المهدي، ويظهر في آخر الزمان، ويكون عيسى (عليه السلام) معه ينصره ويكون أبرز مناصريه، والذي يدين جزء كبير من العالم باحترامه وبتقديسه كنبيٍ مرتبطٍ بالله (سبحانه وتعالى).

البحوث والمقالات : ٢٠١٣/٠٧/٠٢ : ٣.٤ K : ٠
: السيد حسين الحكيم
التعليقات:
لا توجد تعليقات.