البحوث والمقالات

(٤٨٠) الإمام المنقذ (عجّل الله فرجه) وظروف غيبته

الإمام المنقذ (عجّل الله فرجه) وظروف غيبته

السيد هادي عيسى الحكيم

إذا أراد الله أمراً هيّأ له أسبابه التي تؤدي إلى أنْ يكون في حيّز التنفيذ وعلى ساحة التطبيق، وقد شاء الله تعالى وفي مسيرة مشروعه المقدس، مشروع رسالة الرحمة وسلسلة الإمامة المحمدية بجميع حلقاتها، ومنها إمامة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) تكون إمامة هذا الإمام وإلى أنْ يأذن الله له بالظهور ليست علنية بل سرية، لما كان من الظروف في وقتها، والله أعلم بما كان وبما سيكون، فقد كان الخوف على حياة الإمام من تربّص الحكّام، وخاصة حكام بني العباس وما فعلوه من متابعة لجواري أبيه الحسن العسكري (عليه السلام) وسجنهن.
وهكذا كان، احتياطات وضعت من قبل أولياء الله في أرضه، أئمة آل محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في التمهيد والتحضير لأنْ تكون فترة ولادة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وقبلها حمل المباركة والدته محاطة بالكتمان، كما بدأ بذلك التمهيد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تخطاه إلى أنْ تكون ولادته المباركة في النصف من شعبان عام 255 للهجرة سرية أيضاً بل غاية في السرية.
بعدها عاش الإمام خمس سنوات في ظل رعاية أبيه الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) ونهل من روحانيته مؤيداً بروح القدس، ولكنه كان مختفياً عن الناس لا يراه أحد إلّا خواص الشيعة وبعض مواليه المطّلعين على أمر ولادته، وبعد ذلك تصدّى الإمام لمسؤولية الإمامة بعد استشهاد أبيه سنة (٢٦٠هـ)، والتي منها بدأت الغيبة الصغرى له ولم يكن يظهر لأحد كذلك، وكان أسلوب اتصاله بالخاصة فقط بأسلوب خفي وسري للغاية، فهم واسطة الاتصال بينه وبين باقي الشيعة والمريدين، يلتقون بهم ويعرضون بواسطتهم حاجاتهم للإمام (عجّل الله فرجه) وعن طريقهم فقط يأتي الردّ.
لقد كان طابع هذه اللقاءات إذن السريّة والحذر الشديدين، وهكذا اقتضت الإرادة الإلهية.
وهكذا كانت ظروف الغيبة الصغرى للإمام (عجّل الله فرجه)، وكانت هي فترة النيابة الخاصّة، حيث يتم اتصال الناس بإمام العصر (عجّل الله فرجه) عن طريق أربعة نواب، هم على التوالي:
١- أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري الأسدي من ٢٦٠ إلى ٢٨٠ للهجرة.
٢- محمد بن عثمان بن سعيد العمري من ٢٨٠ إلى ٣٠٥ للهجرة.
٣- أبو القاسم الحسين بن روح النوبختي من ٣٠٥ إلى ٣٢٦ للهجرة.
٤- أبو الحسن علي بن محمد السمري من ٣٢٦ إلى ٣٢٩ للهجرة.
وبنهاية نيابة السمري انتهت الغيبة الصغرى للإمام (عجّل الله فرجه)، وكذلك بوفاة هذا النائب واقتضت إرادة السماء أنْ تبدأ عندها الغيبة الكبرى، وهي مستمرة لحد هذا الوقت أو ما بعده حسبما يشاء الله.
وتبقى ولاية الأئمة (عليهم السلام) في الأرض هي المتصرفة في أسلوب الولاية وطريقتها، فقد أوعز الإمام (عجّل الله فرجه) إلى نائبه الرابع (السمري (رحمه الله)) أنْ لا يوصي إلى نائب بعده، فإنها الغيبة الكبرى، وأنّ غياب الإمام (عجّل الله فرجه) مستمر، وأنّ اتِّباع الناس سيكون لنواب الإمام عامّة، وأنّ أي فقيه عادل يكون صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أنْ يقلدوه، يأخذون منه الفتوى في فروع دينهم ريثما يأذن الله للإمام (عجّل الله فرجه) بالظهور.
وأنّه ولحد هذا الوقت فإنّ المؤمنين ينتظرون الإمام المخلّص، ذلك الإمام الغائب عن الأنظار الحاضر في الحقيقة، خلف الأوصياء والأنبياء، الموعود بوراثة الأرض، المهدي إلى أمرٍ أراده الله خيراً للعالمين جميعاً، الحجة على العباد، حيث لا تخلو الأرض من حجة، فهو حجة الله على العباد جميعاً، وهو بحق صاحب العصر والزمان والموكل به حتى يكون ظهوره المقدّس ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً.

البحوث والمقالات : ٢٠١٣/١٠/٢٣ : ٩.٠ K : ٠
: السيد هادي عيسى الحكيم
التعليقات:
لا توجد تعليقات.