(٣٨٦) التمهيد للظهور / انتظار الفرج
التمهيد للظهور/ انتظار الفرج
الدكتورة بشرى العطار
إنّ انتظار الفرج يعني انتظار الدولة الإسلامية المباركة بقيادة وليّ الله الأعظم (عجّل الله فرجه) وكما ورد في الزيارة (وَعَلَيْكَ إلاّ مُتَّكَلاً وَمُعْتَمَداً، وَلِظُهُورِكَ إلاّ مُتَوَقِّعاً وَمُنْتَظِرَاً، وَلِجِهادي بَيْنَ يَدَيْكَ مُتَرَقِّباً).
الانتظار هو فرع الشوق، والشوق فرع المحبة، والمحبة تستلزم المتابعة والطاعة، والقران الكريم يخاطب من يدّعي الحب لله ولا يتّبع رسوله فيقول ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ فالإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في زمان الغيبة له عناية ببعض محبّيه المنتظرين له، فهؤلاء بالنسبة لهم لا يفرق زمان الظهور عن زمان ما قبل الظهور لأنّهم يستشعرون وجوده (عجّل الله فرجه) دائماً.
إنّ المنتظر الحقيقي هو الذي يكون على أهبة الاستعداد ليلبّي نداء الإمام الحجّة (عجّل الله فرجه) حين يأذن الله له بالظهور، وها هو إمامنا الصادق (عليه السلام) يقول: من سرّه أن يكون من أصحاب القائم (عليه السلام) فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر.
انتظار الفرج يخالف تماما مفهوم تمنّي الفرج، فالزارع مثلاً يحرث الأرض ويرعاها ثم يبذر البذور ويسقيها، ثم ينتظر المحصول، ونوعية هذا المحصول يتناسب طرديا مع مقدار الجهد الذي بذله الزارع. وكذلك الإنسان الرسالي بتورعه عن محارم الله وانتهاجه لسيرة نبي الرحمة (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأهل بيته (عليهم السلام) يكون قد هيّأ التربة الصالحة لمنقذ البشرية (الحجة (عجّل الله فرجه)) ليقيم دولته المباركة.
الإنسان الذي يحمل همّ الرسالة وهمّ الدين يعبّر عن مستوى راق من التفكير والمسؤولية فهو يعيش هذا الهمّ ويعيش الضيق، لعدم ظهور الإمام (عجّل الله فرجه) (عزيز عليّ أن أرى الخلق ولا ترى) هذه العبارة لسان حال كل متألّم يعيش محنة الغيبة.
هناك صنف من الناس لا يهمّه سوى زوجته وعياله فإذا كانوا بخير فالإسلام على خير ﴿رَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا﴾ فهكذا أناس لا يعيشون انتظار الفرج، وهكذا صنف من الناس لا يريدهم الإمام (عجّل الله فرجه) في دولته، أمّا الذي يبقى في خط الولاية وخط الانتظار فهم من سيحظى بشفاعة الإمام (عجّل الله فرجه)، لذا علينا أن نوصل حبالنا به (عجّل الله فرجه) في عالم المحبة والاعتقاد والموالاة، فكلما زاد الإنسان قرباً من وليّ أمره زاد قرباً من الله (عزَّ وجل) وإنه (عجّل الله فرجه) له عناية خاصة ببعض محبيه والمنتظرين له، فهؤلاء بالنسبة لهم لا يفرق زمان الظهور عن زمان ما قبل الظهور لأنهم يستشعرون حضور الإمام (عجّل الله فرجه) في كل وقت من حياتهم، ومصداق ذلك قول الإمام العسكري (عليه السلام) لولده الحجة (عجّل الله فرجه): واعلم أنّ قلوب أهل الطاعة والإخلاص نزّع إليك مثل الطير إذا أمّت أوكارها.
إنّ الناس ينتظرون الإمام (عجّل الله فرجه) والإمام (عجّل الله فرجه) ينتظرهم، وانتظار الإمام (عجّل الله فرجه) لنا هو الذي يجب أن يحركّنا في الحياة، فمما لا شك فيه أنّ الإمام لو أراد أن يخرج خروجاً إعجازياً معتمداً على قوى ما وراء الطبيعة لآثر أن يخرج منذ ولد (عجّل الله فرجه) ولكن انتظار خروجه يتوقف على عناصر مادّية في حياة الأمة والفرد بصورة خاصة.