البحوث والمقالات

(٤٩٥) ظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في عقيدة المجتمع الإسلامي

ظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في عقيدة المجتمع الإسلامي

السيد أسد الله الهاشمي الشهيدي

غير خفي على العلماء والمفكرين وأهل العلم بأنّ المهدوية وفكرة ظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في آخر الزمان تعد من الأمور الإسلامية الخطيرة, ومن الاعتقادات القطعية لعموم المسلمين - شيعة وسنة - خلال قرون وعصور متمادية, حيث اجمعوا عليها والتزموا بها.
لكن بعض الجهال أو المعاندين حاولوا حصرها بالشيعة فقط, مع أنّ الحقيقة هي أنّها لا تختص بهم, بل هي عقيدة يتفق عليها جميع المسلمين والفرق الإسلامية, بل حتى الوهابية تعدّها جزءاً من عقائدها المسلّمة وتدافع عنها وتعتبر التصديق بها واجباً على كل مسلم, وانّ المنكر لها ليس إلا جاهلاً أو صاحب بدعة.
وملخص الكلام: أن ما يستفاد من المصادر الروائية المعتبرة للشيعة والسنة هو أنّ الاعتقاد بالمهدوية وظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) من ضروريات الدين الإسلامي, ومنكرها كافر. وعليه: فعموم الأمّة الإسلامية تعتقد بظهور رجل من أهل بيت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) ومن ذرية فاطمة (عليها السلام) يستولي على كل بلدان العالم ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً.
المهدوية وعقيدة ظهور الموعود (عجّل الله فرجه) في رأي المسلمين اعتقاد عميق، ومن أهم معتقدات الشريعة الإسلامية. وهذه الفكرة من الاعتقادات الأساسية في الإسلام سيما في الوسط الشيعي, لم يشبها تردد ولا شك.
فغالب المسلمين - وخاصة الشيعة- يعتقدون بظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، ويعتبرون ذلك من ضروريات الدين والمذهب, وقد بلغت الأخبار والروايات المختصة بحضرته حد التواتر عن طريق السنة والشيعة.
إن عموم المسلمين يعتقدون بظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) الموصوف في الروايات بأوصاف كـ(القرشي, الهاشمي, الفاطمي, العلوي, والحسني, الحسيني), وجاءت البشائر بظهوره (عجّل الله فرجه) على لسان نبي الإسلام العظيم (صلّى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الطاهرين (عليهم السلام) موضحين أن أمره (عجّل الله فرجه) من الأمور الحتمية المسلم بها.
وعموم المسلمين يعتقدون أنّ ظهور الإمام (عجّل الله فرجه) في آخر الزمان هو وعد الله الحتمي, وبشائر ظهور ذلك الموعود العالمي في القرآن الكريم والروايات الكثيرة صريحة وواضحة, يعتقد عموم المسلمين على أساسها بأنه سوف يظهر رجل من أهل البيت (عليهم السلام) في آخر الزمان يؤيد الدين وينشر العدل - رغم أنوف أعداء الدين والإنسانية - ويسيطر على جميع البلاد.
ففي زمانه (عجّل الله فرجه) يعم الإسلام المعمورة, ويملؤها العدل, وتهتز راية التوحيد في جميع أرجائها, لا يبقى دين سوى الإسلام, يكون نظاماً عالمياً على أساس الإيمان بالله والأحكام الإسلامية, ويسود العالم دين واحد وقانون واحد ونظام واحد وقائد واحد, ويعم الصلح والصفاء الكرة الأرضية، وينتصر الحق والعدل, وينطمس الظلم وينتهي, إذ حين يعم العالم الظلم والفساد وتتسلط عليه الحكومات الظالمة بمقاييس غير عادلة, يستوجب اللطف والرحمة الإلهية ظهور المهدي الموعود (عجّل الله فرجه)، ويصبح ظهوره ضرورة من الضروريات الحتمية التي لابد منها.
نعم, أيها القارئ الكريم يعتقد عموم المسلمين بظهور المهدي (عجّل الله فرجه) ويعتبرونه أمراً محتوماً مسلّماً لاشك فيه, ولا أثر لكفر الكافرين وعناد المعاندين في تحقق إرادة الله ومشيئته فيه، ولهذا نرى أن المنتظرين يتشوقون لسماع بشرى ظهور المنجي الموعود، نداؤه يملأ العالم ويسمعونه ويستجيبون له مسرعين.
لقد أفصحت المصادر الشيعية والسنية المعتبرة عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) المنتظر, قائم آل محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) صاحب الأمر, صاحب الزمان, العادل, بقية الله, صاحب السيف, مظهر الدين, الخلف الصالح, الباعث, الوارث, الصاحب, الخالص, صاحب الدار, المأمول, المؤمل (أمل المستقبل) النائب, البرهان, الباسط, الثائر, المنتقم, السيد، (جابر اعوجاج الدين) الخازن (خازن العلوم الإلهية), أمير الأمراء, سيد العالمين, الإمام المنتظر لإقامة حكومة العدل الإلهي).
أبوه: معدن العلم الإلهي, الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).
وأمه: السيدة نرجس خاتون, من بيت شامخ وعائلة جليلة مرموقة, لم تلد غيره (عجّل الله فرجه).
ولد في منتصف شعبان سنة خمسين ومائتين (255هـ - ق), في مدينة سامراء عاصمة العباسيين آنذاك وهو سمي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) وكنيته.
أُخفيت ولادته المباركة واسمه وشمائله وصفاته عن الأعداء, لأنّ جهاز الخلافة الظالم جدّ في العثور عليه (عجّل الله فرجه)، وكرّس قواه حول بيت الإمام الحسن العسكري (عليه السلام), واستعمل عشرات الجواسيس, وجعل على أهل البيت (عليهم السلام) عيوناً ترقبهم ليعلم مولد بقية الله (عجّل الله فرجه) ويطفئ نوره, ولكن شاءت مشيئة الله تعالى أنْ يحفظ حجته من الأعداء.
بعد استشهاد والده العظيم الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في ليلة الثامن من ربيع الأول سنة 260هـ تحمل أعباء الإمامة, وأختار الغيبة بأمر الحكيم المتعال (جل جلاله).

البحوث والمقالات : ٢٠١٣/١٢/٠٢ : ٣.٤ K : ٠
: السيد أسد الله الهاشمي الشهيدي
التعليقات:
لا توجد تعليقات.