البحوث والمقالات

(٥١٥) المهدي الموعود (عجّل الله فرجه) برواية المصادر الحديثية لأهل السنة

المهدي الموعود (عجّل الله فرجه) برواية المصادر الحديثية لأهل السنة

عبد الجبار آخوند الميرابي

أهل السنة مجمعون على ظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في وقت وشيك، ويعتقدون بتواتر الأخبار الدالة على ظهوره, كما أنه باعتقادهم يجب تصديقه ومساعدته عند الظهور، إذ أن الذين رووا الأخبار والأحاديث المتعلقة بالظهور هم من أجلاّء الصحابة كعلي (عليه السلام) وأم سلمة (رحمها الله) وأبو سعيد الخدري (رحمه الله) وثوبان (رحمه الله)، كما أنه تم استخراج الأحاديث على أيدي المحدثين الكبار، كأبي داود والترمذي وابن ماجه والطبراني وأحمد بن حنبل.
إنّ العلامة محمد عبد العزيز في كتابه (نبراس) في شرح العقائد النسفية يقول: تواترت الأحاديث في خروج الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، وأفردها بعض العلماء, وملخصها انه من أهل بيت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) وأنه يملك الأرض ويملأها بالعدل بعد ما ملئت بالجور وإنه يلاقي عيسى (عليه السلام)، وبالجملة فالتصديق بخروجه واجب.
إن ظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) لا يقتصر في كتب مذهب دون سواه من المذاهب الإسلامية، وإنما الأحاديث والأخبار الدالة على ظهوره لدى المسلمين كلهم كثيرة جداً بمن فيهم علماء أهل السنة من المفسرين والمحدثين والمؤرخين والنسابين ومؤلفي كتب المناقب، وكذلك الأدباء وأهل اللغة، ومؤلفي المجاميع، وأصحاب الكشف والعرفان، والشعراء، وحتى مؤلفي كتب الجغرافيا والبلدان والموسوعات: كل هؤلاء قاموا بذكر ونقل الأحاديث والموضوعات المعنية بظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في مختلف كتبهم.
إنّ كتب أهل السنة التي تتناول ذكر ونقل الأحاديث المتعلقة بظهوره عليه السلام تبلغ أربعين كتاباً على ما حققت فيها وعلى سبيل المثال نذكر بعضها الكتب (الرسالة) للإمام الشافعي - (المسند) لأحمد بن حنبل - (صحيح البخاري) - (صحيح مسلم) - (سنن ابن ماجة) - (سنن أبي داود) - (جامع الترمذي) - (مفاتيح الغيب) لفخر الدين الرازي - (جامع الأصول) لأبن الأثير - (الفتوحات المكية) لمحي الدين العربي - (تذكرة خواص الأمة) لابن الجوزي - (الجامع الصغير) لجلال الدين السيوطي - (المنار) لمحمد عبده - (الصواعق المحرقة) لابن حجر الهيتمي و...الخ.
إنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) بشر بظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في آخر الزمان وذكر خصاله وشمائله في قوله: (لو لم يبق من الدنيا الا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلاً من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه أبي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.
أما تصريحات علماء أهل السنة: فهي كما يأتي:
1- ابن حجر الهيتمي الشافعي: لقد تواترت الأخبار على أنّ المهدي من هذه الأمّة وأن عيسى (عليه السلام) سينزل من السماء فيقتدي في صلواته بالمهدي (عليه السلام).
2- الشيخ عبد الحق الدهلوي: وردت الروايات العديدة المتواترة على أنّ المهدي من أهل بيت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) وذرية فاطمة (عليها السلام).
3- أبو الفوز محمد أمين البغدادي: اتفق العلماء على أنّ المهدي هو قائم آخر الزمان وانّه سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً. وهناك الكثير من الأحاديث المعنية بالمهدي وبظهوره.
4- الشيخ منصور علي الناصف: وفيه حول الخليفة المهدي قد اشتهر بين العلماء من المتقدمين والمتأخرين انه سيظهر لا محالة في آخر الزمان رجل من أهل بيت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) يسمى مهدياً ويسيطر على البلدان الإسلامية جمعاء فيتبعه المسلمون كافة: يعامل الناس بالعدل كما أنه سبب لتعزيز دين الله: وحينئذ يظهر الدجال وفينزل عيسى المسيح من السماء ويعاون المهدي في قتل الدجال ويقتلونه.
5- الشيخ محمد عبده: مما يعرفه الخاصة والعامة من الناس أنه قد ورد في الأخبار والأحاديث - عند عد علامات الساعة - أن رجلاً يسمى بالمهدي سيخرج من أهل بيت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت جوراً وظلماً. وفي آخر أيامه ينزل عيسى بن مريم (عليه السلام) من السماء فيلغي الجزية ويقوم بكسر الصليب وقتل الدجال.
المهدي (عجّل الله فرجه) في تفاسير علماء أهل السنة:
حيث فسّرت التفاسير الموثقة لدى أهل السنة بعض الآيات القرآنية بظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، ونذكر هنا بعضها:
تفسير (غرائب القرآن) لنظام الدين النيسابوري - تفسير (الكشف والبيان) لأبي إسحاق الثعلبي - تفسير (الكشاف) لجار الله الزمخشري - تفسير (كشف الأسرار) لرشيد الدين الميبدي - تفسير (مفاتيح الغيب) لفخر الدين الرازي - تفسير (الدر المنثور) لجلال الدين السيوطي - تفسير (المنار) للشيخ محمد عبده - تفسير (روح البيان) لإسماعيل حقي البرسوي - تفسير (روح المعاني) لشهاب الدين الآلوسي البغدادي - تفسير (الجواهر) للطنطاوي.
نسب المهدي (عجّل الله فرجه):
كما ذكرنا آنفاً إن اتباع المذاهب الإسلامية بأسرهم يعتقدون بأنّ المهدي من أهل بيت الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) ومن أبناء فاطمة (عليها السلام) بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) الكريمة.
جاء في حديث نقل عن أبي سعيد الخدري: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) المهدي منّي أجلى الجبهة وأقنى الأنف. وأيضاً ورد عن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم): المهدي رجل من ولدي وجهه كالكوكب الدري.
التزامن مع نزول عيسى (عليه السلام):
مما تم التصريح به في الأحاديث فيما يخص ظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، هو تزامن ظهوره مع نزول عيسى (عليه السلام) من السماء ثم اقتداء عيسى بن مريم (عليه السلام) كأنه يقطر من شعره الماء فيقول له المهدي تقدم صلِ بالناس فيقول إنما أقيمت الصلاة لك، فيصلي خلف رجل من ولدي وهو المهدي.
المهدي (عجّل الله فرجه) والمنتظرون:
من الأصول الاعتقادية والكلامية المشتركة والمجمع عليها عند المذاهب والفرق الإسلامية كافة سواء كان ذلك من الشيعة أو السنة وتواترت الأخبار والأحاديث فيه، إنّما هو القول بظهور رجل من آل الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) وأبناء فاطمة (عليها السلام) بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) في وقت قريب من القيامة وسيملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت جوراً وظلماً، وهو ليس إلا الإمام المهدي الذي سيبني مدينة فاضلة تحسر عليها القدمى وقد مر بالبشرية آلاف السنين وهي بانتظارها بحيث اعتبر النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) الانتظار هذا أفضل العبادات (أفضل العبادة انتظار الفرج).
وسبب ذلك يوضح من خلال الحديث الشريف: إذ إنه وببنائه دولة عالمية سيحقق العدالة الاجتماعية، وسيتم التوزيع العادل للثروة والأمن بكل ما تعنيه الكلمة من المعنى.
وفي ظل جوده وسخاوته ستسود القناعة قلوب الناس بحيث يرغب أكثر الناس حرصاً عن جمع المال والثروة كما يدل عليه الحديث النبوي: (ويملأ الله قلوب أمّة محمد غنى فلا يحتاج أحد إلى أحد).
كذلك يعم الدين الإسلامي وإحكامه أرجاء العالم ويستقر في أنحاء الدنيا, يجري كل الأمور مجرى العدالة والسنة النبوية فلا يبقى مجال للفوضى والحرب وإراقة الدماء كما قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم): يعمل الناس بسنة نبيهم ويلقى الإسلام بجرانه في الأرض.

البحوث والمقالات : ٢٠١٤/٠١/٠٥ : ٤.٠ K : ٠
: عبد الجبار اخوند الميرابي
التعليقات:
لا توجد تعليقات.