(٦٨١) النفس الزكية
النفس الزكية
السيّد مسعود بور سيّد آقائي
ترجمة: السيد جلال الموسوي
المقدّمة:
يحتلُّ موضوع علامات الظهور مساحةً خاصَّة في أحاديث المعصومين (عليهم السلام)، لذا ينبغي بذل مزيد من الاهتمام في طريق تبيين وتشريح هذا الموضوع، وتنقيحه وتوضيحه.
وقتل النفس الزكية، من جملة العلامات التي أُشير إليها في روايات عديدة، وعدَّته من العلامات الحتمية.
وهذا المقال، محاولة لتبيين الأبعاد المختلفة لهذا الموضوع، استناداً إلى كلمات المعصومين (عليهم السلام)، وحلِّ الإبهامات المطروحة حول القضية.
قتل النفس الزكية من العلامات الحتمية الخمس:
تتحدَّث الروايات الواردة في علائم الظهور عن خمس علامات، من بين مجموعة العلامات، بنحو خاصٍّ ومستقلٍّ. ومن خلال كثرة الروايات(1) الواردة حول هذه العلامات، ومن خلال إفرادها والتطرّق لها بنحو الاستقلال، تنكشف لنا أهمّية هذه العلامات الخمس. ومن خلال التركيز على حتميتها أكثر من غيرها.
وقتل النفس الزكية من جملة هذه العلامات الخمس التي صرَّحت به روايات عديدة صدرت عن المعصومين (عليهم السلام).
يقول الإمام الصادق (عليه السلام)، في حديث معتبر: «خَمْسُ عَلَامَاتٍ قَبْلَ قِيَامِ الْقَائِمِ، الصَّيْحَةُ وَالسُّفْيَانِيُّ وَالخَسْفُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ وَالْيَمَانِي»(2).
وفي رواية أُخرى عن أبي بصير، عن الإمام الصادق (عليه السلام)، قال: «... يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنَّ قُدَّامَ هَذَا الْأَمْرِ خَمْسَ عَلَامَاتٍ أُولَاهُنَّ النِّدَاءُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَخُرُوجُ السُّفْيَانِيِّ، وَخُرُوجُ الخُرَاسَانِيِّ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ، وَخَسْفٌ بِالْبَيْدَاء»(3).
حتمية علامة قتل النفس الزكية:
ومن جملة الخصائص التي ورد ذكرها في قتل النفس الزكية، وأهمّية هذه العلامة، حتميتُها. فقد ذكرت الروايات المتعدِّدة هذا المطلب وبصياغات مختلفة، مثل: (المحتوم)، (لا بدَّ أن يكون)، (لا يخرج حتَّى...) و...(4).
ففي معرض جواب الإمام الصادق (عليه السلام) لأبي حمزة الثمالي الذي سأله قائلاً: إِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) كَانَ يَقُولُ: «إِنَّ خُرُوجَ السُّفْيَانِيِ مِنَ الْأَمْرِ المَحْتُومِ»؟ قَالَ [لِي]: «نَعَمْ، وَاخْتِلَافُ وُلْدِ الْعَبَّاسِ مِنَ المَحْتُومِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ مِنَ المَحْتُوم، و...»(5).
وقد ورد هذا المطلب بتأكيد أكبر في حديث حمران بن أعين، عن الإمام الصادق (عليه السلام)، فقد جاء في هذا الحديث أنَّه (عليه السلام) قال: «مِنَ المَحْتُومِ الَّذِي لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَبْلِ قِيَامِ الْقَائِمِ خُرُوجُ السُّفْيَانِيِّ، وَخَسْفٌ بِالْبَيْدَاءِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ، وَالمُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ»(6).
ولفظة (لا بدَّ) الواردة في هذا الحديث تكشف بوضوحٍ أكبر من بقية الروايات عن حتمية هذه العلامة ويقينيتها.
وعليه، واستناداً إلى الروايات الآنفة، فإنَّ قتل النفس الزكية من علامات الظهور الحتمية.
في معنى النفس الزكية:
الزكوة في اللغة، بمعنى الطهارة والرُّشد والنموِّ(7).
ومن هنا، يوجد احتمالان في معنى النفس الزكية:
1- أنَّها بمعنى النفس الطاهرة، أي الشخص الذي لا يرتكب الذنوب.
2- أنَّها بمعنى الشخصية المتكاملة والراشدة.
وهناك قرائن تدلُّ على إرادة المعنى الأوَّل، وهي:
1- استعملت بعض الروايات عبارات مثل: (الدم الحرام)، (النفس الحرام) بدلاً عن عبارة (النفس الزكية)، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث، قال: «ألَا أُخبركم بآخر ملك بني فلان...»، قال (عليه السلام): «قتل نفس حرام، في يوم حرام...»(8).
ومصطلح (حرام) في هذه الرواية يراد منه (الممنوع).
وبناءً على ذلك، فإنَّ مصطلح (النفس الزكية) الوارد في الروايات الأُخرى، يحمَل على هذا المعنى، أي الشخصية الطاهرة وغير المذنبة.
2- جاء في رواية سلمان وصف (النفس الزكية) بهذا الوصف: (أَمَا إِنِّي سَأُحَدِّثُكُمْ بِالنَّفْسِ الطَّيِّبَةِ الزَّكِيَّةِ وَتَضْرِيجِ دَمِهِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَام)(9).
فقد وُصِفَت (النفس الزكية) في هذه الرواية بـ (الطيبة)، أي الطاهرة غير المذنبة.
أضف إلى ذلك ما جاء في القرآن الكريم من استعمالٍ لمصطلح النفس الزكية بمعنى الطاهرة وغير المذنبة، كما جاء في قوله تعالى: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ﴾ (الكهف: 74).
ويبدو أنَّ هذا المصطلح قد استُعمِلَ في الروايات بنفس معناه القرآني.
وهناك من القرآئن ما يدعم إرادة المعنى الثاني من المعاني المحتملة، أي الشخصية المتكاملة الراشدة، وهي:
1- لا شكَّ في أنَّ ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) هو من أهمّ الوقائع والأحداث في عالم الوجود، وأنَّ قتل النفس الزكية وهو من جملة علامات حدوث مثل هذه الواقعة العظيمة، إنَّما يكون مناسباً فيما لو كانت هذه العلامة مهمَّة جدّاً ولها صدى واسع يقرع أسماع العالم، ومثل ذلك لا يتيسَّر إلَّا إذا كان (النفس الزكية) شخصية بارزة متكاملة.
2- أنَّ الروايات التي أشارت إلى هذه الحادثة، وتأكيد الأئمَّة المعصومين (عليهم السلام) على حتمية هذا الحدث، يكشف عن الأهمية الفائقة لهذا الحدث، ولشخصية النفس الزكية.
3- اضطرار قتلة النفس الزكية إلى قتله في نفس المسجد الحرام، يكشف عن عجزهم وفشلهم في اعتقاله، أو عدم إتاحة الفرصة الزمانية لهم لإخراجه من المسجد الحرام، وأنَّ مصلحتهم في هتك حرمة المسجد الحرام وقتله في ذلك المكان المقدَّس(10).
فمع وجود مثل هذه الخصوصيات في النفس الزكية نستدلُّ على أنَّه من الشخصيات البارزة في المجتمع الإسلامي والعالمي.
فإن لم تكن القرائن المذكورة كافية لتأييد المعنى الثاني من معاني الزكية، وأنَّه بمعنى الشخصية البارزة والممتازة، فإنَّه قطعاً يمكن القول بأنَّ مصداق النفس الزكية، شخصية مهمَّة بشكل خاصّ.
فإذا كانت (النفس الزكية) بمعنى الطهارة والبراءة، فإنَّ هناك احتمالين في مصداقها:
1- أنَّه شخص بريءٌ معين يقتَل في زمان ومكان خاصّين كما أشارت الروايات، منها ما رواه الطوسي في الغيبة: «النفس الزكيَّة غلام من آل محمّد اسمه محمّد بن الحسن يُقتَل بلا جرم ولا ذنب...»(11).
2- أنَّ أحد آثار زمن الفتنة والانحراف قتلُ عدد من الأبرياء في آخر الزمان.
وعليه، فإنَّ معنى النفس الزكية، سيكون معنى كلّياً وعامّاً، ولا يشير إلى شخص بعينه(12).
ويبدو لنا، بناءً على الظاهر من (النفس الزكية)، أنَّه شخص واحد لا أكثر. ومن جهة أُخرى، فإنَّ سائر خصوصيات (النفس الزكية) المذكورة في الروايات، كالروايات التي تذكر اسمه تحديداً، أو التي تذكر الفاصل الزمني بين مقتله وبين ظهور الإمام المهدي (عليه السلام)، وغيرها من الخصوصيات تدلُّ على وحدة مصداق هذا العنوان وتعينه، لا الكلّية والعموم.
ومن هنا، فإنَّ حمل عنوان (النفس الزكية) على المعنى العامّ فاقد للدليل، بل هو مخالف لظاهر الروايات.
خصائص النفس الزكية:
أ- اسم النفس الزكية:
جاء في بعض الأحاديث أنَّ اسمه (محمَّد)، فقد ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) في رواية أنَّه قال: «اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الحَسَنِ»(13).
وفي رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال(14): «... وَقَتْلُ غُلَامٍ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ، اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الحَسَنِ النَّفْسُ الزَّكِيَّة»(15).
ب- لقب النفس الزكية:
استفادت أكثر الروايات التي وردت في بيان الأبعاد المختلفة لقتل (النفس الزكية)، من لقب (النفس الزكية) في معرض الإشارة إلى هذه الشخصية.
ففي رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام)، في معرض بيانه لكلام أبيه الإمام الباقر (عليه السلام)، والذي كان يقول بأنَّ (السفياني) وخروجه من العلامات الحتمية، قال:
«... نَعَمْ وَاخْتِلَافُ وُلْدِ الْعَبَّاسِ مِنَ المَحْتُومِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ مِنَ المَحْتُومِ، وَخُرُوجُ الْقَائِمِ مِنَ المَحْتُومِ»(16).
وفي رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) في معرض الإجابة عن سؤالٍ حول وقت قيام القائم (عليه السلام)، قال: «... وَخُرُوجُ السُّفْيَانِيِ مِنَ الشَّامِ، وَالْيَمَانِيِّ مِنَ الْيَمَنِ، وَخَسْفٌ بِالْبَيْدَاءِ، وَقَتْلُ غُلَامٍ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الحَسَنِ النَّفْسُ الزَّكِيَّة»(17).
وقد استعمل أئمَّتنا (عليهم السلام) مصطلحات أُخرى للإشارة إلى (النفس الزكية) في كلامهم، وإن لم تكن تلك المصطلحات من الألقاب، ومن جملة ما استعملوه في هذا الصدد:
1- النفس:
فعن الإمام الصادق (عليه السلام)، في حديث معتبر، قال: «أَمْسِكْ بِيَدِكَ هَلَاكَ الْفُلَانِيِّ -اسم رجل من بني العبّاس-، وَخُرُوجُ السُّفْيَانِيِّ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَجَيْشُ الخَسْفِ، وَالصَّوْت...»(18).
ويبدو، وبقرينة الروايات الأُخرى التي ذكرت قتل (النفس الزكية) إلى جنب (خروج السفياني) و(الصيحة) و(الخسف في البيداء)، أنَّ المراد بالنفس في هذه الرواية هو نفس (النفس الزكية).
2- نفس حرام:
ففي رواية معتبرة عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: «...أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِآخِرِ مُلْكِ بَنِي فُلَانٍ،... قَتْلُ نَفْسٍ حَرَامٍ فِي يَوْمٍ حَرَامٍ فِي بَلَدٍ حَرَامٍ عَنْ قَوْمٍ مِنْ قُرَيْش...»(19).
3- النفس الطيبة الزكية:
فقد رُوي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنَّه قال: «أَمَا إِنِّي سَأُحَدِّثُكُمْ بِالنَّفْسِ الطَّيِّبَةِ الزَّكِيَّةِ وَتَضْرِيجِ دَمِهِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَام»(20).
4- غلام آل محمَّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم):
قال الإمام الباقر (عليه السلام): «... وَقَتْلُ غُلَامٍ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الحَسَنِ النَّفْسُ الزَّكِيَّة»(21).
5- الدم الحرام:
عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «لَا يُطَهِّرُ اللهُ الْأَرْضَ مِنَ الظَّالِمِينَ حَتَّى يُسْفَكَ الدَّمُ الحَرَام»(22).
ففي هذه الرواية الشريفة لم يصرَّح بـ (النفس الزكية)، ولكن واعتماداً على الروايات التي تُعدِّد علامات ما قبل الظهور، والتي تذكر قتل شخصية مهمَّة واحدة فقط، يظهر لنا أنَّ المراد من (الدَّم الحرام) في هذه الروايات هو (النفس الزكية) نفسها(23).
ج- نَسَبُ (النفس الزكية):
تحدَّثت الروايات عن نسب (النفس الزكية) بعدَّة صياغات، منها:
1- أنَّه من قريش:
فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) في رواية معتبرة، قال: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِآخِرِ مُلْكِ بَنِي فُلَانٍ؟»، قُلْنَا: بَلَى يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، قَالَ: «قَتْلُ نَفْسٍ حَرَامٍ، فِي يَوْمٍ حَرَامٍ، فِي بَلَدٍ حَرَامٍ، عَنْ قَوْمٍ مِنْ قُرَيْش»(24).
2- من آل محمّد، وهو ابنُ الحسن:
فعن الإمام الباقر (عليه السلام)، قال: «...وَقَتْلُ غُلَامٍ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ، اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الحَسَنِ النَّفْسُ الزَّكِيَّة»(25).
وهذه الرواية منقولة أيضاً عن الإمام الصادق (عليه السلام)(26)، وعن سفيان بن إبراهيم الجريري(27)، وهو من أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام).
وبناءً على ما جاء في هذه الروايات الثلاث، فإنَّ (النفس الزكية) ينتسب إلى أهل بيت النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
وأمَّا فيما يرتبط بـ (محمّد بن الحسن)، فيوجد احتمالان:
الأوَّل: أنَّ المراد من (الحسن)، الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام).
الثاني: أنَّ المراد من (الحسن) والده الحقيقيِّ وبدون واسطة.
وبناءً على ذلك، لا يمكن من خلال هذه الروايات القطع بأنَّ (النفس الزكية) حسنيُّ النسب.
ولا يخفى، أنَّ احتمال كون اسم الأب الحقيقي لـ (النفس الزكية) هو (حسن) بعيدٌ جدّاً، لأنَّ الروايات لم تذكر مقاماً خاصّاً ومهمّاً، أو نشاطاً مميزاً لوالد (النفس الزكية)، فهو شخصية عادية لا أكثر، فذكر اسم والد (النفس الزكية) في الروايات، والتأكيد على أنَّ (النفس الزكية) هو ابن مثل هذا الأب ليس له توجيه منطقي ومعقول.
3- أنَّه من وُلد الحسين (عليه السلام):
فعن الإمام الباقر (عليه السلام)، قال: «... وَالنَّفْسُ الزَّكِيَّةُ مِنْ وُلْدِ الحُسَيْن...».
وقد روى العياشي هذه الرواية في تفسيره مرسلةً عن الإمام الباقر (عليه السلام)(28).
وحيث لا يمكن الاعتماد على الرواية التي تذكر أنَّ (النفس الزكية) من ولد الحسين (عليه السلام) لضعف سندها، وعليه وبدليل اعتبار الرواية التي تُصرِّح بأنَّ (النفس الزكية) من قريش، يمكننا اعتماد هذا النسب، وأمَّا في مورد سائر الجزئيات، فلا يمكن القطع بها، لفقدان الدليل المتيقَّن.
نعم، نقل الكليني في الكافي الشريف رواية صحيحة تُخبِر عن قتل شخص حسني قبيل الظهور، ولكن وحيث نفقد الدليل القاطع على وحدة هذا الحسني مع (النفس الزكية) لا يمكننا اعتبار روايته دليلاً على انتساب (النفس الزكية) إلى الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام).
ورواية الكافي هي:
«... وَيَسْتَأْذِنَ اللهَ فِي ظُهُورِهِ، فَيَطَّلِعُ على ذَلِكَ بَعْضُ مَوَالِيهِ، فَيَأْتِي الحَسَنِيَّ فَيُخْبِرُهُ الخَبَرَ، فَيَبْتَدِرُ الحَسَنِيُّ إلى الخُرُوجِ، فَيَثِبُ عَلَيْهِ أَهْلُ مَكَّةَ فَيَقْتُلُونَهُ، وَيَبْعَثُونَ بِرَأْسِهِ إلى الشَّامِيِّ، فَيَظْهَرُ عِنْدَ ذَلِكَ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْر»(29).
والتصريح بالرواية أعلاه بإرسال رأس (النفس الزكية) إلى السفياني، يدلُّ على أنَّ قتله يكون بأمرٍ من السفياني.
هدف النفس الزكيَّة:
لم تردنا رواية صحيحة أو مستندات تأريخية كاملة حول هدف (النفس الزكية) ونشاطاته التي تؤول إلى استشهاده.
ولكن، واستناداً إلى حديثٍ عن الإمام الباقر (عليه السلام)، يظهر أنَّ الإمام المهديِّ (عليه السلام) هو الذي يرسِل (النفس الزكية) ممثِّلاً عنه إلى أهل مكّة لإتمام الحجَّة عليهم.
فعن أبي بصير عن الإمام الباقر (عليه السلام) في حديث طويل، فيه:
«... يقول القائم لأصحابه: يا قوم إنَّ أهل مكّة لا يريدونني، ولكنّي مرسِل إليهم لأحتجَّ عليهم بما ينبغي لمثلي أن يحتجَّ عليهم، فيدعو رجلاً من أصحابه فيقول له: امض إلى أهل مكَّة فقل: يا أهل مكّة، أنا رسول فلان إليكم، وهو يقول لكم: إنّا أهل بيت الرحمة، ومعدن الرسالة والخلافة، ونحن ذريّة محمّد وسلالة النبيِّين، وإنّا قد ظُلمنا واضطُهدنا وقُهرنا، ابتُزَّ منّا حقّنا منذ قُبِضَ نبيُّنا إلى يومنا هذا، ونحن نستنصركم فانصرونا. فإذا تكلَّم هذا الفتى بهذا الكلام أتوا إليه فذبحوه بين الركن والمقام، وهي النفس الزكيَّة، فإذا بلغ ذلك الإمام قال لأصحابه: ألَا أخبرتكم أنَّ أهل مكّة لا يريدوننا...»(30).
فعلى أساس دلالة هذه الرواية، والتي تفتقد اعتبار السند، يظهر أنَّ رسالة (النفس الزكية) المهمَّة هي تمثيل الإمام المهدي (عليه السلام)، وأنَّ هدفه هو إبلاغ وإيصال نداء الإمام (عليه السلام) إلى أهل مكّة.
فالإمام (عليه السلام) وعلى الرغم من معرفته المسبقة بعدم انصياع أهل مكّة له، يرسِل (النفس الزكية) لإتمام الحجَّة عليهم، وتجريدهم من الأعذار التي قد تدعوهم إلى عدم نصرته ومُؤازرته. ولكن، وبعد وصول (النفس الزكية) إلى مكّة وإبلاغهم برسالة الإمام (عليه السلام)، يعدو عليه أهل مكّة فيقتلونه.
واستناداً إلى هذه الرواية، فإنَّ هذه الواقعة تقع قبل قيام الإمام المهدي (عليه السلام)، فيكون إرسال (النفس الزكية) إلى مكّة دعوةً من قِبَل الإمام لأهلها لنصرة الإمام المعصوم (عليه السلام) في حركته ونهضته.
والفرضية الثانية المتصوَّرة فيما يرتبط بنشاطات (النفس الزكية) هي أنَّ هدفه الأساسي هو إيجاد الأرضية المناسبة والإعداد لقيام الإمام المهدي (عليه السلام) عالمياً، ولذا فإنَّه يتحرَّك ميدانياً للسيطرة على مدينة مكّة وإعدادها لمنطلقٍ آمن لظهور الإمام المهدي (عليه السلام)، ولكنَّ حركته لا تنجح، ويؤول الأمر إلى مقتله على يد أهل مكّة المعاندين.
وبناءً على هذه الفرضية، فإنَّ الحسني المذكور هو نفس (النفس الزكية)، ولكن وكما تقدَّم فإنَّ هذه الفرضية لا ترقى إلى مستوى القطع واليقين.
زمان استشهاد النفس الزكيَّة:
قد دلَّت الروايات المتعدِّدة على قرب زمان استشهاد (النفس الزكية) من موعد ظهور الإمام المهدي (عليه السلام)، وإنَّ بعض هذه الروايات قد حدَّدت بنحو واضحٍ ومشخَّص الفترة الفاصلة بين الحدثين، واكتفت بعض الروايات الأُخرى بالإشارة إلى تقارب موعد الحدثين دون تحديد.
والروايات هي:
1- في رواية معتبرة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، قال: «لَيْسَ بَيْنَ قِيَامِ قائم آل محمّد (عليه السلام) وبينَ قَتْلِ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَة»(31).
فالإمام الصادق (عليه السلام) يحدِّد في هذه الرواية الفاصلة الزمانية بين الحدثين بنحو دقيق ومشخَّص وهو خمس عشرة ليلة.
2- عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في رواية معتبرة، قال: «...أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِآخِرِ مُلْكِ بَنِي فُلَانٍ؟»، قُلْنَا: بَلَى يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، قَالَ: «قَتْلُ نَفْسٍ حَرَامٍ، فِي يَوْمٍ حَرَامٍ، فِي بَلَدٍ حَرَامٍ، عَنْ قَوْمٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَالَّذِي فَلَقَ الحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ مَا لَهُمْ مُلْكٌ بَعْدَهُ غَيْرُ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً». قُلْنَا: هَلْ قَبْلَ هَذَا أَوْ بَعْدَهُ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ: «صَيْحَةٌ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ تُفْزِعُ الْيَقْظَانَ، وَتُوقِظُ النَّائِمَ، وَتُخْرِجُ الْفَتَاةَ مِنْ خِدْرِهَا»(32).
ولم يرد في هذا الحديث مفردة (النفس الزكية)، ولكنَّ القرائن المتعدِّدة تشير إلى اتِّحاد الشخصية المذكورة في هذه الرواية مع (النفس الزكية)، والقرائن هي:
أ) إنَّ معنى (النفس الحرام) هو ذلك الشخص الطاهر الذي يقتَل من غير ذنب وجرم، وهذا المعنى ينطبق على (النفس الزكية)، كما تقدَّم في بيان معنى النفس الزكية.
ب) إنَّ قتل هذه الشخصية يكون في الأيام الحرم، وكذلك هو الحال في مقتل (النفس الزكية)، حيث ورد أنَّه يقتَل قبل خمسة عشر يوماً من ظهور الإمام المهديِّ (عليه السلام) والذي يكون في شهر محرَّم، أي إنَّ مقتل (النفس الزكية) سيكون في أواخر شهر ذي الحجَّة الحرام.
ج) إنَّ هذه الشخصية، الواردة في الرواية الأخيرة، تُقتَل في بلدٍ حرام، وكذلك مقتل (النفس الزكية) سيكون في مكّة المكرَّمة، وهي من البلد الحرام.
د) إنَّ مدَّة بقاء ملك قاتله سيكون خمس عشرة ليلة بعد مقتله، وهذا يتناسب مع مقتل (النفس الزكية) الذي يسبق الظهور وزوال الظلمة وقطع دابرهم بنفس المدَّة، كما في الرواية المعتبرة عن الإمام الصادق (عليه السلام).
3- في رواية عن الإمام الباقر (عليه السلام)، قال: «... يقول القائم لأصحابه: يا قوم، إنَّ أهل مكّة لا يريدونني، لكنّي مرسِل إليهم لأحتجَّ عليهم بما ينبغي لمثلي أن يحتجَّ عليهم، فيدعو رجلاً من أصحابه، فيقول له: امض إلى أهل مكّة...، فإذا تكلَّم هذا الفتى بهذا الكلام أتوا إليه فذبحوه بين الركن والمقام، وهي النفس الزكيَّة، فإذا بلغ ذلك الإمام قال لأصحابه: ألَا أخبرتكم أنَّ أهل مكّة لا يريدوننا، فلا يدعونه حتَّى يخرج»(33).
ويستفاد من هذه الرواية اتِّصال وتقارب زمان حادثة مقتل (النفس الزكية) وحادثة ظهور الإمام المهدي (عليه السلام)، إذ بعد وصول خبر استشهاد (النفس الزكية) إلى الإمام المهدي (عليه السلام) تبدأ تحرّكات الإمام (عليه السلام)، فيأتي مع (313) من أصحابه إلى المسجد الحرام، ويبدأ الظهور الشريف.
إذن، فاتِّصال أو تقارب الحدثين: أي مقتل (النفس الزكية) وظهور الإمام المهدي (عليه السلام)، واضحٌ بين.
4- وفي حديث آخر عن الإمام الباقر (عليه السلام)، قال: «... مَا أَشْكَلَ عَلَيْكُمْ فَلَمْ يُشْكِلْ عَلَيْكُمْ عَهْدُ نَبِيِّ اللهِ وَرَايَتُهُ وَسِلَاحُهُ وَالنَّفْسُ الزَّكِيَّةُ مِنْ وُلْدِ الحُسَيْنِ، فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْكُمْ هَذَا فَلَا يُشْكِلُ عَلَيْكُمُ الصَّوْتُ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْمِهِ وَأَمْرِه»(34).
فالإمام (عليه السلام) في هذا الحديث، يعدُّ مقتل (النفس الزكية) إلى جنب عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ورايته وسلاحه، ثمّ إلى جنب الصيحة السماوية كعلامة من علامات ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) وتشخيص هويته من بين أدعياء المهدوية الكاذبين.
ولا شكَّ في أنَّ قتل (النفس الزكية) إنَّما يصحُّ أن يكون معياراً وملاكاً لمعرفة الإمام المهدي (عليه السلام)، فيما إذا كانت الحادثتان - مقتل (النفس الزكية) وظهور الإمام المهديِّ (عليه السلام) - متقاربتين زماناً، لأنَّ الفصل الزماني الكبير بين الحادثتين يفقِد أحدهما مثل هذا التأثير والمعيارية في معرفة الآخر.
فائدة: علائم الظهور لا تلازم علائم معرفة الإمام (عليه السلام):
وهنا لا بدَّ من التنبيه على وجود فرق بين مطلق العلامات وبين علائم معرفة الإمام المهدي (عليه السلام)، فإنَّ علائم الظهور بشكلها العامّ، ليس بالضرورة أن تلازم معرفة الإمام المهدي (عليه السلام)، وإنَّما هي دالّة على قرب الظهور، وبتحقّقها يكون يوم الظهور المبارك سبباً ومدعاةً للأمل بالخلاص، وحافزاً لتهذيب النفوس وإعدادها لهذا اليوم القريب.
ولذا، يمكن أن تكون الفاصلة الزمانية كبيرة بين تحقُّق هذه العلامات وبين الظهور المبارك.
وأمَّا العلامات الدالّة على تعيين وتشخيص هوية الإمام المهدي (عليه السلام)، فلا بدَّ من تحقُّقها في وقت قريب من الظهور لتحقُّق خاصيتها والغرض منها.
5- وفي رواية محمّد بن الصامت حينما يسأل من الإمام الصادق (عليه السلام) قائلاً: مَا مِنْ عَلَامَةٍ بَيْنَ يَدَيْ هَذَا الْأَمْرِ؟ فَقَالَ: «بَلَى»، قُلْتُ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: «هَلَاكُ الْعَبَّاسِيِّ، وَخُرُوجُ السُّفْيَانِيِّ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ، وَالخَسْفُ بِالْبَيْدَاءِ، وَالصَّوْتُ مِنَ السَّمَاءِ». فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَخَافُ أَنْ يَطُولَ هَذَا الْأَمْرُ؟ فَقَالَ: «لَا، إِنَّمَا هُوَ كَنِظَامِ الخَرَزِ يَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضاً»(35).
فالإمام الصادق (عليه السلام) في هذا الحديث ينفي وجود الفاصلة الزمانية الطويلة بين العلامات، ويصرِّح بأنَّ هلاك العبّاسي، وخروج السفياني، وقتل النفس الزكية، والخسف في البيداء، والصيحة السماوية وخروج الإمام (عليه السلام)، هي حوادث متعاقبة ومترابطة، يتحقَّق بعضها بعد البعض الآخر تباعاً.
6- وعن عمّار بن ياسر، في كلام طويل يتعرَّض فيه لعلامات دولة أهل البيت (عليهم السلام) في آخر الزمان، وعن زمان ظهور إمام العصر والزمان (عليه السلام)، يقول: (... فَعِنْدَ ذَلِكَ تُقْتَلُ النَّفْسُ الزَّكِيَّةُ وَأَخُوهُ بِمَكَّةَ ضَيْعَةً، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ أَمِيرَكُمْ فُلَانٌ، وَذَلِكَ هُوَ المَهْدِيُّ الَّذِي يَمْلَؤ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً)(36).
وهذا الخبر وإن لم يكن صادراً عن المعصومين (عليهم السلام)، ولم ينقله عمّار عن معصوم بعينه، ولكنَّ شخصية عمّار بن ياسر الممتازة، تُولِّد عندنا اطمئناناً بأنَّه قد سمع هذا الكلام عن أحد المعصومين (عليهم السلام)، وهو ينقله بدون ذكر اسم ذلك المعصوم.
مضافاً إلى ذلك، فإنَّ عدم وجود مسوِّغ لاتِّهامه (رضي الله عنه) بالكذب يمكِّننا من الاطمئنان بصدوره عن المعصوم، أو على أقلِّ التقادير يكون كلامُه مؤيداً لما مرَّ بنا في هذا السياق.
7- روى الشيخ الطوسي، عن أحد أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام)، عن سفيان بن ابراهيم الجريري أنَّه سمع أباه يقول: «... النَّفْسُ الزَّكِيَّةُ غُلَامٌ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الحَسَنِ يُقْتَلُ بِلَا جُرْمٍ وَلَا ذَنْبٍ، فَإِذَا قَتَلُوهُ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ فِي السَّمَاءِ عَاذِرٌ وَلَا فِي الْأَرْضِ نَاصِرٌ. فَعِنْدَ ذَلِكَ يَبْعَثُ اللهُ قَائِمَ آلِ مُحَمَّد»(37).
وفي حكاية مجاهد - وهو أحد أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) - أنَّ ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) إنَّما يكون بعد قتل (النفس الزكية)(38).
ويقول أمير المؤمنين (عليه السلام): «لَا يُطَهِّرُ اللهُ الْأَرْضَ مِنَ الظَّالِمِينَ حَتَّى يُسْفَكَ الدَّمُ الحَرَام»(39).
وفيه دلالة على قرب زمان الظهور من زمان قتل (النفس الزكية).
وبناءً على ما مرَّ في خصوص قتل (النفس الزكية)، نستنتج أنَّ هذين الحدثين يتحقَّقان خارجاً متقاربين زماناً.
أضف إلى ذلك، ما جاء في بعض الروايات من التصريح بأنَّ الفاصل الزماني بينهما هو خمس عشرة ليلة.
مكان استشهاد النفس الزكيَّة:
روايات عديدة تعرَّضت إلى ذكر مكان استشهاد (النفس الزكية)، ويمكن تقسيم هذه الروايات إلى طائفتين:
1- الروايات التي ذكرت أنَّ مكَّة المكرَّمة هي محلُّ استشهاد (النفس الزكية).
2- روايات ذكرت أنَّ محلَّ استشهاده بين الركن والمقام.
وواضحٌ أنَّه لا تعارض بين هاتين الطائفتين، لأنَّ الطائفة الثانية في صدد تحديدٍ أدقّ لمكان مقتله، بينما تكتفي الطائفة الأُولى بذكر بلد مقتل (النفس الزكية).
روايات الطائفة الأُولى:
وبناءً على روايات هذه الطائفة، فإنَّ محلَّ استشهاد (النفس الزكية) هو مكّة المكرَّمة، والروايات هي:
1- في رواية معتبرة السند عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِآخِرِ مُلْكِ بَنِي فُلَانٍ؟»، قُلْنَا: بَلَى يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ. قَالَ: «قَتْلُ نَفْسٍ حَرَامٍ، فِي يَوْمٍ حَرَامٍ، فِي بَلَدٍ حَرَامٍ، عَنْ قَوْمٍ مِنْ قُرَيْشٍ. وَالَّذِي فَلَقَ الحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ مَا لَهُمْ مُلْكٌ بَعْدَهُ غَيْرُ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَة»(40).
2- رُوي عن عمّار بن ياسر قوله: (... فَعِنْدَ ذَلِكَ تُقْتَلُ النَّفْسُ الزَّكِيَّةُ وَأَخُوهُ بِمَكَّةَ ضَيْعَة)(41).
الطائفة الثانية:
1- عن الإمام الباقر (عليه السلام)، في معرض بيانه لعلامات ظهور الإمام المهديِّ (عليه السلام)، قال: «... وَخُرُوجُ السُّفْيَانِيِ مِنَ الشَّامِ، وَالْيَمَانِيِ مِنَ الْيَمَنِ، وَخَسْفٌ بِالْبَيْدَاءِ، وَقَتْلُ غُلَامٍ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الحَسَنِ النَّفْسُ الزَّكِيَّةُ»(42).
2- وعن الإمام الصادق (عليه السلام) في حديث، قال: «... وَخُرُوجُ السُّفْيَانِيِ مِنَ الشَّامِ، وَقَتْلُ غُلَامٍ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الحَسَنِ النَّفْسُ الزَّكِيَّةُ...، فَعِنْدَ ذَلِكَ خُرُوجُ قَائِمِنَا»(43).
3- وعن الإمام الباقر (عليه السلام) في رواية أُخرى، قال: «... فَيَدْعُو رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ فَيَقُولُ لَهُ: امْضِ إلى أَهْلِ مَكَّةَ، فَقُلْ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ، أَنَا رَسُولُ فُلَانٍ إِلَيْكُمْ، وَهُوَ يَقُولُ لَكُمْ: إِنَّا أَهْلُ بَيْتِ الرَّحْمَةِ وَمَعْدِنُ الرِّسَالَةِ وَالْخِلَافَةِ...، فَإِذَا تَكَلَّمَ هَذَا الْفَتَى بِهَذَا الْكَلَامِ أَتَوْا إِلَيْهِ فَذَبَحُوهُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ، وَهِيَ النَّفْسُ الزَّكِيَّة»(44).
4- وعن الإمام عليٍّ (عليه السلام)، في بيان علامات الظهور، قال: «... وَلِذَلِكَ آيَاتٌ وَعَلَامَاتٌ...، وَالمَذْبُوحُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ...، وَخُرُوجُ السُّفْيَانِيِّ بِرَايَةٍ خَضْرَاء»(45).
ففي هذه الرواية، وإن لم يصرَّح باسم (النفس الزكية)، ولكن ومن خلال مجموع الأحاديث المذكورة في مجال علامات الظهور، فإنَّه لا يقتَل بين الركن والمقام إلَّا شخصية واحدة وهي (النفس الزكية). كما أنَّ ذكر هذا المذبوح بين الركن والمقام إلى جنب ذكر السفياني، يعتَبر قرينة أُخرى على هذه الحقيقة، وهي أنَّ المذبوح بين الركن والمقام هو نفس (النفس الزكية) لا غيره.
5- وفي حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) في نقل قول سلمان الذي أخبر عن حوادث مستقبلية، قال: «... أَمَا إِنِّي سَأُحَدِّثُكُمْ بِالنَّفْسِ الطَّيِّبَةِ الزَّكِيَّةِ وَتَضْرِيجِ دَمِهِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ المَذْبُوحِ ذَبْحَ الْكَبْش»(46).
فالمستفاد من مجموع هذه الروايات، وفيها المعتبر، أنَّ قتل (النفس الزكية) في مكَّة المكرَّمة، من الأُمور القطعية. كما يمكن، ومن خلال تعدُّد الروايات الواردة في هذا الخصوص، وتنوّع مصادرها، ونقلها في المصادر الأساسية لكتب الحديث، الاطمئنان بأنَّ (النفس الزكية) يقتَل بين الركن والمقام.
النفس الزكيَّة ومحمّد بن عبد الله:
هل إنَّ (النفس الزكية) الوارد ذكره في روايات علامات الظهور، هو أبو عبد الله محمّد بن عبد الله بن الحسن بن عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام)، والملقَّب بـ (النفس الزكية)، الذي عاش في عهد الخليفة العبّاسي المنصور، فثار على الحكم العبّاسي واستشهد هو وأنصاره؟
السيد محمّد الصدر، كاتب كتاب (تاريخ الغيبة الكبرى)، يرى وبإصرار أنَّ (النفس الزكية) المذكور في روايات علائم الظهور هو نفس (النفس الزكية) الذي عاش في زمن الإمام الصادق (عليه السلام) واستشهد بعد قيامه ضدَّ الحكم العبّاسي.
ويستدلُّ السيد محمّد الصدر لإثبات مدَّعاه، على ذلك في مرحلتين:
ألف) في المرحلة الأُولى، يستعرض القرائن الدالَّة على اختلاف (النفس الزكية) مع محمّد بن عبد الله بن الحسن، ثمّ يحاول إبطال هذه القرائن وردّها.
ب) وفي المرحلة الثانية، يذكر القرائن الدالّة على اتِّحاد شخصية (النفس الزكية) الواردة في علائم الظهور، مع محمّد بن عبد الله بن الحسن، فيستنتج تطابق الشخصيتين(47).
والقرائن التي يرى أنَّها دالّة على عدم تطابق (النفس الزكية) مع محمّد بن عبد الله بن الحسن، فيحاول إبطالها ونقدها، هي:
القرينة الأُولى:
لا شكَّ في أنَّ (النفس الزكية) يقتَل بين الركن والمقام، وأمَّا محمّد بن عبد الله بن الحسن، فإنَّه لم يقتَل بين الركن والمقام وإنَّما قُتِلَ في منطقة (أحجار الزيت) في المدينة المنوَّرة.
وعليه، فمن الواضح أنَّهما شخصيتان مختلفتان.
يقول السيد محمّد الصدر في ردِّه على هذا الاستدلال: إذا ثبتت صحَّة هذه القرينة، كانت كافية لردِّ نظرية تطابق واتِّحاد الشخصيتين، ولكنَّنا ذكرنا سابقاً فقدان الدليل المحكم على قتل (النفس الزكية) بين الركن والمقام.
ثمّ يضيف قائلاً بأنَّ الروايتين المذكورتين في كتاب (بحار الأنوار) لإثبات مقتل (النفس الزكية) بين الركن والمقام، غير كافيتين لإثبات ذلك، والارتكاز الذهني والشهرة الاجتماعية غير كافيين لإثبات الحوادث التأريخية، فإن تحقَّق وقوع الحدث في المستقبل، كان ذلك دليلاً على صدقة، وإن لم يتحقَّق في الخارج فلسنا ملزمين بانتظاره، إذ لا دليل عليه.
أضف إلى ذلك، أنَّ هذه الفرضية تتعارض مع مضمون الحديث الذي نقله الشيخ المفيد في (الإرشاد)، فقد ورد في ذلك الحديث أنَّ (النفس الزكية) يقتَل في ظهر الكوفة مع سبعين من الصالحين.
وهذا الخبر أيضاً لا يكفي لإثبات مسألة تأريخية، ولكنَّ حاله ليس بأسوء من حال الروايات التي تتضمَّن مقتل (النفس الزكية) بين الركن والمقام. وعليه، فإنَّ هذه الرواية يمكنها معارضة الروايتين الدالتين على مقتله بين الركن والمقام، وفي حال التعارض يسقط كلا الطرفين عن الاعتبار.
ويضيف قائلاً: وأمَّا ما ورد في كتاب (الإرشاد) من ذبح رجلٍ هاشمي بين الركن والمقام، فهو أيضاً لا يدلُّ على المقصود، إذ قد لا يكون ذلك الفرد الهاشمي شخصاً زكياً كالنفس الزكية. هذا مضافاً إلى أنَّ الرواية الضعيفة السند لا تصلح لإثبات الحقائق التأريخية.
نقد وتحليل:
كما تقدَّم في بحث مكان استشهاد (النفس الزكية)، حيث ذكرنا أنَّ هناك عشر روايات، بأسانيد مختلفة عن الأئمَّة المعصومين (عليهم السلام)، وبمضمونين يؤيد أحدهما الآخر، ورد في بعضها أنَّ (النفس الزكية) يقتَل في مكَّة المكرَّمة، وفي بعض الآخر أنَّ مكان استشهاده هو بين الركن والمقام، ومن مجموع هذه الأحاديث المذكورة يحصل لنا الاطمئنان بأنَّ مكان استشهاد (النفس الزكية) - علامة الظهور - هو مكّة المشرَّفة، وهذا بنفسه كافٍ لإثبات عدم تطابق واتِّحاد (النفس الزكية) مع محمّد بن عبد الله بن الحسن.
والأمر الثاني الذي أشار إليه السيد محمّد الصدر (رحمه الله) من وجود التعارض بين الرواية التي تذكر أنَّ مقتله بين الركن والمقام مع رواية الشيخ المفيد في كتاب (الإرشاد)، فعلى أساس رواية الإرشاد، فإنَّ (النفس الزكية) يقتَل في ظهر الكوفة في سبعين من الصالحين، وعليه فإنَّ التعارض سيؤدّي إلى تساقط الروايتين.
وفي الجواب عن هذا الإشكال، نشير إلى عدَّة نقاط:
1- إنَّ الشيخ المفيد (رحمه الله)، لم يرو مقتل (النفس الزكية) في ظهر الكوفة، كي تصل النوبة إلى دراسة هذه الرواية سنداً ودلالةً فضلاً عن الدخول في دراسة التعادل والترجيح بينهما وبين رواية الركن والمقام ورواية مكّة المكرَّمة، وإنَّما كلُّ ما ذكره الشيخ المفيد بنحو كلّي هو:
(... قَدْ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ بِذِكْرِ عَلَامَاتٍ لِزَمَانِ قِيَامِ الْقَائِمِ المَهْدِيِّ (عليه السلام) وَحَوَادِثَ تَكُونُ أَمَامَ قِيَامِهِ وَآيَاتٍ وَدَلَالاتٍ فَمِنْهَا: خُرُوجُ السُّفْيَانِيِّ، وَقَتْلُ الحَسَنِيِّ...، وَقَتْلُ نَفْسٍ زَكِيَّةٍ بِظَهْرِ الْكُوفَةِ فِي سَبْعِينَ مِنَ الصَّالِحِينَ، وَذَبْحُ رَجُلٍ هَاشِمِيٍّ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَام...)(48).
نعم، هناك حديث عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) جاء فيه نفس عبارة الشيخ المفيد (رحمه الله)، ولا يبعد أن يكون منظور الشيخ المفيد هو نفس هذا الحديث، وجاء في هذا الحديث: «... وَقَتْلُ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ بِظَهْرِ الْكُوفَةِ فِي سَبْعِينَ، وَالمَذْبُوحُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَام»(49).
ولكنَّ هذه الرواية لا تقوى على مقابلة مجموع الروايات التي تُحدِّد مكان قتل (النفس الزكية) بمكّة أو بين الركن والمقام، لضعف سند الرواية الأخيرة.
2- على فرض وجود رواية معتبرة السند، دالّة على أنَّ محل استشهاد (النفس الزكية) هو ظهر الكوفة، معارضة للروايات التي تدلُّ على أنَّ محلَّ استشهاده هو مكَّة أو بين الركن والمقام، مع ذلك، تُقدَّم هذه الروايات على تلك الرواية بحكم كثرتها.
3- إنَّ التعارض إنَّما يقع بين الروايتين فيما لو كانتا متَّحدتي الموضوع، وهو في موردنا محلّ استشهاد (النفس الزكية)، والحال أنَّ من الممكن أن تكون رواية الإرشاد في مقام بيان مكان استشهاد نفسٍ زكية غير (النفس الزكية) الوارد ذكرها في روايات الركن والمقام أو مكَّة، وفي النتيجة يكون للروايتين مضمونان إثباتيان مختلفان، فلا تنافي بينهما.
وعليه، وبالاستناد إلى الروايات المتعدِّدة التي تُحدِّد مكان مقتل (النفس الزكية) بمكَّة أو بين الركن والمقام، وعملاً بقواعد التعارض، نستنتج أنَّ السيد الصدر لم يجب جواباً شافياً عن القرينة الأُولى، فتبقى هذه القرينة دالّة على التغاير بين (النفس الزكية) - علامة الظهور - وبين محمّد بن عبد الله بن الحسن.
القرينة الثانية:
والقرينة الثانية على تغاير وعدم اتِّحاد (النفس الزكية) مع محمّد بن عبد الله بن الحسن، والتي يحاول السيد الصدر إبطالها، هي الروايات التي وردت عن المعصومين (عليهم السلام) حول قتل (النفس الزكية)، فإنَّ هذه الروايات صدرت عنهم بعد مقتل محمّد بن عبد الله بن الحسن.
وهذا يدلُّ على أنَّهم كانوا لا يزالون ينتظرون تحقُّق هذه العلامة ويعتبرونها من علامات الظهور.
ويحاول السيد الصدر إبطال هذه القرينة بأنَّها إذا ثبتت فهي كافية لإثبات التغاير، ولكنَّ المشكلة في إثباتها، فيقول:
تأخُّر أخبار الأئمَّة (عليهم السلام) بهذه العلامة من علامات الظهور عن مقتل هذا الثائر العلوي، ممَّا يدلُّ على أنَّ مقتل (النفس الزكية) يبقى متوقّعاً ومنتظراً بعد مقتل النفس الزكية الثائر.
وهذا على تقدير ثبوته قرينة كافية أيضاً على نفي الانطباق. إلَّا أنَّه لم يثبت، فإنَّ كلَّ ما وجدناه من الروايات الدالّة على هذه العلامة، مروية عن الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام).
أمَّا الإمام الباقر (عليه السلام) فعصره سابق على عصر العلوي الثائر، وكان (عليه السلام) ينفي لعبد الله بن الحسن -والد النفس الزكية- نجاح ثورته وثورة ولديه، ويقطع أمله في نيل الخلافة، ويقول: «إنَّ هذا الأمر، والله ليس إليك، ولا إلى ابنيك، وإنَّما هو لهذا -يعني السفّاح-، ثمّ هذا -يعني المنصور-، ثمّ لولده من بعده، لا يزال فيهم حتَّى يؤمِّروا الصبيان ويشاوروا النساء»، فقال عبد الله: والله يا جعفر، ما أطلعك الله على غيبه، وما قلت هذا إلَّا حسداً لابني. فقال: «لا والله، ما حسدت ابنك، وإنَّ هذا -يعني المنصور- يقتله على أحجار الزيت، ثمّ يقتل أخاه بعده بالطفوف، وقوائم فرسه في الماء»(50).
إذن، فليس عندنا دليل يدلُّ على أنَّ صدور الروايات المذكورة كان بعد مقتل محمّد بن عبد الله النفس الزكية، إن لم نقل بوجود الظنِّ على خلاف ذلك.
نقد وتحليل:
كما أنَّ التقدُّم الزماني لهذه الأحاديث على مقتل محمّد بن عبد الله لا يدلُّ بالضرورة على اختلاف (النفس الزكية) عن محمّد بن عبد الله، فكذلك لا يدلُّ هذا التقدُّم على الاتِّحاد، بل ينبغي الحكم في هذه المسألة اعتماداً على القرائن الأُخرى.
وعلى الرغم من قبول التقدُّم الزماني لهذه الأحاديث على مقتل محمّد بن عبد الله النفس الزكية، واستناداً إلى الروايات التي تُحدِّد مكان قتل (النفس الزكية) بمكّة وسائر القرائن التي سيأتي ذكرها، فإنَّنا نعتقد باختلاف محمّد بن عبد الله عن (النفس الزكية).
القرينة الثالثة:
كما قيل، فإنَّ محمَّد بن عبد الله، لم يكن من المطهَّرين المخلَصين، ولا بدَّ من انتظار مقتل شخص مطهَّر مخلَص ممتحن أكثر من محمّد بن عبد الله، بل، وكما جاء في المصادر التأريخية مثل (مقاتل الطالبيين)، فإنَّ محمّد بن عبد الله ادَّعى المهدوية، وادَّعاها له أبوه أيضاً.
وقد خطب أبوه في بني هاشم بعد زوال حكم بني أُمية وقبل مجيء العبّاسيين للحكم. وقال لهم: (وقد علمتم أنّا لم نزل نسمع أنَّ هؤلاء القوم إذا قتل بعضهم بعضاً خرج الأمر من أيديهم، فقد قتلوا صاحبهم -يعني الوليد بن يزيد- فهلمَّ نبايع محمّداً، فقد علمتم أنَّه المهديِّ. فقال له الإمام الصادق (عليه السلام): «إنَّها والله، ما هي إليك ولا إلى بنيك، ولكنَّها لهؤلاء، وإنَّ ابنيك لمقتولان»(51).
وكان محمّد بن عبد الله بن الحسن، منذ كان صبياً، يتواري ويراسل الناس بالدعوة إلى نفسه، ويسمّى بالمهدي(52).
ولكنَّ السيد الصدر (رحمه الله) يقول: لسنا الآن بصدد مناقشة هذا الأمر والإشكال عليه، ولكنَّنا نعلم على الأقلِّ بأنَّ محمّد بن عبد الله لم ينجح في حركته، وأنَّه قُتِلَ، وهذا يكفي لإثبات كذب دعواه المهدوية، بل ويثبت أيضاً عدم طهارته وخلوصه، بل يثبت كذبه وانحرافه، ولذا علينا أن ننتظر نفساً زكيةً أُخرى لتُقتَل قبل ظهور الإمام (عليه السلام). فإن ثبتت هذه المسألة التأريخية فلا مناص من الاعتقاد بانحراف هذا السيد الثائر. ولكن ذلك لا يكون دليلاً على أنَّه ليس المقصود من تلك الأخبار، لأنَّ الروايات ذكرت (قتل النفس الزكية)، وهذا اللقب أُطلق على محمّد بن عبد الله بن الحسن من قِبَل أتباعه، وقد اشتهر به بين الناس في ذلك الزمان.
نقد وتحليل:
استناداً إلى استدلال السيِّد الصدر، وروايات النفس الزكية الواردة عن الإمام الباقر والإمام الصادق (عليهما السلام)، يطرَح هذا السؤال: هل إنَّ تلقيب محمّد بن عبد الله بالنفس الزكية، تمَّ قبل مقتل هذا الرجل أم أنَّه اشتهر به بعد مقتله؟
فإن كان قد اشتهر بهذا اللقب بعد مقتله، كانت الروايات الصادرة عن المعصومين قد صدرت بعد مقتله، وعليه فإنَّ هذه الروايات لا تقصده هو بالذات، لأنَّ الإمام (عليه السلام) عندما يبين علامة، فلا بدَّ من تحقُّق تلك العلامة بعد بيانها، ولذا فإنَّ (النفس الزكية) في بيان الإمام (عليه السلام) ليس محمّد بن عبد الله الثائر.
وأمَّا إذا ادُّعي أنَّ لقب (النفس الزكية) قد أُطلق على محمّد بن عبد الله قبل مقتله، وأنَّ الإمام (عليه السلام) قد أشار إليه بهذا اللقب الذي اشتهر به، فأيضاً لا ينفع في المقام، بل إنَّ هذا الكلام غير صحيح، لأنَّ الروايات الصادرة عن الإمام الباقر (عليه السلام)، والتي عبَّر الإمام فيها بالنفس الزكية، قد صدرت قبل سنة (114هـ)، وهو التأريخ المشهور لاستشهاد الإمام الباقر (عليه السلام)، وهذا يعني أنَّ عمر محمّد بن عبد الله (14) سنة حين استشهاد الإمام الباقر (عليه السلام).
أضف إلى ذلك، قد لا تكون الروايات المذكورة قد صدرت في آخر عمر الإمام الباقر (عليه السلام)، إذ يمكن أن تكون قد صدرت قبل استشهاده بعدَّة سنوات، ومع ذلك ذكر فيها لقب (النفس الزكية).
وعلى هذا الأساس، فإنَّ إطلاق لقب (النفس الزكية) على محمّد بن عبد الله، لم يكن بدليل اشتهاره بهذا اللقب، إذ من البعيد جدّاً أن يكون قد لُقِّب بهذا اللقب في سنٍّ مبكّرة.
وعليه، إذا قلنا بأنَّ (النفس الزكية) هو محمّد بن عبد الله، فلا بدَّ أن نقبل بأنَّ إطلاق هذا اللقب عليه لم يكن من قِبَل أنصاره وإنَّما كان من قِبَل الإمام الباقر (عليه السلام)، ولهذا لا بدَّ أن نعتقد حينئذٍ بأنَّه شخصية مطهَّرة خالصة، والحال أنَّنا على يقين بخلاف ذلك. وبذلك يظهر أنَّ محمّد بن عبد الله هو غير (النفس الزكية) المرادة في الروايات.
القرينة الرابعة:
إنَّ مقتل محمّد بن عبد الله، كان قبل ولادة الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام)، وحينئذٍ لا يمكن أن يعَدَّ من علامات الظهور، ولا بدَّ من انتظار شخص آخر.
نقد السيد الصدر:
يجيب السيد الصدر على هذه القرينة بأنَّ ذلك لا يرقى إلى الدليلية، فلا يترتَّب عليه ذلك الأثر المدَّعى من الغيرية.
وأخذ يذكر عدَّة علامات وردت في الروايات تحقَّقت قبل ولادة الإمام المهدي (عليه السلام)، ويقول بإمكان وجود العلامة قبل ولادته، والسبب في ذلك هو أنَّ التخطيط الإلهي لم يبدأ من بداية الإسلام، بل هو موجود منذ بداية وجود البشرية.
وعليه، فإنَّ كلَّ الظواهر العظيمة يمكن أن تشير إلى الظهور، وقد ورد في الروايات ذكر سقوط الدولة الأُموية، وقيام الدولة العباسية، ومجيء الرايات السود، وأنَّها من علامات الظهور، وكلُّ هذه العلامات ذُكِرَت وتحقَّقت قبل ولادة الإمام المهدي (عليه السلام).
نقد وتحليل:
إنَّ جواب السيِّد غير مقبول، بمعنى أنَّنا وإن قبلنا أن تكون بعض العلائم قد ذُكِرَت في الروايات قبل ولادة الإمام المهدي (عليه السلام)، ولكن، كما يحتمل أن يكون مقتل محمّد بن عبد الله علامة من علامات الظهور، فكذلك يبقى احتمال كون مقتل (النفس الزكية) الذي يكون قريباً من عصر الظهور، علامة من علامات الظهور. فالقرائن الخارجية هي المعيار في الحكم في مثل هذه الأُمور، ونحن نعتقد أنَّه، وبالاستناد إلى روايات زمان ومكان مقتل (النفس الزكية)، غير محمّد بن عبد الله بن الحسن.
القرينة الخامسة:
إنَّ الإخبار عن قتل (النفس الزكية) في الروايات كعلامة من علامات الظهور، جاء مقترناً بذكر بعض الوقائع الأُخرى التي لم تتحقَّق بعد. ولذا، فإنَّ الفهم العامّ من سياق العبارات هو أنَّ هذه العلامة أيضاً لم تتحقَّق بعد. وعليه فلا يمكن اعتبار أنَّ المقصود من (النفس الزكية) هو محمّد بن عبد الله بن الحسن، بل هو إشارة إلى مقتل شخص آخر يتحقَّق في قادم الزمان.
ومن جملة الروايات، الرواية الواردة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، والتي ذكر فيها أنَّ للقائم خمس علامات: السفياني، واليماني، والصيحة، وقتل النفس الزكية، والخسف في البيداء(53).
والروايات التي تُعدِّد العلامات الحتمية، مثل ما ورد عن الصادق (عليه السلام) من أنَّ الصَّيحة حتم، وخروج السفياني، اليماني، والنفس الزكية حتم...(54).
ومن الواضح، أنَّ خروج السفياني، واليماني، والصَّيحة في السماء لم تتحقَّق بعد، فكذلك قتل (النفس الزكية) الذي ذُكِرَ في عداد هذه العلامات، لم يتحقَّق بعد.
نقد السيِّد الصدر:
ولكنَّ السيد الصدر لم يقبل بهذه القرينة، وذلك باعتبار سياق العبارات، والذي بموجبه لا بدَّ من القول بعدم تحقُّق هذه العلامات حين صدور الرواية، فالسيد الصدر يقول: إنَّ بعض العلامات المذكورة في الروايات تتحقَّق بعد صدور الرواية بوقت قصير وبعضها يتحقَّق بوقت متأخِّر، وتقدُّم تحقُّق العلامة أو تأخُّرها لا علاقة له بالسياق، خاصَّةً وإنَّ هذه العلائم تمَّ عطفها بحرف (الواو)، و(الواو) ليست كحرف (أو) أو (ثمّ) أو (الفاء)، فلا تفيد الترتيب، كما يقول ذلك علماء النحو.
نقد وتحليل:
إنَّ ما يقوله السيِّد الصدر في خصوص إمكان تحقُّق العلامة بفاصلة عن العلامة الأُخرى، صحيحٌ، ولكن يمكن القول بأنَّ تحقُّق علامةٍ مذكورة مع أربع علائم تتحقَّق قريباً من الظهور، تقوّي احتمال وقوع تلك العلامة بالقرب من عصر الظهور أيضاً. وعلى أقلّ التقادير يبقى هذا الاحتمال قائماً، وبضمِّ القرائن الدالَّة على قرب مقتل (النفس الزكية) من زمن الظهور، يتعين هذا الاحتمال.
القرينة السادسة:
استناداً إلى الرواية القائلة بأنَّه ليس بين قيام القائم (عليه السلام) وبين قتل (النفس الزكية) إلَّا خمس عشرة ليلة، وبعد علمنا بأنَّ بين قتل محمّد بن عبد الله النفس الزكية وبين الظهور، فاصلة زمانية طويلة، وهي لحدِّ الآن تتجاوز الـ (1150 سنة)، يتَّضح لنا بأنَّه لا يمكن أن تكون روايات قتل (النفس الزكية) ناظرة إلى محمّد بن عبد الله بن الحسن.
جواب السيِّد الصدر:
يرى بأنَّ هذه القرينة غير صحيحة، لأنَّ هذه الرواية التي وردت في الكثير من الكتب الشيعية، كالإرشاد للشيخ المفيد، والغيبة للشيخ الطوسي، وكمال الدين للشيخ الصدوق (عليهم الرحمة)، تنتهي سلسلة رواتها جميعاً إلى راوٍ واحد، وهو ثعلبة الذي يرويها عن شعيب، وهو ينقلها عن صالح.
وقد وُصِفَ ثعلبة في كتاب الإرشاد وكمال الدين بـ (ابن ميمون).
ووُصِفَ شعيب في كتاب الغيبة والإرشاد بـ (الحدّاد)، وفي كمال الدين بـ (الحذّاء)، ووُصِفَ صالح في كتاب الإرشاد بـ (ابن ميثم) وفي كمال الدين بـ (مولى بني العذراء).
وعلى أيِّ حالٍ، فإنَّ هذه الروايات، وعلى أحسن التقادير، هي خبر واحد، ونحن، واستناداً إلى الضوابط السندية، نمنع التمسّك بخبر الواحد في مثل هذه الموارد.
نقد وتحليل:
كما تقدَّم منّا في بحث زمان استشهاد (النفس الزكية) بالتفصيل، فإنَّ الرواية المنظورة للسيِّد الصدر، معتبرةٌ سنداً. ومضافاً إلى ذلك، فإنَّ الروايات التي تدلُّ على اتِّصال مقتل (النفس الزكية) بظهور الإمام المهديِّ (عليه السلام) معتبرة سنداً. ولمَّا كنّا قد بحثنا سابقاً في خصوص هذه الرواية والروايات الأُخرى بالتفصيل فلا نُكرِّر البحث هنا ثانيةً.
نقد ودراسة نظريَّة التطابق:
لقد توسَّع السيِّد الصدر كثيراً في إثبات التطابق بين (النفس الزكية) وبين محمّد بن عبد الله، ولكنَّه لم يقدِّم دليلاً قاطعاً في هذا المجال، بل إنَّه حتَّى في مرحلة إثبات القرائن على الانطباق استند إلى روايتين فقط، وهما:
1- الرواية التي ينقلها أبو الفرج الأصفهاني في (مقاتل الطالبيين)، عن الإمام الباقر (عليه السلام)، عن آبائه، والتي جاء فيها أنَّ النفس الزكية من أولاد الحسن، فالسيِّد الصدر يرى بأنَّ دلالة هذه الرواية على أنَّ المقصود من (النفس الزكية) هو ابن الإمام الحسن (عليه السلام) واضحة بينة.
2- والرواية الثانية التي ينقلها، هي قول لعبد الله بن موسى، وهو أنَّ جماعة من علماء المدينة جاؤوا إلى عليِّ بن الحسن وطرحوا عليه هذه المسألة (المطالبة بالحكم)، فقال لهم بأنَّ محمّد بن عبد الله أولى منه بالحكم. ثمّ يذكر حديثاً طويلاً، إلى أن يشير إلى (أحجار الزيت) ويقول: هنا يقتَل النفس الزكية. يقول عبد الله بن موسى: ولقد رأيناه قتيلاً في المكان الذي أشار إليه.
كما أنَّ السيِّد الصدر ينقل حديثاً عن مسلم بن بشّار، وأنَّه قال: كنت مع محمّد بن عبد الله جنب غنائم خشرم، فقال لي: هنا يقتَل النفس الزكية، وكان يقصد نفسه، حيث قُتِلَ فيما بعد في نفس ذلك المكان.
فالسيِّد الصدر، يرى كفاية هذه القرائن لإثبات التطابق بين (النفس الزكية) ومحمّد بن عبد الله، بضميمة ردِّ قرائن الافتراق وعدم التطابق، مؤكِّداً هذا الادِّعاء بكلِّ جزم وإصرار.
نقد وتحليل:
أوَّلاً: النقد السندي:
ورد في سند الرواية الأُولى أمثال عليِّ بن عبّاس وعمر بن موسى، وعليُّ بن عباس مشترك بين أربعة أنفار لم يذكر أحدهم في الكتب الرجالية، أو عُدَّ من الضعاف(55).
وأمَّا عمر بن موسى فلم يرد له ذكر(56).
وعليه لا يمكن الاستناد على هذه الرواية.
كما أنَّ الروايتين الأخيرتين ليستا عن الإمام المعصوم، فالأُولى عن عليِّ بن الحسن، والثانية عن محمّد بن عبد الله.
وفي الاستناد على رواية غير المعصوم لإثبات المدَّعى، ضعف واضح.
ثانياً: النقد الدلالي:
إنَّ رواية الإمام الباقر (عليه السلام) في أنَّ (النفس الزكية) من أولاد الإمام الحسن، لا تدلُّ إلَّا على نسب النفس الزكية، فهي لا تدلُّ على أنَّ مقصود الإمام (عليه السلام) محمّد بن عبد الله أو شخص آخر غيره يظهر في زمان مستقبلي يحمل هذا النسب.
كما أنَّ قتل محمّد بن عبد الله في ذلك المكان المعين، والذي ورد في القرائن الأُخرى، لا ينافي تحقُّق نفسٍ زكية قبيل الظهور.
وبعبارة أُخرى: سيكون عندنا دليلان مثبتان، إثبات أحدهما لا ينافي إثبات الآخر.
وممَّا تقدَّم، وخاصَّة القرينة الأُولى والسادسة، يتَّضح لنا بأنَّ (النفس الزكية) الوارد ذكرها في روايات علائم الظهور، هي غير محمّد بن عبد الله بن الحسن، ولا بدَّ من انتظار تحقُّق هذه العلامة في المستقبل، وهي إحدى علامات ظهور الإمام المهدي (عليه السلام).
الهوامش:
(1) الغيبة لمحمّد بن إبراهيم النعماني: 356 و357 و363 و364 و369/ الطبعة الثانية/ نشر الصدوق/ 1418هـ/ طهران.
(2) الكافي لمحمّد بن يعقوب الكليني: 245/ الرواية 483/ انتشارات دار التعارف للمطبوعات/ 1411هـ/ بيروت. سند هذا الحديث: (محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليِّ بن حكم، عن أبي يعقوب الحرّاز، عن عمر بن حنظلة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ...).
(3) الغيبة للنعماني: 406/ باب 16/ الرواية السادسة.
(4) الغيبة للنعماني: 363/ باب 14/ الرواية 15، و357/ الرواية 11؛ كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق 2: 556/ باب 57/ الرواية السابعة/ الطبعة الثانية/ انتشارات مسجد جمكران المقدَّس/ 1382 ش.
(5) كمال الدين 2: 558/ باب 57/ الرواية 14. سند هذه الرواية: (حدَّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل (رضي الله عنه) (من المصدر)، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، قال: ...).
(6) الغيبة للنعماني: 372/ باب 14/ الرواية 26.
(7) النهاية في غريب الحديث لابن الأثير 2: 307/ الطبعة الرابعة/ انتشارات مؤسَّسة إسماعيليان/ 1364ش/ قم. قال ابن الأثير في المصدر: (وأصل الزكاة في اللغة الطهارة والنماء والبركة والمدح). (النهاية في غريب الحديث (ج 2)/ باب الزاي مع الكاف).
(8) الغيبة للنعماني: 365/ باب 14/ الرواية السابعة.
(9) اختيار معرفة الرجال للشيخ الطوسي: 23/ الطبعة الرابعة/ مركز نشر آثار العلَّامة المصطفوي/ 1424هـ. في المصدر: (تضريح) بالحاء وليس بالجيم، لكن في البحار بالجيم.
(10) تأريخ الغيبة الكبرى للسيد محمّد الصدر: 540/ انتشارات ذوي القربى/ 1425هـ.
(11) بحار الأنوار للعلَّامة المجلسي 52: 217.
(12) نفس المصدر: 505.
(13) كمال الدين 1: 604/ باب 32/ الرواية 16؛ سند هذا الحديث: (حدَّثنا محمّد بن محمّد بن عصام، عن محمّد بن يعقوب الكليني، عن قاسم بن العلاء، عن إسماعيل بن عليٍّ القزويني، عن عليِّ بن إسماعيل، عن عاصم بن حميد الحنّاط، عن محمّد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: ...)؛ هذا الحديث ضعيف لوجود محمّد بن محمّد بن عصام في سنده حيث إنَّه لم يرد فيه توثيق سوى ترضّي الشيخ الصدوق عليه. (راجع: معجم رجال الحديث 17: 199).
(14) ويحتمل اتِّحاد الرواية على ما يأتي.
(15) معجم أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام) لعليّ الكوراني 3: 493/ الرواية 1063/ الطبعة الأُولى/ انتشارات مؤسَّسة المعارف الإسلامية/ 1411هـ/ قم. نقلاً عن مختصر إثبات الرجعة/ الرواية 18. سند هذا الحديث: (حدَّثنا صفوان بن يحيى، عن محمّد بن حمران، عن جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام)، قال: ...).
(16) كمال الدين 2: 559/ باب 57/ الرواية 14.
(17) معجم أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام) 3: 493، نقلاً عن مختصر إثبات الرجعة/ الرواية 18.
(18) الغيبة للنعماني: 364/ باب 14/ الرواية 16؛ سند هذا الحديث: (حدَّثنا صفوان بن يحيى، عن محمّد بن حمران، عن جعفر الصادق (عليه السلام)، قال: ...). أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدَّثني عليُّ بن الحسن، عن عليِّ بن مهزيار، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن مختار، قال: حدَّثني ابن أبي يعفور، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام)...
للتحقيق في اعتبار أحمد بن محمّد بن سعيد راجع: معجم رجال الحديث 2: 274.
للتحقيق في اعتبار عليّ بن الحسن راجع: نفس المصدر 11: 231.
للتحقيق في اعتبار عليّ بن مهزيار راجع: نفس المصدر 12: 192.
للتحقيق في اعتبار حمّاد بن عيسى راجع: نفس المصدر 6: 225.
للتحقيق في اعتبار حسين بن المختار راجع: نفس المصدر 6: 87.
للتحقيق في اعتبار ابن أبي يعفور راجع: نفس المصدر 10: 96.
(19) الغيبة للنعماني: 364/ باب 14/ الرواية 16؛ سند هذا الحديث: (حدَّثنا صفوان بن يحيى، عن محمّد بن حمران، عن جعفر الصادق (عليه السلام)، قال: ...). أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدَّثني عليُّ بن الحسن، عن عليِّ بن مهزيار، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن مختار، قال: حدَّثني ابن أبي يعفور، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام)...
للتحقيق في اعتبار أحمد بن محمّد بن سعيد راجع: معجم رجال الحديث 2: 274.
للتحقيق في اعتبار عليّ بن الحسن راجع: نفس المصدر 11: 231.
للتحقيق في اعتبار عليّ بن مهزيار راجع: نفس المصدر 12: 192.
للتحقيق في اعتبار حمّاد بن عيسى راجع: نفس المصدر 6: 225.
للتحقيق في اعتبار حسين بن المختار راجع: نفس المصدر 6: 87.
للتحقيق في اعتبار ابن أبي يعفور راجع: نفس المصدر 10: 96.
(20) اختيار معرفة الرجال: 23.
(21) كمال الدين 1: 604/ باب 32/ الرواية 16.
(22) الغيبة للنعماني: 385/ باب 14/ الرواية 55.
(23) وستأتي إشارة أُخرى لاحتمال آخر في معنى الرواية (ص ...).
(24) للتحقيق في اعتبار هذا الحديث راجع (ص ...) من هذه المقالة.
(25) كمال الدين 1: 604/ باب 32/ الرواية 16.
(26) معجم أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام)/ 3: 493/ الرواية 1063، نقلاً عن: مختصر إثبات الرجعة: الرواية 18.
(27) الغيبة للطوسي: 464/ الرواية 480.
(28) تفسير العيّاشي 1: 84/ الرواية 117/ انتشارات المكتبة الإسلامية/ طهران.
(29) روضة الكافي: 183/ الرواية 285، سند هذه الرواية: (محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن يعقوب السرّاج، عن أبي عبد الله (عليه السلام).
للتحقيق في اعتبار محمّد بن يحيى راجع: معجم رجال الحديث 18: 30.
للتحقيق في اعتبار أحمد بن محمّد راجع: نفس المصدر 2: 296.
للتحقيق في اعتبار ابن محبوب راجع: نفس المصدر 5: 89.
للتحقيق في اعتبار يعقوب السرّاج راجع: نفس المصدر 20: 155.
(30) بحار الأنوار 52: 307/ الرواية 81، هذا الحديث مرفوع.
(31) كمال الدين وتمام النعمة 2: 554/ باب 57/ الرواية 2، سند هذا الحديث: (محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن العبّاس بن المعروف، عن عليِّ بن المهزيار، عن عبد الله بن محمّد الحجّال، عن ثعلبة بن الميمون، عن شعيب الحذّاء، عن صالح مولى بني العذراء، عن الصادق (عليه السلام).
للتحقيق في اعتبار محمّد بن الحسن راجع: معجم رجال الحديث 15: 206.
للتحقيق في اعتبار محمّد بن الحسن الصفّار راجع: نفس المصدر 15: 248.
للتحقيق في اعتبار عبّاس بن المعروف راجع: نفس المصدر 9: 239.
للتحقيق في اعتبار عليِّ بن المهزيار راجع: نفس المصدر 12: 192.
للتحقيق في اعتبار عبد الله بن محمّد الحجّال راجع: نفس المصدر 10: 32.
للتحقيق في اعتبار ثعلبة بن الميمون راجع: نفس المصدر 3: 409.
للتحقيق في اعتبار شعيب الحدّاد راجع: نفس المصدر 9: 29.
للتحقيق في اعتبار صالح بن ميثم راجع: نفس المصدر 9: 84.
ولا بدَّ من التنوية هنا إلى أنَّ الوارد في كتاب كمال الدين هو شعيب الحذّاء بدلاً عن شعيب الحدّاد، ومثل هذا الاسم لم يرد في كتب الرجال، ونُقِلَت هذه الرواية في الغيبة للشيخ الطوسي والإرشاد للمفيد عن شعيب الحدّاد. وعليه، فإنَّ شعيب الحذّاء تصحيف لشعيب الحدّاد.
كما أنَّ الوارد في كتاب كمال الدين هو أنَّ راوي الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) هو صالح موسى بني العذراء. وقد روى الطوسي في الغيبة هذه الرواية عن شعيب الحدّاد عن صالح بن ميثم. ومنه نفهم وبشهادة نقل الشيخ الصدوق بأنَّ صالح موسى بني عذراء هو نفس صالح بن ميثم.
(32) الغيبة للنعماني: 364/ باب 14/ الرواية 17.
(33) بحار الأنوار 52: 307/ الرواية 81/ الطبعة الثالثة/ 1403هـ/ انتشارات دار إحياء التراث العربي/ بيروت.
(34) تفسير العياشي 1: 84/ الرواية 117.
(35) الغيبة للنعماني: 369/ باب 14/ الرواية 21.
(36) الغيبة للطوسي: 464/ الرواية 479.
(37) نفس المصدر/ الرواية 480.
(38) التشريف بالمنن للسيد ابن طاووس: 275/ باب 63/ الرواية 399/ الطبعة الأُولى/ 1416هـ/ انتشارات مؤسَّسة صاحب الأمر (عليه السلام).
(39) الغيبة للنعماني: 385/ باب 14/ الرواية 55.
(40) نفس المصدر: 364/ باب 14/ الرواية 17.
(41) الغيبة للطوسي: 464/ الرواية 479.
(42) كمال الدين وتمام النعمة 1: 604/ باب 32/ الرواية 16.
(43) معجم أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام)/ 3: 493/ الرواية 1063، نقلاً عن مختصر إثبات الرجعة: 216/ الرواية 18.
(44) بحار الأنوار 52: 307/ الرواية 81.
(45) معجم أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام)/ 5: 224/ الرواية 1645، نقلاً عن: مختصر بصائر الدرجات: 199.
(46) اختيار معرفة الرجال: 23.
(47) تاريخ الغيبة الكبرى: 506 - 511.
(48) الإرشاد للشيخ المفيد: 692/ باب 40/ ط 1380ش/ انتشارات الإسلامية.
(49) معجم أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام)/ 5: 224/ الرواية 1645، هذا الحديث مرفوع نقلاً عن: مختصر بصائر الدرجات: 199.
(50) مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الأصفهاني: 172/ الطبعة الثانية/ 1358ش/ منشورات المكتبة الحيدرية.
(51) نفس المصدر: 171.
(52) نفس المصدر: 162.
(53) الغيبة للنعماني: 356/ باب 14/ الرواية 9.
(54) نفس المصدر: 357/ باب 14/ الرواية 11.
(55) معجم رجال الحديث 12: 67.
(56) نفس المصدر 13: 58.