البحوث والمقالات

(٥١٧) تكليفنا نحو الإمام (عجّل الله فرجه)

تكليفنا نحو الإمام (عجّل الله فرجه)

السيد نوري البطاط

تقول الرواية إنّ الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) عندما يظهر يضع يده على رؤوس العباد فتكتمل عقولهم، ولكن كيف يضع يده وكيف تكتمل العقول؟ إنّه موضوع آخر، ولكن الرواية موجودة وثابتة، ونقول هنا إذا تم هذا الأمر فهل يرفع التكليف عن الأُمّة في هذه الحالة؟ أي عند وصول الأُمّة إلى مرحلة من مراحل الرشد العقلي.
إنّ التكامل العقلي الموجود شيء والتكاليف الإلهية شيء آخر، نحن نؤمن إيماناً واضحاً جداً أنّ الرسالة التي جاء بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهي رسالة إنسانية بتكاليفها، وأنّ حلال محمد حلال إلى يوم القيام وحرام محمد حرام إلى يوم القيامة لا تبديل لذلك، وهذه مسألة تكليف مهما نضجت العقول ومهما اكتملت، فإنّ الإنسان حينما يكون عقله قاصراً يكون مكلفاً، ولو اكتمل عقله هل يسقط عنه هذا التكليف؟ ونقول إنّه لا علاقة بين هذا وذاك، فالعكس صحيح تماماً، فلو اكتملت العقول لعبدت الله ولقامت بالتكاليف بأفضل ما يمكن أنْ تؤديها، لأنّ طاعة الله وعبادة الله (سبحانه وتعالى) ربما لا يستطيع أيّ إنسان أنْ يصل إليها.
فعندما تكتمل العقول تكتمل المشاعر، وهنا تتَّضح حلاوة العبادة، ويفهم الإنسان قيمة العبادة ويفهم لماذا نعبد، ولماذا نصل إلى الله، ولماذا نصلي لله، لماذا نصوم لله، فالتكليف ربما يتنجز علينا أكثر حينما تكتمل هذه العقول إنْ شاء الله.
إنّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في جلساته، وعندما يحصل نوع من الاضطراب أو عدم الراحة بين الجالسين معه، كان يقول وينادي بلال: «أرحنا يا بلال»، فكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يعتبر العبادة والصلاة راحة من هموم الدنيا.
ولا شك بأنّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كان عقله قمّة، بل كان واصلاً إلى قمة النضج العقلي الموجود، وذلك حال كل أهل البيت (عليهم السلام)، ومع ذلك كان لا ينأى بنفسه إلّا أنْ يأتي بالعبادات بأوج صورها، وبأفضل صورها، لذلك فإن هذا - أي اكتمال العقول - لا يتنافى مع العبادة أبداً.
وفي قضية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) ما هو دورنا التكليفي؟ أي ما هو تكليفنا؟ وما هو دورنا في هذه المسائل؟ نحن نؤمن، وعلماؤنا قالوا في ذلك: إننا نحن المنتَظَرون، والإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هو المنتَظِر لنا، ونحن واجبنا في هذه الغيبة هو العمل بأداء الفرائض وترك المحرمات والعمل بكل ما يرضي الله (سبحانه وتعالى) وتهيئة الأمور نفسياً، وتهيئة الأمور عقائدياً، ومن ناحية أداء هذه الفروض من أجل الانتظار سنكون منتظرين، وكما القاعدة المعروفة التي تقول: اللهم ارزقني يقيناً كيقين المقداد بن الأسود، لازلت واضعاً يدي على مقبض سيفي وأنتظر الأمر، فهي عملية انتظار حقيقي بعد التهيئة بأداء كل الواجبات.
إنّ أفضل الأعمال كما ورد في الحديث: «أفضل أعمال أُمتي هو انتظار الفرج». والمراد من انتظار الفرج هو العمل الحقيقي لفلسفة الإمام، لماذا يخرج الإمام؟ نقول إنّه يخرج ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً، إذن يجب أنْ نبدأ بالتمهيد من أجل إيجاد حالة القسط والعدل، سيأتي الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وغايته تغيير هذه النفوس، فلماذا لا نبدأ فنغير أنفسنا لتكون أنفسنا مهيأة لهذا الأمر؟ فبنفس العمل أيضاً نهيئ أنفسنا ونهيئ العالم من أجل الوصول إلى هذا اليوم.
وهنا نكرر الدعوة لكل الذين يريدون البحث في مسألة الإمام المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه) إلى أنه لماذا تحمّلون الشيعة وتحمّلون الإمامية أقوالاً ربما تستنتجونها من يمين أو شمال، فكتبنا واضحة، رواياتنا واضحة جداً.

البحوث والمقالات : ٢٠١٤/٠١/٠٥ : ٤.٢ K : ٠
: السيد نوري البطاط
التعليقات:
لا توجد تعليقات.