(٥٥٦) انتظار الفرج في الإسلام
انتظار الفرج في الإسلام
السيد أسد الله الهاشمي الشهيدي
المسألة المهمّة التي يفتخر بها المسلمون على طول التاريخ والتي هي جوهر أملهم، خاصة الشيعة، هي مسالة الانتظار، والوعود الإلهية التي لا خلف لها حول مستقبل الإسلام ونصر المؤمنين النهائي والمستضعفين والمحرومين، فمنذ بزوغ فجر الإسلام ومنذ السنوات الأولى لبعثة النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلم) وعد المسلمون بمستقبل مشرق.
اتخذ المسلمون وبالأخص الشيعة، من يوم بعثة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) والى يومنا هذ، بسبب الوعود التي بشّر بها نبي الإسلام الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلم) المسلمين عن طريق آيات القرآن الكريم المباركة، اتخذوا تمام الوعود بجدّ واعتقاد عميق وراسخ، وعلى الرغم من تحمّلهم المصاعب والمصائب في جميع مراحل تاريخ الإسلام المختلفة لم يفقدوا الأمل، ووضعوا هذا الاعتقاد الإسلامي الأصيل نصب أعينهم دائماً.
إنّ عقيدة المسلمين، على أساس نصوص القرآن الكريم الصريحة التي وعدهم بها هي أنّ وفق قانون الخلقة وسنّة الحياة، لابدّ أنْ يسير التاريخ على ضوء السنن الإلهية والوعود الربّانية. فإذا تصرّمت عدّة أيام من الدنيا لصالح الظالمين والمتجاوزين والطالحين فعاقبة حكومة العالم المطلقة ستكون بيد الصالحين والعباد وسيمحق الظالمون والطواغيت والمستكبرون، وأخيراً ستعم العالم أجمع العدالة والأمن الحقيقي على أساس القانون الإلهي.
المسلمون، وكل الشيعة عندهم إيمان راسخ بهذه العقيدة البنّاءة، أنّ الحق أصيل، والباطل عارضي، وكل عارضي يزول، بسهولة أو بصعوبة عاجلاً أم آجل، وفي المستقبل البعيد أو القريب سينتصر الحق وينشر جناحه على كل مكان، شاؤوا أم أبو، وسيزهق الباطل والمبطلون ويقضي عليهم، لأنّ تحقيق الحق والعدل سنّة إلهية وإرادة ووعد إلهي حتمي، والله لا يخلف وعده الذي وعد عباده الصالحين به.
وعلى كل حال: ففي الإسلام والقرآن وعند المسلمين، تعدّ مسالة الانتظار والأمل بالمستقبل وحاكمية الحق المطلق على كل العالم في آخر الزمان واحدة من مسائل الإسلام الحياتية، وقد طرح القرآن الكريم هذه المسالة بعنوان الوعد الإلهي الذي لا يخلف، قاطعا بما للكلمة معنى، وبشّر المسلمين بكامل الصراحة بنصر الإيمان الإسلامي المؤزّر، ومستقبل الدين الطاهر المشرق، ولم يدع لأحد شكّاً وترديداً وإبهاماً.
وفي هذا المجال، وردت آيات كثيرة في القرآن الكريم، نذكر بعضا منها:
1- جاء في الآية 33 من سورة التوبة، حول عالميّة دين الإسلام وغلبته على كل أديان العالم: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُوله بِالْهُدَى وَدِين الْحَقّ لِيُظْهِرهُ عَلَى الدِّين كُلّه وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾.
2- الآية 32 من سورة التوبة تحكي عن إرادة الله تعالى بتكامل نور الإسلام: ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾.
3- الآية 41 من سورة الحج تحكي عن قيادة المؤمنين بالحق، ونظامهم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وان الله تبارك وتعالى وعدهم النصر: ﴿الَّذينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾.
يستفاد من مجموع الآيات التي ذكرت أنّ للعالم يوما يحكمه به الصالحون المؤمنون ويبسطون أيديهم على الدنيا بأسره، وحسب الروايات وبشائر جميع أنبياء الله تبارك وتعالى أنّ ذلك العصر المشرق، والفترة الذهبية التي تنظرها البشرية وجميع المسلمين وشيعة العالم وذلك هو يوم قيام منجي عالم البشرية وزمان عظمة ظهور المهدي الموعود عليه السلام المبارك.
ولقيام هذا المصلح العالمي وموعود القرآن الكريم نتائج أفصحت البشائر عنها في أربعة أركان نذكرها للقارئ الكريم وهي:
1- ستقام حكومة عالمية واحدة عادلة على أساس التوحيد والعبودية لله تعالى بقيادة موعود القرآن، يديرها الصالحون والمؤمنون.
2- تحكم القوانين الإسلامية الرفيعة العالم بأسره، ويسود نظام الحكم الإلهي الكامل.
3- سيزول الرعب والخوف من الناس، ويحل الأمن والاطمئنان في البسيطة.
4- سيعبد الجميع الله ويوحّدونه، ويمحق الاستعباد والعبودية وعبادة الأصنام.