(٤٦٨) شرح زيارة آل ياسين (١٠)
شرح زيارة آل ياسين (10)
الشيخ حميد عبد الجليل الوائلي
ما زال الحديث متواصلاً وشرح فقرات الزيارة المهدوية المباركة، زيارة آل ياسين، وقد وصل بنا الحديث إلى شرح فقرة (السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَعْدَ اللهِ الَّذِي ضَمِنَهُ).
تحدّث القرآن الكريم عن وعد الله سبحانه وتعالى ووعيده، وتميّز الوعد عن الوعيد بأنْ وعد الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين، وأنّ وعيده لعباده العاصين، واصفاً الوعد بانه لا يخلف، وانّه حق وانّه مسؤول ومفعول، وواصفاً بعض أنبيائه كإسماعيل (عليه السلام) بأنّه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيّاً.
وهذا المقطع من الزيارة المباركة يضيف لأسماء الإمام (عجّل الله فرجه) وألقابه الشريفة صفة وعد الله، فالإمام (عجّل الله فرجه) هو وعد الله، وبدلالة الآيات الكريمة والمتحدثة عن أنّ وعد الله حق ومفعول ومأتيّ، وانّه لا يخلف فيستفاد أنّ ظهور الإمام وقيامه ووجوده وحياته وكل ما يترتب عليه من إظهار للحق وطمس للباطل، فهو حقّ ولابدّ أنْ يحصل، لأنّ هذا الوعد وعد مسؤول فلابدّ أنْ يكون في يوم ما مفعولاً ومنجزاً وصائراً على أرض التحقق والتطبيق، ومن هنا جاء تساؤل بعض أصحاب الأئمة (عليهم السلام) عندما حدّثهم الإمام (عجّل الله فرجه) عن البداء وأنّه يحصل في كل شيء حتى ذكر الإمام (عجّل الله فرجه) أنّ السفياني رغم أنّه علامة حتمية إلاّ أنّه يمكن أنْ يحصل فيه البداء فخاف بعض الأصحاب من أنْ يتّجه البداء صوب قضية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) ويؤثر على ظهوره وقيامه، فسأل هؤلاء الأصحاب من الإمام (عجّل الله فرجه): فنخاف أنْ يبدو لله في القائم. فقال أبو جعفر (عليه السلام): إنّ القائم من الميعاد، والله لا يخلف الميعاد. وهذه الحقيقة في كون الإمام (عجّل الله فرجه) وعداً إلهياً وميعاداً لا يخلف أكّدته الزيارة المباركة وأكّدت بتأكيدات أخرى على حقيقة هذه الحالة في كون الإمام (عجّل الله فرجه) قضية مفروغاً منها ولأبديّة لا تقبل التشكيك أو الترديد أو البداء، فبمقتضى الآيات التي تتحدث عن كون وعد الله سبحانه وتعالى لا يخلف، وأنه مأتي، تأتي الزيارة المباركة لتضيف شيئاً جديداً على هذه الحقيقة المهدوية.
ولنسلّط الضوء بشكل مجمل على جانبين من جوانب الوعد الإلهي، الأول منهما في كون هذا الوعد مسؤولاً وهي تحتمل معنيين أحدهما أنّ الممثل لهذا الوعد الإلهي وهو الإمام (عجّل الله فرجه) مسؤول عما أنيط به من وظائف بتحقيق العدل ونشره ورفع الظلم وطمسه، وثانيها في أنّ الناس مسؤولون تجاه هذا الوعد الإلهي بجملة من التكاليف التي ينبغي عليهم التلبس بها تسهيلاً لتحقيقه وفتحاً لمجال حصوله من التزام بالقوانين الشرعية وتهيئة للأرضية المناسبة لممارسة الإمام (عجّل الله فرجه) الذي هو وعد الله لمهامه على مستواها الفكري أو الميداني.
والبعد الثاني في أحاديث القرآن عن الوعد الإلهي في كونه حقاً مفعولاً لا يخلف، وهذا يبيّن جانباً آخر من حقيقة الوعد الإلهي وأنّه شيء قطعي وحقاني، فبعد كونه حقاً ومفروغاً منه، وإننا مسؤولون تجاهه، كما أنه مسؤول تجاهنا، لابدّ من أن نلتفت إلى دورنا فنسأل عنه إذا لم نكن نعرفه، ثم يأتي المقطع ليضيف تأكيداً آخر على تأكيد إضافة الوعد المهدوي إلى الله، إنّ هذا الوعد مضمون من قبل الله سبحانه وتعالى وهو تأكيد آخر يضاف إلى جملة التأكيدات القرآنية للوعد. حيث قرن المقطع الآنف الذكر بين الوعد وبين ضمان الوعد تأكيداً.