(٤١٢) الأوضاع قبيل الظهور / التدهور الأخلاقي
الأوضاع قبيل الظهور/التدهور الأخلاقي
الشيخ مجيد الصائغ
يشهد العالم بأسره قبيل ظهور الإمام (عجّل الله فرجه) الكثير من التغيرات الملموسة والملفتة للانتباه وعلى جميع الأصعدة، وكلها تشكل مؤشرات على قرب ظهوره المبارك.
إن تلك الأوضاع التي تبدأ بالتدهور شيئاً فشيئاً لتزداد الأمور سوءاً وتعقيداً أكثر فأكثر، ويكون لها أعظم الأثر في شد الناس نحو المنقذ، ولفت انتباه البشرية إلى أنه لابد من يوم الخلاص اليوم الذي تملأ فيه الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجورا، حينما تضيق السبل الحديث بكل إمكاناته وما وصل إليه من التطور والرُقي، حينما يقف عاجزا أمام حل مشاكل الناس، ويعجز عن تسيير الحياة بعجلتها المسرعة على الاتجاه الصحيح، حينها لابدّ أن يبحث الجميع عن الحل.
وهنا تبرز فكرة المنقذ في أذهان الجميع، تلك الفكرة التي أجمع العالم بدياناته واتجاهاته العقائدية كافة على الإيمان بها، وإن اختلفوا في التفاصيل إلاّ أن أصل الفكرة واحد، وهو أن العالم بحاجة إلى منقذ، وأنه آت لا محالة.
ولعل ما نعيشه اليوم - ولا نريد أن نوقّت - إذ أن الوقت علمه عند الله - ولكن من باب الأمل والترجي وانتظار الفرج - هو بوادر ومقدمات ظهوره المبارك وهذا ما نستفيده من روايات أهل البيت (عليه السلام) التي نرى في انطباقها على هذا الزمن مجالاً واسعاً مع بقاء الأمر في دائرة الاحتمال لا الجزم والقطع.
فإذا تردّى الوضع الديني، كذلك يتردى الوضع الأخلاقي للصلة الوثيقة فيما بينهما، ومن أبرز سمات أوضاع الناس في آخر الزمان هو الانهيار الخلقي والابتعاد عن المثل الأخلاقية والمبادئ السامية فينتقل المجتمع من الحالة الإنسانية بما تحمله من عواطف وصلات وتراحم ومودة إلى شريعة الغاب وإتباع الشهوات والميولات وانتهاك الحرمات وتفشي الرذائل والمفاسد والقسوة، ومن أبرز معالم تلك الحقبة:
قسوة القلوب: يقول القران الكريم: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾.
نعم هكذا سيكون الناس في آخر الزمان، قلوب قاسية لا تعرف معنى للرحمة أو الرحم.
وقد ورد عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال: إن الساعة لا تقوم حتى يدخل الرجل على ذي رحمه يسأله برحمه فلا يطيعه والجار على جاره يسأله بجواره فلا يطيعه.
وعنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم): فلا الكبير يرحم الصغير ولا القوي يرحم الضعيف فحينئذٍ يأذن الله له (عليه السلام) بالخروج.
والذي يرجع إلى الروايات يجد أن الكثير منها ورد فيه تأويل (الساعة) بظهور الإمام (عجّل الله فرجه).
وقد يكون أعظم ابتلاء يبتلى به الناس قبل الظهور هو الانحراف الجنسي الذي هو أبشع صور الانحرافات الأخلاقية، والذي يظهر من الروايات أنه في زمان ما قبل الظهور، ونتيجةً لكثرة تلك الانحرافات وانتشار الفساد والفاحشة، يرى الناس تلك الأمور مسألة طبيعية وحالة اعتيادية، ولو أن أحدهم أعترض فهو يعترض على أسلوب وطريقة القيام بذلك الانحراف لا على أصله، وما ذلك إلا للابتعاد عن آداب الإسلام وتعاليمه السامية ومحاولة التشبه بالغرب واقتفاء أثرهم خطوة بخطوة.
فقد ورد عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال: والذي نفس محمد بيده لا تفنى هذه الأمة حتى يقوم الرجل الى المرأة فيفترشها في الطريق فيكون خيارهم يومئذٍ من يقول: لو واريتها وراء هذا الحائط.
وعنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أيضاً قال: لا تقوم الساعة حتى تُؤخذ المرأة نهاراً جهاراً في وسط الطريق تنكح لا ينكر ذلك أحد ولا يغيره فيكون أمثلهم يومئذٍ من يقول: لو نحيتها عن الطريق قليلاً.
وعنه أيضاً قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): يتهارجون في الطريق تهارج البهائم ثم يقوم أحدهم بأمهِ وأخته وابنته فينكحها في وسط الطريق يقوم واحد عنها وينزو عليها الآخر ولا ينكر ولا يغير فأفضلهم يومئذٍ من يقول: لو تنحيتم عن الطريق كان أحسن.
وتتنوع الانحرافات حتى تصل إلى ما يسمى اليوم بالزواج المثلي. زواج الرجل من الرجل وزواج المرأة من المرأة.
فعن الإمام الصادق (عليه السلام): يزف الرجال للرجال كما تزف المرأة لزوجها.
وقال (عليه السلام): يتمشط الرجل كما تتمشط المرأة لزوجها ويعطى الرجال الأموال على فروجهم ويتنافس في الرجل ويغار عليه من الرجال ويبذل في سبيله النفس والمال.
ويسأل محمد بن مسلم الإمام الباقر (عليه السلام) قائلاً: يا ابن رسول الله، متى يخرج قائمكم؟ قال (عليه السلام): إذا تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء.
وعن الإمام الصادق (عليه السلام): إذا صار الغلام يعطى كما تعطى المرأة ويعطي قفاه لمن أبتغى.
نعم الى تلك المرحلة يصل مستوى الانحراف والشذوذ.
وفي ذلك الزمان أيضاً يقول الإمام الصادق (عليه السلام): تكون معيشة الرجل من دبره ومعيشة المرأة من فرجها.
وقال (عليه السلام): يغار على الغلام كما يغار على الجارية في بيت أهلها.
إن مجتمع آخر الزمان تطغى عليه الصبغة النسائية تكثر فيه النساء ويقل عدد الرجال بشكل ملحوظ وربما يكون ذلك من آثار تردّي الوضع الأمني وكثرة الحروب والنزاعات والصراعات الداخلية والخارجية، وإذا صار ذلك يترك أثراً على الجانب الأخلاقي بشكل واضح لما للمرأة من تأثير بالمجتمع.
وقد ورد عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال: لا تقوم الساعة حتى يتبع الرجل قريب من ثلاثين امرأة كلهن تقول انكحني انكحني.
وعن أنس قال: ألا أحدثكم بحديث من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: يذهب الرجال ويبقى النساء.
وعن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال: يميز الله أولياءهُ وأصفياءهُ حتى يطهّر الأرض من المنافقين والضالين وأبناء الضالين حتى تلتقي بالرجل يومئذٍ خمسون، هذه تقول: يا عبد الله اشترني وهذه تقول: يا عبد الله آوني.