(٧٠٣) الحركات المهدوية في التاريخ الإسلامي - عرضٌ وتحليلٌ
الحركات المهدوية في التاريخ الإسلامي
عرضٌ وتحليلٌ
الحركات المهدوية من القرن الأول إلى نهاية القرن الرابع الهجري(1)
(1هـ/622م) -(399هـ/1009م)
الشيخ أسامة العتابي
يُعد موضوع الحركات المهدوية من المواضيع المَطروحة في الساحة الإسلامية قديماً وحديثاً، وتختلف أصولها الفكرية والنظرية حسب التوجّهات الدينية والسياسية والاجتماعية، كما أنّها تبنَّت نظريات واتّجاهات فكرية اختلفت عن الرؤية العامة للفكر الإسلامي، ولها جذور تمتد من بداية القرن الأول الهجري إلى الوقت المعاصر، حيث تختلف بين فترة وفترة بشخوصها، وأفكارها، وطبيعة أجوائها، وغاياتها، وأسمائها، وقد تكلّمت كُتب المِلل والنحل حول هذه الحركات والجماعات بشكل مفصّل(2).
إضافة لذلك أنّ المشاكل السياسية والتشدّد المُفرط من قبل خلفاء بني أمية وبني العباس في التعامل مع أئمّة الشيعة (عليهم السلام) جعلهم يتَّبعون منهج التقية آنذاك، ممّا أسفر عن حدوث شكوك لدى بعض أتباع مذهب أهل البيت (عليهم السلام) حول الإمام اللاحق، وبالتالي اختلف مَسار البعض لدرجة ظُهور هذه الفرق والجماعات(3)، وقد تفاقمت هذه المشكلة إلى حدٍّ كبيرٍ بعد شهادة الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) مع عدم علم عامة الناس بولادة نجله المَهدي (عجّل الله فرجه)، فإنّهم لم يكونوا على علمٍ بمكانه، وأنّ غيبته زادت من حَيرة الناس، فلم يعد إمام الشيعة ظاهراً بين مواليه كما كان الأمر مَعهوداً في تاريخ الأئمة السابقين (عليهم السلام)(4).
لذلك تجد بعد - بل قبله - غياب الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجّل الله فرجه) أطلق العديد من المُدّعين على أنفسهم لقب (المَهدي) وبين فترة وأخرى يظهر شخصٌ يوظّف هذا اللَّقب لصالح حركته أو جماعته (المَهدوية) فيجتمع الناس حوله، ويبدأ بنشر أفكاره ومعتقداته، وجرى هذا الأمر على طول مراحل التاريخ الإسلامي(5).
كما زاد ظهورها في غرب البلاد الإسلامية، حينما أسّسوا حكوماتٍ على أساس هذه العقيدة(6). كذلك في شرق البلاد حينما تحوّلت إلى بؤرة أزماتٍ قام بها الخُلفاء العباسيون بقمعها فور ظهورها، وأنّ تأسيس الحُكومة العباسية مدينٌ لفكرة المُنقذ الموعود حيث أيّدوها وخصّصوها بمَهديهم أيضاً، فَوُضِعَت الأحاديث للتبشير به، وهو محمد بن عبد الله بن المنصور، لما لهذا الاسم من مُطابقة مع الأحاديث النبوية التي ادّعوا ورودها عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ليَكون مقابل المَهديين الآخرين. أمّا في القرون الماضية - لا سيما في القرن التاسع عشر الميلادي - فقد شهدت هذه الفكرة إقبالاً واسعاً، فوظِّفت بشكل سياسي كبير، ونجح بعضهم بنشرها وتطويرها في المجتمع. حتّى تزايدت في قرن بعد قرن، فشهدت الأُمَّة الإسلامية شدّاً وجذباً لها على المستويات كافّة، مع توظيفها دينياً وسياسياً في المجتمعات المضطربة.
ويأتي هذا البحث ضمن سياق العرض التاريخي لظاهرة الحركات المهدوية التي يشهدها المجتمع المسلم، باعتبار أنّ المَعرفة التاريخية في الدراسات التحليلية لها أهمية كبيرة، بوصفها (علماً مُساعداً للتشريع الإسلامي والمَعرفة الدينية)(7). وقد احتلت (موقعاً متميزاً في الثقافة العربية والإسلامية، سواء لدى السياسي أو الأديب أو الفقيه أو الفيلسوف أو الإنسان العادي)(8). وأن الجُهد التاريخي، قد أنتج منهجاً نقدياً تحليلياً في المجال الفكري والمعرفي، إضافة لذلك بيان أن مثل هذه الحركات ليست وليدة العصر، أو وليدة الظروف البيئية والسياسية والثقافية والفكرية، أو أنّها من الإفرازات السلبية لغيبة الإمام المَهدي المنتظر (عجّل الله فرجه)، أو كونها فكرة خلقتها جهة من أجل بيان أحقيّتها على جميع الجهات، بل أن موضوعها بارزٌ وظاهرٌ في كل زمانٍ من أزمنة التاريخ الإسلامي، (القديم والحديث والمعاصر)، وتشمل:
1- كل من تبنّى فكرة المهدوية لنفسه.
2- كل من تبنّى فكرة المهدوية لغيره: وهو على قسمين:
أ - من تبنّاها قبل موت صاحبها.
ب - من تبنّاها بعد موت صاحبها.
3- كل من تبنّى فكرة المهدوية بصفتها الثانوية: كـ(ابن المهدي، وصي المهدي، باب المهدي، نائب المهدي، سفير المهدي).
4- كل من تبنّى فكرة المهدوية بصفتها الفرعية الخاصّة بعلامات الظهور: وتشمل (اليماني، السفياني، الحسني) وغيرها من العلامات.
وهذا ما سوف يتناوله الباحث في محورين:
المحور الأول: الحركات المهدوية قبل عهد الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجّل الله فرجه):
أولاً: مهدوية القرن الأول الهجري، وأهمّها:
1- مهدوية الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) (11هـ/632م):
حيث اعتُبِر أول مهدي في الإسلام بمَعنى المهدوية التي نحن في صددها، فقد رفض عمر بن الخطاب التسليم بموت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وادّعى أنَّه حيٌ لم يمت(9)، وسوف يعود إلى الحياة(10)، وأن من لم يقل بذلك يقتله بسيفه(11).
2- السبأية(12) ومَهدوية الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) (40هـ/660م):
وهي أول فرقة من الغلاة، قالت بالوقف(13) وادّعت أن الإمام هو الله (عزّ وجل) - تعالى عن ذلك -، وأنّه يُحيي الموتى، وقد غاب بعد موته، وهو القائم الذي يخرج في آخر الزمان، ويملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت ظلماً وجوراً(14).
3- الكيسانية ومهدوية محمد بن الحنفية (81هـ/700م):
حيث قالت بإمامته، وغيبته، وظهوره في آخر الزمان(15)، وهو المهدي الذي جاءت به الروايات، ووصي أبيه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وأن أخاه الحسين (عليه السلام) قد خرج بإذنه إلى كربلاء(16).
أمّا القول بإمامة نفسه ومَهدويتها فهو موضع خلافٍ عند المؤرِّخين(17)، كما لم يكن موضع اتِّفاقهم في أنَّ المُختار بن أبي عبيد الثقفي (67هـ/686م) هو من ألصق لفظ المَهدي به على أن يكون وزيره(18). وانقسم الناس حوله إلى خمس فرق رئيسية:
1- فرقة زعمت أنّه وصي أبيه، وهو مهديّ آخر الزمان، ولا يحق لأحدٍ أن يشهر سيفه إلّا بإذنه.
2- وفرقة زعمت أنّ أباه سمّاه المهدي، ولا يجوز أن يكون مهديان في الأرض، فقد غاب وسَيرجع ويملك الأرض.
3- وفرقة زعمت أنّه لم يمت وهو مقيم بجبل رضوى بين مكّة والمدينة.
4- وفرقة قالت إنَّه مات والإمامة لابنه عبد الله، وهو المَهدي(19).
5- وفرقة قالت بمهدوية ابنه الأكبر (99هـ/717م) الذي سيرجع إلى الحياة ويقوم بأمور الناس ويملك الأرض(20).
4- مهدوية سليمان بن عبد الملك (99هـ/717م):
وهو الخليفة الأموي الذي تولّى الحكم بعد أخيه الوليد بن عبد الملك (96هـ/714م)، قال عنه النّاس إنّه مفتاح الخير(21)، وحَسن السياسة(22)، وكان خطيباً جميلاً صاحب سلامة ودعه، سُمّي المهدي، وقيلت عنه الأشعار(23)، وأول من وصفه بالمهدي الشاعر الفرزدق (114هـ/732م)(24)، وقيل: إنّه لُقّب بالمهدي لما أحدث من قطع ما كان على المنبر من لعن علي بن أبي طالب (عليه السلام) وعهده إلى عمر بن عبد العزيز في ذلك(25)، إلّا أن نسبة المهدوية له غير تامّة، فلا علاقة له بها، وأن اللقب بمعنى المهتدي أي: المعنى اللَّغوي للمهدي(26).
ثانياً: مهدوية القرن الثاني الهجري، وأهمّها:
1- مهدوية عمر بن عبد العزيز (101هـ/719م):
حيث روي أن عمر بن الخطاب وهو جدّه لأُمِّه قال فيه: (يكون رجلٌ من ولدي بوجهه شين، يملؤ الأرض عدلاً)(27)، يُعرف بأشجِّ بني أميّة(28)، (وأن الدنيا لا تنقضي حتّى يلي رجل من آل عمر يملأ الأرض عدلاً)(29)، وإن كان مهديٌ فهو بن عبد العزيز، وإلّا فلا مَهدي إلّا عيَسى بن مريم(30)، وقد وقع موضع اختلاف بين المؤرخين؛ لأنّه لم يستكمل العدل كُلّه(31)، ولم يدّعِ أيّة دعوة مهدوية، كما لم تقم عليه حركة تدعو له في حياته أو بعد مماته، إنما كان ذلك الأمر وجهاً من وجُوه الصِراع بين بني أمية وبني هاشم في حظّ من يكون (مَهدي الإصلاح) الذي جاء ذكره في الروايات(32).
2- مهدوية موسى بن طلحة (103هـ/721م):
حيث روي أنَّه كان شيخاً طويل السُكوت، قليل الكلام، طويل الحُزن والكآبة، يُحبّ الاعتزال، يخاف دوماً من الوقوع في الفتنة(33)، كان الناس يرونه المهدي(34)، إلّا أنّه لم يُصرّح أو ينسب إلى نفسه ذلك، ولم تنشأ عنه فرقة أو حركة تدعو إلى مهدويته بل تلاشت بموته(35)، إلّا أن المُستشرقين تلقّفوها وحَاولوا نشرها وإضافة شيءٍ إليها(36)، ولعلّ تسمية الناس له بالمهدي لما كان يرون عليه من فضلٍ ومنزلة بينهم(37).
3- مهدوية الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام) (114هـ/ 732م):
فقد ذهبت فرقة إلى القول بمهدويته، لما ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من قوله لجابر الأنصاري: «إنَّك ستدرك رجلاً من أهل بيتي اسمه اسمي، وشمائله شمائلي، يبقر العلم بقراً»، فلمّا لَقاه قال له: جدَّك يقرئك السلام(38)، وكانت هذه العبارة سبباً في الاعتقاد بمهدويته عند البعض(39)، وأنّه سوف يرجع وجبرائيل وميكائيل يُبايعانه بين الرُّكن والمقام(40)، إلّا أن المؤرّخين أجمعوا بأنّه لم يدَّعِ شيئاً من ذلك، وكذّب كل من قال بها(41).
4- مهدوية المغيرة بن سعيد (120هـ/737م):
دعا إلى القول بإمامة مُحمّد ذي النفس الزكية (145هـ/762م) ومَهديته، ثم دعاها لنفسه(42)، وكان يعتقد أن الإمامة بعده هي لمحمد بن علي الباقر (عليه السلام)، وادّعى النبوة وغلا في الإمام علي (عليه السلام)، وقال بالتشبيه(43)، وقيل: هو من سمّى الشيعة بالرافضة، لأنهم رفضوا القول بمقَالته(44)، وبعد مقتله اختلف أصحابه، منهم من قال: بانتظاره ورجعته، وهؤلاء هم المُغيرية، ومنهم من قال: بانتظار النفس الزكية كما كان يقول هو بانتظاره(45)، وقد ذمّه الإمام الصادق (عليه السلام) وتبرّأ منه على رؤوس الأشهاد(46).
5- مهدوية أبي منصور العجلي (121هـ/738م)(47):
ممّن ادَّعى النبوّة لنفسه، وأنَّ الله تعالى عرج إليه ومسح على رأسه(48)، وأن الأئمة علي بن أبي طالب، والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي (عليهم السلام) أنبياءٌ مُرسلون(49)، ثم تكون الرسالة في ستة من ولده آخرهم المهدي(50)، وقد طَلبه والي العراق فقتله وصَلبه(51)، إلّا أن العجلي لم يدّعِ المَهدوية لنفسه، بل ادّعاها لغيره، وهي لابنه السادس من صُلبه، إلّا أنها انتهت بمقتل صاحبها ولم يظهر لها شأنٌ بعده(52).
6- مهدوية زيد بن علي (عليه السلام) (122هـ/739م):
حيث قالت جماعة من الشيعة بإمامته، ولم يكن يُريدها لمعرفته باستحقاقها لأخيه الباقر (عليه السلام)(53)، وذهبت فرقة أخرى إلى القول بمهدويته، و(أن الأئمة أربعة: ثلاثة مَضوا والرابع هو القائم، وهو من ألقاب المهدي)(54)، فهو قائم هذه الأمّة(55)، وقد تسرَّب هذا القول في الشعر والأدب أيضاً(56). لكن هناك فرقاً بين زيد ومهدويته من جهة، وبين عقيدة فرقة الزيدية التي نسبت إليه من جهة أخرى(57)، فإنّها لا تؤمن بالمهدي المنتظر، بل الإمام عندهم كلُّ فاطميّ خرج بالسيف يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر(58). وأمّا اعتناق زيد عقيدة المُعتزلة أو أنّه ادَّعى المهَدوية لنفسه، فهو ممّا وقع الخلاف فيه عند المؤرّخين(59)؛ لضعف رواة هذه الأخبار ومجهولية بعضهم(60)، بينما وردت روايات في مدحه والثناء عليه من قبل الإمام الصادق (عليه السلام) يستدل البعض بها على سلامة فكره وعقيدته(61).
7- مهدوية الحارث بن سريج (128هـ/745م):
عُرف بثأره ضد الأمويين ومنازعتهم في سلطانهم أواخر دولتهم، تحالف مع الأتراك وبعض الشخصيات ضدهم، وعُرف بصاحب الرايات السود التي جاء ذكرها في الروايات، وأن رايته حق لا تُرد، وجيشه لا يُهزم، حتّى يزيل ملك بني أميّة(62). ويلاحظ من ذلك: أن الفكرة المهدوية لم تشهد تصعيداً وتفعيلاً عنده إنما اقتصرت على بعض الملامح الفرعية، وهي الاعتماد على العلامات، مثل الرايات السود، أو صاحب الرايات، وقد عُرف الحارث بذلك تاريخياً(63).
8- مهدوية عبد الله بن معاوية الطالبي (131هـ/748م):
عرف بنهضته ضد الأمويين، ودعا الناس إلى نفسه واللحوق بحركته(64)، اختُلف فيه بعد موته:
ففرقة قالت: إنّه حيٌ لم يمُت وهو الوصي وإليه يرجع الأمر وأنه مقيمٌ في جبل أصَبهان لا يموت أبداً(65).
وفرقة قالت: هو المهدي الذي بشّر به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنه يملك الأرض ويملأها قسطاً وعدلاً(66).
وفرقة آمنت بفكرة التناسخ واعتقدت أن روح الله تعالى كانت في آدم ثم تناسخت حتّى وصلت فيه(67). وقد يُلاحظ على هذه الدعوى أن القائلين بها من الغُلاة، وأنها انتهت بنهايتهم ولم يظهر لها ذكر(68).
9- مهدوية أبي مسلم الخراساني (137هـ/754م):
عُرف أيضاً بنهضته ضد الأمويين وإزالة حُكمهم سنة (132هـ/749م)(69)، وكان فصيحاً بالعربية والفارسية، مات وليس له دارٌ ولا عقارٌ ولا عبدٌ ولا أَمَةٌ ولا دينارٌ(70)، ولمّا قُتِل اضطربت خراسان وتفرّق أتباعه:
منهم مَن قال بإمامته وأنّه مات(71).
ومنهم مَن قال: لم يمت ولم يقتل حتّى يظهر العدل ويقيم الدَّين(72).
ومنهم مَن اعتبره صاحب الرايات السُود التي تأتي من خراسان، والتي يجب اتّباعها(73).
وكل هذه الدعاوى نُسبت إلى سيرته بعد وفاته، ولم يدَّع شيئاً من ذلك، بل كان قائداً عسكرياً كبيراً في ميدان الحرب(74).
10- مهدوية إسماعيل بن جعفر بن محمد (143هـ/760م):
آمنت الفرقة الإسماعيلية المنتسبة له بأنَّه الإمام بعد أبيه الصادق (عليه السلام)، لكن بعد وفاته انصرف البعض عن القول بها(75)، رغم أن أباه كشف عن جنازته قبل دفنها لمرّات عديدة ليُريهم حقيقة أمره، إلّا أن هُناك من أنكر موته وقال: أن أباه قد غيّبه عن الأنظار(76) كما قالت به المُباركية(77) التي تؤمن بمَهدويته، وأنّه سوف يرجع ويملك الأرض، ويُحقّق العدل، وهو قائم آل محمد(78)، ومنهم من وقف عليه وقال برجعته(79). ويبدو من ذلك أن القول بمهدويته ثابت عند فرقة صغيرة فقط لم يكتب لها الدوام، رغم أنّه لم يدّعِ ولم يحدّث نفسه بذلك(80).
11- مهدوية محمد بن عبد الله بن الحسن ذي النفس الزكيّة (145هـ/762م)(81):
كان يُعرف بزهده ونسكه(82)، دعا إلى نفسه وبايعه رجال من بني هاشم، ومن آل أبي طالب، وآل العباس، وآل الزبير، وآل عمر بن الخطاب(83)، خرج معه كثيرٌ من الفقهاء والعلماء بما فيهم الزيدية(84)، حتّى أفتوا بوجوب ذلك(85)، وبايعه أبو جعفر المنصور أيضاً(86). أمّا مهدويته فقد مهّد لها والده، حيث غيّبه عن الناس منذ طفولته، ويقول لهم: لم يأن الوقت الذي يظهر فيه محمد بعد(87)، حتّى بويع في الأبواء على أنّه (المهدي المُنتظر) ويأملون فيه الانتقام من الأمويين بعد عُهود من القهر والنكبات(88)، حاول المنصور أن يقف حائلاً في انتشار (مهدوية ذي النفس الزكية) إلّا أنَّه لم ينجح، حتّى شاعت وانتشرت بين الناس، وسارت في الآفاق، وتغنّى بها الشُعراء(89)، وغاب عن الناس وظَهر مع أخيه إبراهيم وبايعه الناس سنة (145هـ/762م)(90)، وقيل: إن المعتزلة بايعوه أيضاً وسمَّو ثورتهم بالثورة المُعتزلية(91)، ودامت حركة ذي النفس الزكية من يوم خروجه إلى يوم مقتله سبعة وسبعين يوماً(92).
أمّا بعد مقتله فقد اختلفوا فيه: فأصحاب المغيرة بن سعيد قالوا: (إنّه حيّ لم يمت وأن الخارج إلينا والمقتول بيننا ليس محمد بن عبد الله إنما شيطان تمثّل في صُورته، وأنَّ محمداً سيخرج ويملك الأرض ويحكم فيها بالعدل)(93)، وفرقة أخرى قالت: (إنّه حيٌّ ومقيم في جبل يقال له الطمية(94) يخرج منه في آخر الزمان)(95).
أمّا الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) فقد وقف موقف المعارض الشديد لهذه الدعوى، وأوضح ما سوف تؤول إليه جماعة ذي النفس الزكية، وما يحلّ به شخصياً من قتل وخيانة، وأنّه ليس المهدي الموعود من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(96). والذي يتَّضح من كتب التاريخ أن دعوى مهدوية مُحمّد ذي النفس الزكية كانت مِن قبل والده، فهو من مهَّد لها، وبايعه البعض وهو غير موجود بينهم(97)، أمّا هل ادَّعى ذلك أم لا؟ فهذا لم يثبته التاريخ(98)، نعم قد دعاّ الناس إلى إمامته وسافر إلى البصرة لهذا الغرض(99)، وانضمام المعتزلة والزيدية له بصفته إماماً لا بصَفته مهديّاً، وعلى هذا الأساس أفتى فقهاء المذاهب بوجوب الوقوف مع ثورته والخروج معه(100)، ولم يرد في خِطاباته وكُتبه شيءٌ عن المَهدي(101)، نعم البعض اعتبر مقتله علامة من علامات الظُهور لما ورد من أخبار مقتل (النفس الزكية)(102).
12- الناووسية(103) ومهدوية الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) (148هـ/765م):
حيث قالت: (بأنّه حيٌّ لم يمت حتّى يظهر ويلي الأمر، فهو القائم المهدي)(104)، وأن الذي كان بين الناس عند موته ليس جعفراً إنما صُورته التي تلبَّست في أحدهم(105)، لكن لم تستمر هذه الفرقة لمدّة طويلة، لذمِّهم من قبل الأئمة (عليهم السلام) وإبطال قولهم(106)، مع عدم وجود صلة مباشرة به بالرغم من معاصرتهم له، وأن نصّ الإمامة لابنه موسى هو الدليل على بطلان قولهم بالإمامة أو المهدوية(107).
13- مهدوية عبد الله بن جعفر الأفطح:
والذي تُنسب إليه الفرقة الفطحية(108) القائلة بإمامة الولد الأكبر للإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، وبعد وفاته انقطعت الإمامة عندهم(109)، فذهبت فرقة إلى القول بمهدوية ابنه محمد الذي تحوَّل بعد موت أبيه إلى خراسان وأقام فيها، وأنّه حيٌّ لم يمت، وهو المهدي المنتظر(110)، إلّا أنّها قليلة لم يظهر لها أثرٌ في التاريخ(111).
14- مهدوية محمد بن عبد الله العباسي (169هـ/785م):
وهي حركة غير مرتبطة بفكر أو عقيدة، إنما ورقة سياسية استعملها المنصور العباسي في ذلك الوقت(112)، فوضعت الأحاديث الكاذبة في أن (المهدي من ولد العباس)(113)، مع أنَّ والده المنصور كان يقرّ أن ابنه ليس المهدي الموعود(114)، فضلاً عن عدم قناعة بني العباس بذلك(115). وعليه لم يكتب لها البقاء، إنما طُويت بوفاته ولا أثر لها، كما لم يكن هو نفسه مقتنعاً بما يُقال له(116).
15- مهدوية الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) (183هـ/799م):
فقد تعدّدت الأقوال فيها، ولم تَذكر كتب التاريخ أسماء تلك الفرق إلّا أنه يَجُمعها مُصطلح (الواقفة)، فمنهم: (من قال إنه المَهدي، وهو حيٌ لم يمت وقد دخل دار هارون الرشيد ولم يخرج منها)، ومنهم من قال: (إنه القائم، وأنّه مات فعلاً، وحيث إن الإمامة لا تكون لغيره، حتّى يرجع فيقوم بالأمر، لهذا سمّي بالقائم لأنه يقوم بعد الموت ليأمر وينهى)، ومنهم من قال: (إنه لم يمت وهو حيٌّ وقد خرج من الحبس ولم يره أحد، وسوف يظهر في آخر الزمان)، ومنهم من قال: (إنّه مات وفيه شبه من عيسى بن مريم، فيرجع في وقت القيامة ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً)، ومنهم من قال: (إنّ الله قد رفعه إليه، وسوف يردّه عند القيامة)، ومنهم من وقف ولم يقرّ بموته ولا بحياته، وتتفرع عن هذه الأقوال غيرها، إلّا أنها لا تخرج عن نطاق الواقفة(117). لذلك شغلت حيّزاً كبيراً في أذهان الناس، وصدعاً كبيراً أحدثته في المسيرة الإمامية، ورغم ذلك كان لها أثر وقتي وانتهى بعد مُدّة يسيرة. كما أنّ دعوى المهدوية استُخدمت استخداماً سيئاً ومُغالياً في الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام)(118)، لكن لم يعد لها وجود إلّا في كتب الفرق(119). وأنَّ الشيخ الطوسي عقد فصلاً في كتابه الغيبة لمناقشة معتقداتهم وإبطالها(120).
وكان السبب الرئيسي وراء الانهيار والتلاشي السريع لهذه الفرقة، هو موقف الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) نفسه، وموقف ولده الإمام علي الرضا (عليه السلام) اللَّذين عملا على ثلاثة محاور رئيسية:
1- تأصّيل العقيدة المهدوية نهجاً ومِصداقاً.
2- التصدّي لهذه الدعاوى التي انتشرت في زمانهما.
3- العمل بدقّة متناهية في إبطالها(121).
16- مهدوية محمد بن إسماعيل بن جعفر (193هـ/808م):
وهو الذي ترجع إليه فرقة (المُباركية) القائلة بإمامته، فقد رأوا أنّه المَهدي، وذهبوا إلى القول: (بأنَّه حيٌ لم يمت، وقد غاب في بلاد الروم)، (وهو القائم الذي سوف يبعثه الله تعالى برسالة جديدة ينسخ بها كل الشرائع حتّى شريعة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم))، واعتبروه من أولي العزم، فهم يعتقدون أنّهم سبعة بإضافة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ومحمّد بن إسماعيل، (وأن الله تعالى جعل له جنّة آدم، ومعناها الإباحة للمحارم وجميع ما خلق في الدنيا) (122)، وأفتوا بقتل كل من يقول بإمامة موسى بن جعفر وولده الرضا(123).
أمّا ادِّعاء المهدوية لنفسه فهو موضع خلاف بين المؤرّخين(124)، إلّا أن سيرته لا تتلاءم مع هذه الحركة والأفكار والادِّعاءات، فلو تمَّ حساب عمره، نجده عند وفاة والده كان بعمر أحد عشر عاماً أو اثني عشر عاماً، وكان في حضن جدّه الإمام الصادق (عليه السلام) الذي اعتنى به لحين وفاته، فأين ادّعاؤه للمهدوية؟ وما هي المقوّمات؟ وأين هُم الأنصار؟ كل هذا يظهر أنّه لم يدّعِ المهدوية يوماً لكنها نُسبت إليه(125). وأن وشايته بالإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) عند هارون الرشيد ليست محلّ إجماع عند المؤرّخين فقد ذهب المفيد والطوسي إلى ضعفها وأن أخاه علي بن إسماعيل هو الذي وشى به(126).
ثالثاً: مهدوية القرن الثالث الهجري: وأهمها:
1- مهدوية محمد بن جعفر (الديباج) (203هـ/818م):
الذي يرى رأي الزيدية في ضرورة الخروج بالسَّيف، خرج على المأمون العباسي (199هـ/814م) واتّبعَتْهُ الزيدية الجارودية(127)، وبايعوه بالخلافة وإمرة المؤمنين سنة (200هـ/815م)(128)، خاض مَعارك في مكّة والمدينة(129)، ولم تكن علاقته بالإمام علي بن موسى الرضا (203هـ/818م) مرضية، لكثرة الأقاويل عنه(130)، فقد روي أنّه أبطأ بحضور جنازة عمّه محمد بن جعفر(131)، وكان يكره مناظراته لأهل الكلام في مجلس المأمون(132). وعندما فُقِئَت عينه في إحدى المَعارك سُرّ بذلك وقال: (أرجو أن أكون المهدي القائم، وقد بلغني أن في إحدى عينيه شيئاً، وأنه يدخل في هذا الأمر وهو كاره له)(133).
أمّا نسبة المهدوية إليه فقد انفرد الأصفهاني (356هـ/966م) من بين مُعاصريه بالقول بها(134)، ولم يظهر لها أثر على مُستوى الفِرَق، إلّا في الشميطية(135) التي سَاقت نص الإمامة إليه، فزعموا أن المهدي من ولده(136)، فقالوا بمهدوية أحد أولاده لا بمَهدويته الشخصية(137).
2- مهدوية محمد بن القاسم (219هـ/834م):
المعتقد برأي الزيدية الجارودية(138)، دعا إلى الرضا من آل محمد في طَالقان، وألقي القبض عليه ونقل إلى سجن سرّ من رأى، في زمن المعتصم العباسي، هرب منه إلى واسط وأقام فيها(139)، ولما ظهر بايعه جمعٌ من الناس، وزعموا أنَّه المهدي(140)، وأكثرهم في الكُوفة وجبال طبرستان والديلم(141)، حيث ذهبوا إلى القول بإمامته(142). أمّا (ما نُقل في التاريخ من ادّعاءات نُسبت له، فهي لا تتفق مع سيرته التي عرف بها من الزهد والتقوى والصلاح، ولم ينسب إليه أحدٌ ادّعاء المهدوية لنفسه، إنما نُسبت بعد وفاته، كما نقلها الأصفهاني(143)، إلّا أن أتباع هذه الفكرة لم يَعد لهم أيِّ ذكر في مَسرح التاريخ)(144).
3- مهدوية يحي بن عمر الطالبي (250هـ/864م):
عُرف بشجاعته وبسالته، دعا في الكوفة إلى الرضا من آل محمد، واجتمع الناس إليه وأحبّوه وتولّاه العامة من أهل بغداد(145)، بايعه جماعة من الزيدية أيضاً(146)، وثار في الكوفة وقُتل فيها سنة (250هـ/864م)، وقد رثاه الشعراء في قصائدهم(147)، وظهرت فرقة تسمّى (الجارودية)، تقول (بأن يحيى بن عمر لم يمت، وأنّه حي، وسيملك الأرض ويملأها عدلاً)(148).
4- مهدوية محمد بن علي (252هـ/866م):
وهو من الرجال الموثوقين الفاضلين، برز بعد وفاة أبيه الهادي (عليه السلام) (254هـ/868م)، ذهبت جماعةٌ إلى القول بإمامته، وأن أباه قد نصّ عليه في حياته، وحيث إنّه توفي قبل وفاة أبيه فقد زعموا عدم موته؛ لأنّه مَنصوصٌ من قبل الإمام، والإمام لا يكذب بأيِّ حالٍ من الأحوال، فهو لازال حياً لم يمت، وأن أباه قد غيّبه عن الأنظار، وهو القائم المهدي الذي يَملأ الأرض عدلاً(149)، إلّا أنّ هذه الحركة، انقرضت سريعاً بوجود الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، كما أن صاحبها لم يدَّعِ شيئاً من ذلك إطلاقاً، نعم تُعتَبر ذات خطورة لقربها عهداً من وفاة العسكري (260هـ/873م) وبدء الغيبة الصغرى للإمام المهدي محمد بن الحسن (عجّل الله فرجه)(150).
5- مهدوية الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) (260هـ/783م):
وهو من اجتمع الناس والدولة وكل من عاصره على نُبله وعفافه وسكونه وهديه(151)، نسبت له المهدوية أيضاً، ففرقةٌ قالت: (إنّه لم يمت إنما هو غائبٌ مستتر، وهو المهدي المنتظر الذي نصّت عليه الروايات؛ لأنه لا ذرية له، وأن الأرض لا تخلو من إمام، وقد ثبتت إمامته بنصّ أبيه الهادي (عليه السلام)، وأنَّ للقائم غيبتين، فقد غاب الغيبة الأولى وسيظهر بعد ذلك بإذن الله تعالى)، وفرقة قالت: (إنّه مات وهو القائم المهدي الذي سيقوم بعد الموت ولا ولد له، ولو كان له ولد لصحّ موته ولا رجوع، لأن الإمامة تثبت لخلفه، وحيث إنّه لم يوصِ إلى أحدٍ فلا شك أنَّه المهدي)(152)؛ (لأن الأرض لا تخلو من حجّة ظاهرة أو مستترة، فهو غائب مستتر)(153).
إلّا أنَّ: شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) (260هـ/873م)، كانت علنية ومشهورة ومعروفة عند الجميع، حتّى إن قاضي القُضاة وجمعاً غفيراً من بني هاشم والعباسيين والكتّاب والفقهاء كشفوا عن وجهه قبل دفنه(154)، فضلاً عن صلاة نجله محمد المهدي (عليه السلام) على جنازته، تلك الحادثة التي فاجأت الجميع، ونقلتها كتب التاريخ، ولم يكتب لهذه الدعوى النجاح(155).
6- مهدوية جعفر بن علي (271هـ/884م):
وهو ابن الإمام الهادي (عليه السلام) وشقيق الإمام العسكري (عليه السلام)، لم يُسر به أبوه لمّا ولِد، وأَخبر أنّه سيُضلُّ به خلقٌ كثيرٌ(156)، لُقّب بجعفر الكذّاب لادِّعائه الإمامة بعد أخيه الحسن (عليه السلام) وتوسّله للدولة بجعله إماماً على الشيعة، وأنكر وجود الوريث الشرعي وادّعى استحقاقه التركة(157)، حاول استغلال عقيدة البداء كي تُجبى الأموال إليه فلم يفلح(158)، وحاول إقامة الصلاة على جنازة أخيه العسكري ولم يفلح لخروج صبيٍّ أمامه فاجأ المَوجودين في الدار، فجذب رداءه وقال له: «تأخَّر يا عم، أنا أولى بالصّلاة عليه»(159). وأن ادِّعاء الإمامة من قبله هي ذاتها ادِّعاؤه للمَهدوية على اعتبار أن المذهب الإمامي قد انتشر في أوساطه أن الإمام الثاني عشر هو المهدي المنتظر(160).
اختلفت الناس فيه:
فرقةٌ قالت: (بإمامته بعد أخيه الحسن وأنه الإمام الثاني عشر، وأن أخاه قد أوصى إليه).
وأخرى قالت: (إن الإمامة جاءت إليه من قبل أبيه الهادي (عليه السلام)، واستدلوا بأن أخويه محمد بن علي، والحسن بن علي لم يكونا إمامين لأن الإمامة لا تكون في أخوين بعد الحسن والحسين، وبما أن محمّد بن علي قد مات في حياة أبيه، وأن الحسن بن علي مات ولا ولد له حتّى يوصي إليه بعده، فكان جعفر هو الإمام الثاني عشر بوصيّة أبيه).
وفرقةٌ ثالثة اعتقدت: (أن الإمام الهادي أوصى إلى ابنه محمّد بن علي، وأن محمداً أوصى إلى غلامٍ صغير كان يعمل في خدمة أبيه اسمه (نفيس) أمره إذا حدث بأبيه الموت أن يؤدّي الوصية إلى جعفر، لتقلّ التُهمة ولا يعلم به أحد، فلمّا أحس نفيس بالخطر من حوله دفع الوصية إلى جعفر، وهؤلاء يُسمّون (بالنفيسية)، الذين غالوا فيه وادّعوا أنه القائم المَهدي)(161).
7- مهدوية الحسين بن زكروية بن مهروية القرمطي (صاحب الخال) (291هـ/903م):
تنسب له فرقة القرامطة(162) وهي من فرق الإسماعيلية، يؤمنون أن الإمامة لا تنتقل من أخ إلى أخ بعد الحسن والحسين (عليهما السلام)، بل تسري في الأعقاب فلا تنتقل من إسماعيل إلى موسى بن جعفر، بل إلى محمد بن إسماعيل، وهذا الانتقال يكون بطريق (الحلول)(163)، وتتبع القرامطة رجلاً يظهر العبادة والزهد والتقشّف، ويدعو الناس إلى إمامة أهل البيت (عليهم السلام) وهو الحُسين بن زكروية بن مهروية القرمطي(164)، سيطر في حركته (278هـ/781م) على الكوفة والبصرة والبحرين والإحساء وبلاد الشام ومصر، وأحدث فيها الفتن والقتل والنهب، دخل على تلك المناطق عنوة، ونهب ما فيها من الأموال والسلاح، وأفسد بالشام وعاث في بلادها، ثم آل أمره إلى قتل الخليفة العباسي المكتفي بالله(165). ثم قالوا بمهدوية مُحمّد بن إسماعيل وأنّه حيٌ لم يَمت حتّى يملك الأرض، متأوّلين حديثاً رَوَوْهُ (أن سابع الأئمة قائمهم)(166)، وأنّه (من أولي العزم السبعة)(167)، وأنّه (القائم الذي سوف يبعث برسالة جديدة)(168).
والإمامة عندهم لا يمكن تحديد صلاحياتها، لأنّه المَثل الأعلى والأرفع مقاماً، وهو مصدر كلّ قانون وتنظيم وتشريع، ولأنها تجري في الأعقاب عن طريق الحلول، فإن المهدي محمد بن إسماعيل غاب عن الأنظار، لذا أوجبوا تشكيل مجلس استشاري يتولّى الأمور خلال غيبته(169). ويلاحظ على مهدوية القرامطة، (أنها غير واضحة؛ فهي بين مبدأ الغيبة ومبدأ الرجعة، وكلا الأمرين غير واضح في عقيدتهم، فهم مُضطربون بين مهدي حيّ ومهدي ميّت، وأن حُكّام القرامطة جميعهم، لم يصرّح أحد منهم أنه يحكم باسم المهدي أو يُمهِّد له، فضلاً عن إباحة المحرّمات وانتهاك المُقدّسات التي اتَّسمت بها حَركة القرامطة وهي خلاف التمهيد لدولة العدل)(170).
رابعاً: مهدوية القرن الرابع الهجري. وأهمها:
1- مهدوية ابن الضبعي (302هـ/914م)(171):
رجل مجهول الحال، ظهر بعد وفاة الإمام العسكري (عليه السلام)، زعم أنّه محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن موسى، والناس في وقتها مختلفون في أن الحسن له عقب أم لا(172)، إلّا أنّه قد حُبس واعترف أبوه الذي كان أحد عُمّال وزير المقتدر العباسي أنّه ولده، وأودعه في الحبس، ولم يعرف مصيره بعد ذلك(173)، وهذه الدعوى فردية لم تترك أثراً اجتماعياً أو فكرياً، وليس لها أنصار يُذكرون.
2- مهدوية مُدَّعٍ لشخصيّة محمد بن إسماعيل (312هـ/ 924م)(174):
ادّعى رجل شخصية محمد بن إسماعيل بن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، وجمع جَمعاً عظيماً من الأعراب، قاد معركة بين الكوفة وبغداد(175)، وأن (أتباعه هم أنصار الفرقة التي قالت بأن محمّد بن إسماعيل حيٌّ ولم يمت ويظهر لنا بين الحين والآخر، وأنَّه هو المَهدي المنتظر)(176)، وقد سهل تجمّع الناس والالتفاف حوله؛ لأن هذه الحركة (كانت في عصر الغيبة الصغرى، وكانت الكُوفة وسوادها مَوطناً للقرامطة والإسماعيليين، إلّا أنّه لم يظهر لها آثار وانتهت من حيث بدأت)(177).
3- مهدوية عبد الله بن محمد الفاطمي (322هـ/933م):
وهو والد الخلفاء الفاطميين بمصر وأول من ظهر منهم بالمغرب(178)، تقوم نظرية الحكم عندهم على نفس المبدأ الإسماعيلي (من أن الإمامة تنتقل إلى الأعقاب وليس إلى الإخوان، حيث انتقلت الإمامة بالنص من إسماعيل بن الإمام الصادق إلى ابنه مُحمّد المكتوم ثم إلى جعفر الصادق، ثُمّ إلى ابنه مُحمّد الحبيب، ثم إلى ابنه عبد الله المَهدي، أول الخلفاء الفاطميين في المغرب)(179). حيث بايعه جملة من الفاطميين، ثم حبس هناك(180) ودعا إلى مَهدوية ولده(181)، وأول من بشَّر بهذه الفكرة في المغرب وجعل الناس يؤمنون بها هو أبو عبد الله الشيعي المسمّى بـ(أبي عبد الله المشرقي)، حيث كان يُبشّر بشخص عبد الله المهدي، (وعندما أرسل إليه واختلف معه أصابه الإحباط وأعلن أن عبد الله ليس المهدي)(182)، فكان رواج هذه الفكرة مما رسم هالة في النفوس، باعتبار (أن الداعية الكبير والمؤسّس الحقيقي للدولة هو أبو عبد الله المشرقي، فقد ورد من اليمن وبشّر بالمهدي)(183). وما يُلاحظ على هذه الفرقة، أن عبد الله المهدي وخلفاءه من بعده كانوا يؤمنون بالعقيدة الإسماعيلية التي لا تؤمن بالمهدي المنتظر، بل يؤمنون بالأئمة المستورين أو المغمورين في حال الستر، والأئمة الظاهرين في حال البسط والقيام، لكن مع ذلك نجد أن عبد الله تلقّب بالمهدي وسمّى عاصمته التي بناها بالمَهدية(184)، ولم يكن هذا اللقب يحمل المَعنى الخاص للمهدوية، إنما كان بالمَعنى العام(185). وذكرناها هنا لأنها ضمن حوادث القرن الرابع الهجري التي رفعت شعار المهدوية.
4- مهدوية محمد بن المستكفي (357هـ/967م)(186):
ظهرت دعوته في مصر، وكانت تقوم على مَهدوية محمّد بن عبد الله القائم، الذي دعا لنفسه، وبايعه خلقٌ كثيرٌ من الدَّيلم والأتراك والعرب(187)، قام بفريضة الأمر بالمَعروف والنّهي عن المُنكر، ومُجاهدة أعداء الإسلام، فتطلّعت إليه النفوس، وجعل دُعاته يأخذون البيعة له، فمن كان من أهل السنة قيل له: عباسي، ومن كان من أهل الشيعة قيل له: علوي، حتى أُلقي القبض عليه، وعُذّب، وحبس، ولم يذكر التاريخ عنه شيئاً بعد ذلك(188). وأنّها دعوى فردية قائمة على استغلال عقيدة المهدي بين الناس للمآرب الخاصّة(189).
5- مهدوية محمد بن الحسن ابن الداعي (359هـ/970م):
نقيب الطالبيين في دولة بني بويه، والمدافع عن العلويين، اختفى عن الناس وظهر في نصّيبين، اجتمع عليه عشرة آلاف لنصرته، واشتهر بلقب المهدي. ويظهر من ذلك أن لقبه كان بالمعنى العام، وليس بمعنى المهدوية الخاصّة، لذا لم تنشأ أي فرقة أو جماعة بعد موته(190).
6- مهدوية المعز لدين الله الفاطمي (365هـ/975م):
ظهر في مصر وشمال أفريقيا وبلاد الشام والحجاز، وأُقيمت له خطبة في مكة والمدينة، خاض حُروباً شرسة ضد القرامطة الذين وصلوا إلى مصر، فاستطاع أن يهزمهم(191). ونسبت إليه نصوص فيها إشارة إلى المهدوية منها:
(أن المعز الفاطمي، احتجب عن الناس مدّة لم تُذكر، ثم ظهر، وأوهم الناس بأنه كان غائباً، وأن الله رفعه، وأطلعه على علم الغيب)(192).
ومنها: (أن المعز كان مغرماً بالنجوم، ويعمل بما يمليه عليه المنجّمون، فذكر له أحدهم بأنّه سَيصيبه نحسٌ قويٌ، وعليه أن يعمل سرداباً ويختفي فيه إلى أن يجوز هذا الطَالع النحس، فامتثل لأمر المُنجِّم، وأخبر قوّاده بأنّ بينه وبين الله عهداً سيغيب عنهم، وأن خليفته بعده ابنه نزار وأَمَرَهم بالسمع والطاعة له، ثم نزل السرداب وغاب عن الأنظار، حتّى ظهر لهم)(193).
ومنها: (أن المعز قام بالخلافة سنة (341هـ/ 952م) وبث الدعاة في أرجاء البلاد، بالتبشير له بأنّه المهدي الذي يملك الأرض، وهو الشمس التي تطلع من مَغرِبها، ويُنسب إليه أنّه كان يسر بما ينزل بالمسلمين من المصائب على يد الروم، وقد احتجب عن الناس، حتّى ظهر وأوهمهم أن الله تعالى رفعه إليه وأخبره بأشياء ستقع على الناس، حيث كان ينقلها جواسيس له)(194).
وهذه الروايات لا تُشير إلى المهدوية صراحةً:
لأن الأولى: ورد فيها عبارة (وأوهم الناس أنه كان غائباً) ولم تذكر أيّة دعوة للمهدوية، كما لم يرد فيها التصريح على أنّه المهدي.
أمّا الرواية الثانية فدلالتها غير ظاهرة في ذلك.
أمّا الرواية الثالثة: فلم تكن معتمدة على مصادر تاريخية موثوقة(195).
المحور الثاني: الحركات المهدوية في عهد السفراء الأربعة للإمام محمد بن الحسن المهدي (عجّل الله فرجه):
ظهرت في عهد السفارة الخاصّة عن الإمام محمد بن الحسن المهدي (عليه السلام) حركات مهدوية سُمّيت بـ(السفارات الكاذبة) أو (السفارات المُزوّرة)(196)، وهي تقع ضمن حوادث القرن الرابع الهجري، وأهمها:
1- مهدوية الحسن بن موسى الشريعي(197):
كان رجُلاً صالحاً من أصحاب الإمامين الهادي والعسكري (عليهما السلام)(198)، ادّعى مَقاماً لم يجعله الله فيه، ولم يكن أهلاً له(199)، ظهر في قوله الكفر والإلحاد(200)، وسُميّ أصحابه بـ(الشريعية)، وهم يزعمون أن الله تعالى حلّ في خمسة أشخاص، النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعلي والحسن والحسين وفاطمة (عليهم السلام)(201)، وهؤلاء الخمسة لهم أضداد منها محمودة ومنها مذمومة، والشريعي من الأضداد المحمودة عندهم(202)، وادّعى السفارة عن الإمام محمد بن الحسن المهدي (عليه السلام) ولم يصدّق سفيره الثاني الذي تم تعيينه بالخصوص(203).
2- مهدوية محمد بن نصير النميري:
شخصية عُرفت باستقامتها في عصر الإمام الجواد (عليه السلام) من (203-220هـ/ 818- 835م) وعُدَّ من أصحابه(204)، إلّا أنه أنكر إمامة الهادي (عليه السلام) من بعده، وقال بألوهيته، وادّعى أنّه نبيٌ مرسل من قبل الإمام الهادي(205)، وكان يقول بالتناسخ(206)، عُرفت فرقته باسم (النُميرية)، وكانوا يعتقدون بأن روح الله حلّت في محمد بن نصير(207) التي تُنسب إليه فرقة (النصيرية) المعروفة اليوم بهذا الاسم(208)، وصدر بحقّه لعنٌ وبراءة من قبل الإمام الهادي (عليه السلام)(209)، واختفى بعد صدوره، إلى تولّي السفارة لمحمد بن عثمان العُمري (305هـ/917م)، حيث ظهر مرةً ثانية مدّعياً السفارة عن المهدي بدلاً من السفير الثاني، وزعم أصحابه أنّه المهدي بعد غيابه الأول وظهُوره الثاني(210)، إلّا أن موقف السفير الثاني كان حازماً، فصدرت عن طريقه تواقيع تأمر بتكذيبه ولعنه والبراءة منه(211). ومن عقائدهم: القول بالتناسخ والحلول، وإباحة بعض المحرّمات(212)، وقد أوصى قبل موته بأن الأمر من بعده لأحمد، واختلف أصحابه فيه إلى ثلاث فرق، الأولى قالت: (إن أحمد ابنه والوصي من بعده)(213)، والثانية قالت: (إنه أحمد بن محمد بن موسى بن فرات)، والثالثة قالت: (إنه أحمد بن أبي الحسين بن بشر بن زيد).
3- مهدوية أحمد بن هلال العبرتائي (267هـ/880م):
وهو من أصحاب الإمامين العسكريين (عليهما السلام)، وكان مستقيم الطريقة وكثير العبادة(214)، إلّا أن الإمام أصدر ذمّاً في حقّه مما أربك الرواة في التعامل مع مروياته في أيام استقامته(215)، أمّا بعد انحرافه فقد رفضوا أقواله(216)، عُرف بالعبادة والصلاح، ولم يظهر منه سوء حتّى بعد وفاة الإمام العسكري (260هـ/873م)، كذلك في فترة السفير الأول عثمان بن سعيد، إلّا أنه أنكر سفارة ابنه محمد بن عثمان، بحجّة أنه لم يسمع النص عليه من قبل المهدي شخصيّاً، كما سمع توثيق أبيه من قبل العسكري ولم يشك به(217)، فادّعى حينها أنه الباب للمَهدي(218) وصدر اللعن والبراءة منه لأكثر من مرة، ظهر فيه انحرافه وبطلان أفكاره(219).
4- محمد بن علي البلالي (ابن راشتة المتطبّب):
وهو من الذين شاهدوا الإمام محمد بن الحسن المهدي (عجّل الله فرجه) ووقفوا على معجزاته(220)، وممَّن رووا رواية كيفية ولادته. عُرف أنّه كان يتصرف في وجوه الأموال بما لا يُعيّنه له الإمام العسكري (عليه السلام) وقد ذمّه على ذلك. وكانت لديه أموال في عهد السفير الثاني محمد بن عثمان، أمره السفير الثالث الحسين بن روح النوبختي بتسليمها، فامتنع وادّعى أنّه السفير والوكيل عن الإمام في صرفها، وقد أخرج المهدي المنتظر توقيعاً بكذبه، وقد أنكر سفارتهما، وذهب إلى القول بسفارته الخاصّة، رغم أن السفير الثاني قد أدخله على بعض الدور وأشرف عليه المهدي محمد بن الحسن (عليه السلام) وأمره بتسليم الأموال، إلّا أنه لم يرجع عن دعواه(221).
5- الباقطاني واسحق الأحمر:
لم يُذكر عن سيرتهما شيء سوى أنّهما ادّعيا السفارة عن الإمام محمد بن الحسن المهدي (عليه السلام) كما في حديث أحمد الدينوري الذي جاء من دينور حاملاً أموالاً إلى بغداد، فدخل إليها، وسأل عن سفارة المهدي، فأُشير إلى ثلاثة (الباقطاني) و(إسحاق الأحمر) و (أبو جعفر العمري)(222).
6- الحسين بن منصور الحلاج (309هـ/921م):
شخصيةٌ اختُلف بشأنها اختلافاً كبيراً، وأثارت جدلاً واسعاً في الوسط الإسلامي، عُرف بأنّه (يطّلع على أسرار القلوب، وذو مجاهدة روحية عظيمة)(223)، فمنهم من يراه مؤمناً يحمل كلامه محملاً حسناً(224)، ومنهم من يراه كافراً زنديقاً مُلحداً(225)، ومنهم من يراه مدّعياً لسفارة المهدي(226). كان يؤمن بفكرة الحلول والاتحاد من خلال تهذيب الجسم بالطاعة والأعمال الصالحة(227)، عرف بعباراته الجريئة لذات الإنسان التي سببت مُحاكمته وصلبه(228)، وكان أتباعه يكتبون بعض تعاليمه بماء الذهب(229)، كان كثير التنقل من مذهبٍ إلى آخر تارة تجده شيعياً، ومن ثم تراه صوفياً، ثم مُعتزلياً(230)، رفع شعار الرضا من آل محمد(231)، ادّعى أنّه إمامُ الشيعة وسَفيرهم عن المهدي المنتظر(232)، حتّى حاول استغواء وجوه الشيعة وكبارهم في نصرة دعوته كأبي سهل النوبختي وعلي بن الحُسين القمي. ثم ظهر بعد مقتله جماعة أطلقت على نفسها اسم (الحلاجية) اعتقدوا أن سفارته عن المهدي هي الركن الأساسي في دعوته(233)، تؤمن هذه الجماعة (بالسحر والتمويهات والتصوّف والاعتزال والحلول والتناسخ والرجعة والقاء الشبه)(234). دافع عنه وأيّده جملة من العُلماء المتقدمين والمعاصرين، فمنهم عدّه في الطبقة الثالثة من الصوفية(235)، ومنهم سكت عنه مُكتفياً بذكر الخلاف حوله(236)، ومنهم وصفه بالعالم العابد الزاهد التقي الحافظ للقرآن(237)، ومنهم وصَفه بأنّه (شهيد التصوّف الإسلامي)(238)، والذين استشهدوا من أجل القول بوحدة الوجود(239)، ومنهم اعتبره عقلاني النزعة(240).
7- مهدوية الشلمغاني (322هـ/933م):
أحد وكلاء السفير الثالث الحسين بن روح النوبختي، قد نصّبه - أيام استتاره - وسيطاً بينه وبين أصحابه في قضاء حوائجهم ومُهمّاتهم(241)، فحمله الحسد وظهرت منه مقالات منكرة(242)، قال بالربوية، وادّعى حلول روح الإله فيه، وسمّى نفسه بـ(روح القدس)، ذهب إلى القول بالتناسخ وأن روح الإله قد حلّت فيه(243)، استغل فترة وكالته لتوثيق علاقاته مع وجوه الشيعة كـ(آل نوبخت، وآل بسطام)، وانتهز فترة استتار الحسين بن روح من (306-311هـ/918م - 921م) وقربه منه بكونه السفير للإمام المهدي (عجّل الله فرجه)(244)، كما زعم لبني بسطام وبني نوبخت أنّ أمره سرٌ لا يُمكن التصريح به وعليهم الكتمان في نفوسهم لعظمته وجلالته، وحذّر أن من يذيع هذا السرّ تحلّ فيه العقوبة الإلهية، كان يرى بأن روح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انتقلت إلى السفير الثاني، وروح الإمام علي (عليه السلام) انتقلت إلى الحسين بن روح، وروح السيدة فاطمة الزهراء انتقلت إلى السيّدة أم كلثوم بنت السفير الثاني أبي جعفر العمري. وقد أصدر بن روح أكثر من بيانٍ في تكذيب مَقالته، والبراءة من أفعاله، واللَّعنة عليه، إلّا أنه اعتبر كلام ابن روح له ظاهرٌ وله باطنٌ وفسَّر اللَّعنة بالإبعاد عن العذاب والنار، حتّى ظهر توقيع المهدي بكفره ولعنه ونشره في سائر الأمصار(245).
وبعد اشتهار توقيع الإمام (عجّل الله فرجه) (اختفى الشلمغاني وهرب إلى الموصل وأقام فيها سنين، ولمّا قوي أمره اتّبعه جملة من الناس، ثم عاد إلى بغداد وظهر منه ادّعاء الربوية والسفارة)(246)، كانت له كتب ومراسلات بين أصحابه فيها خطاب خارج حدود البشر(247)، فأمر الخليفة الراضي بالله (329هـ/940م) أن يحاكم وأن يرى قول الفقهاء فيه(248)، فاقترح الشلمغاني على الخليفة بأن يباهل الحسين بن روح وأن العقوبة لا محالة نازلة فيمن يباهله بعد ثلاثة أيام وأقصاه سبعة أيام(249)، وإلّا فإن دمه حلال، حينها لم يظهر شيء من ذلك ورأى فيه الخليفة بأن يُضرب أمام العامة كي يراه كل من يعتقد به وبأفكاره(250)، فقتل وكان عمره ثمانٍ وسبعين سنة(251) وذلك في سنة (322هـ/933م) أو (323هـ/ 934م)(252).
ظهرت بعده فرقة العزاقرية التي تقول بمقالته، واعتبروا كتابه (الحاسّة السادسة) المصدر المقدّس لهم، يُشير فيه إلى وجود مصدر سادس غير الحواس الخمسة المعتادة للإنسان، وهو الذي ينهل منه الشلمغاني أفكاره وآراءه(253). وأهم عقائدهم: القول بربوبية الشلمغاني، وأنَّ النبيين موسى ومحمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) هم (خائنان)؛ لأنهم يدّعون أنَّ النبي هارون (عليه السلام) أرسل موسى (عليه السلام)، وأنَّ علياً (عليه السلام) أرسل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فخاناهما، كذلك لا ينسبون الحسن والحسين (عليهما السلام) إلى الإمام علي (عليه السلام)؛ لأن من اجتمعت عنده اللاهوتية، لم يكن والدٌ ولا له ولد(254)، ووظّفوا أحد ألقاب المهدي توظيفاً سلبياً، حيث اعتقدوا أن (القائم) هو إبليس، كان قائماً وقت ما أمر بالسجود ثم قعد بعد ذلك(255)، وذهبوا إلى أن الملائكة هُم كل من ملك نفسه، وعرف الحق ورآه، واعتقدوا بالحلول وأن الله تعالى قد حلّ في جسد الشلمغاني، وأن الأبالسة خمسة، والعوالم سبعة، والأوادم سبعة، وأن الولي ينصب الضد ويحمله على ذلك، وأن النكاح خلاف السنّة، وأباحوا نكاح المحارم ولا شيء عندهم في ملامسة الرجال ذوي رحمه، ولهم أدعية مليئة بالتمويهات(256).
(وقد تلقّت العزاقرية ضربة قاضيةً بعد مقتل الشلمغاني، فلم يبق لها أثر سوى جماعة في البصرة، يعتقد صاحبها أن روح الشلمغاني حلّت فيه، إلّا أن وزير الدولة البويهي قبض عليه وأنهى حركته)(257)، ولم نسمع عن الشلمغاني والعزاقرية شيئاً في التاريخ إلى انتهاء الغيبة الصغرى عام (329هـ/940م)(258).
8- مهدوية أبي بكر البغدادي:
عرف بانحرافه عن الطريق القويم الذي سلكه عمّه السفير الثاني، وأنكر سفارة ابن روح، واستدل شريكه ووكيله (أبو دلف الكاتب) بأحقيّته في السفارة من ابن روح، وكان البغدادي يَسكن البصرة، وصديقه أبو دلف يسكن بغداد ويدعو الناس بأمره، حتّى دخلها واختلفا فيما بينهما، وعندما أعلن السفير الثالث الحسين بن روح براءته وكذبه، تراجع أبو بكر عن ادّعائه هذا(259)، ولم تظهر فِرقة أو حركة تنتسب إليه(260).
9- مهدوية أبي دلف الكاتب(261):
ادّعى السفارة بموجب صلته مع شريكه أبي بكر البغدادي المتقدم ذكره، وأظهر الغلو، ثم جُنّ وسلس، ثم صار مفوّضاً، حتّى عرف بأنّه قد استخف في عقله، وتبرأت الشيعة منه وممن يشايعه ويعتقد به(262).
النتيجة:
أنَّ ما تقدّم هو عرضٌ تاريخي لأبرز الحركات المهدوية في التاريخ الإسلامي، ابتداءً من القرن الأول الهجري إلى نهاية القرن الرابع الهجري، ولاحظ الباحث التوظيف الديني والسياسي والأهواء والأطماع الشخصية، بارزاً وواضحاً وجلياً في أغلب تلك الحركات، ممّا أدّى إلى ظهور فرقٍ وجماعاتٍ مُختلفةٍ في العقيدة والسلوك، كلٌ تبشّر بطَريقتها الخاصّة للمهدي الموعود.
الهوامش:
(1) البحث مستل من رسالة الماجستير الموسومة بـ(الحركات المهدوية المعاصرة - دراسة وتحليل) مقدمة من الطالب أسامة حميد رشيد إلى مجلس كلية الإمام الكاظم (عليه السلام) لنيل شهادة الماجستير في العلوم الإسلامية.
(2) الشهرستاني، أبي الفتح محمد بن عبد الكريم (548هـ/1158م)، الملل والنحل، ج13، ص296.
(3) علي خان، إسماعيل، دراسة حول تيارات الفكر المهدوي، ترجمة: أسعد مندي الكعبي، مجلة العقيدة، تصدر عن المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية - النجف الأشرف، العدد: الأول، السنة الأولى، شعبان 1435هـ /2014م، ص347.
(4) الكلبايكاني، لطف الله الصافي، منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر، ص217.
(5) ينظر: فرج الله، أحمد، أدعياء المهدوية؛ كنعان جليل إبراهيم، مدّعوا المهدوية والسفارة.
(6) ينظر: ابن الجوزي، المنتظم، ج13، ص296 وأيضاً: ج3، ص251.
(7) هرنشو، علم التاريخ، ترجمة: عبد الحميد العبادي، ص53- 58.
(8) كوثراني، وجيه، الذاكرة والتاريخ في القرن العشرين الطويل، ص56- 57.
(9) روي أن عمر قام خطيباً في المسجد بعد موت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قائلاً: (لا أسمعن أحد يقول أن محمد قد مات، لكن أُرسل إليه كما أُرسل إلى موسى بن عمران، فلبث عند قومه أربعين ليلة، والله إني لأرجو أن يرجع فيقطع أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أنه مات). ابن سعد، محمد بن سعد بن منيع (230هـ/884م)، الطبقات الكبرى، ج2، ص53؛ هيكل، محمد حسين، ص478.
(10) الطبري، تاريخ الرسل والملوك، ج3، ص202؛ ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج2، ص187.
(11) روي أن عمر قال في خطبته: (من قال أن محمداً قد مات قتلته بسيفي هذا، إنما رفع إلى السماء كما رفع عيسى (عليه السلام)). الشهرستاني، الملل والنحل، ج1، ص23؛ الرضوي، مرتضى، من حياة الخليفة عمر، ص162.
(12) السبأية، نسبة إلى عبد الله بن وهب الراسبي الهمداني، قيل إنه كان يهودياً من أهل صنعاء وأسلم، وزعم أن علياً حي لم يمت وهو أول من غالى في الإمام علي (عليه السلام) وأمر الإمام بقتله، ثم عدل عن ذلك، ونفاه إلى المدائن. ينظر: النوبختي، فرق الشيعة، ص40. وقيل إنها شخصية وهمية خرافية من الموضوعات التاريخية الزائفة. ينظر: العسكري، مرتضى، عبد الله بن سبأ وأساطير أُخرى.
(13) يقصد بالوقف: أي يقف على إمامة شخصٍ معيّن ويرفض إمامة بعده.
(14) النوبختي، فرق الشيعة، ص40؛ الشهرستاني، الملل والنحل، ج1، ص174.
(15) داود، نبيلة عبد المنعم، نشأة الشيعة الإمامية.
(16) النوبختي، فرق الشيعة، ص44.
(17) ينظر: فرج الله، أحمد، ص22.
(18) الطبري، تاريخ: ج6، ص16.
(19) هذه الفرقة تسمّى (الحربية) نسبة إلى عبد الله بن عمر بن حرب الكندي، وهي فرقة قالت بالتناسخ وأن الإمامة جرت في علي ثم الحسن ثم الحسين ثم بن الحنفية، وأن روح رسول الله حلّت فيه. ينظر الأشعري، سعد، المقالات والفرق: مصدر سابق، ص26 و27 و38.
(20) النوبختي، فرق الشيعة، ص49؛ الشهرستاني، الملل والنحل: ج1، ص150.
(21) الطبري، التاريخ: ج6، ص547؛ ابن الأثير، الكامل: ج4، ص311.
(22) الثعالبي، تحفة الوزراء: ص121.
(23) ينظر: الجاحظ، عمرو بن بحر، آثار الجاحظ: ص121.
(24) الفرزدق، ديوان: ص217، البيت رقم (60).
(25) المسعودي، التنبيه والإشراف: ص289.
(26) كنعان، مدّعوا المهدوية: ص133.
(27) ابن حماد، نعيم بن حماد الخزاعي، الفتن: ص111.
(28) الطبري، تاريخ: ج6، ص566.
(29) السيوطي، تاريخ الخلفاء: ص229.
(30) المصدر نفسه: ص234.
(31) ابن حماد، الفتن: ص281، ح1050.
(32) كنعان، مدّعوا المهدوية: ص138.
(33) ابن سعد، الطبقات الكبرى: ج5، ص120.
(34) ابن حماد، الفتن: ص130، ح 404.
(35) كنعان، مدّعو المهدوية: ص140.
(36) فولتن، فان، السيادة العربية والشيعة والإسرائيليات في عهد بني أمية: ص118.
(37) الأكوش، أدعياء المهدية عبر التاريخ: ص48.
(38) البغدادي، الفرق بين الفرق: ص40.
(39) المصدر نفسه: ص41.
(40) الشهرستاني، الملل والنحل: ج1، ص156 وص177.
(41) المزّي، تهذيب الكمال: ج2، ص418- 419.
(42) الشهرستاني، الملل والنحل: ج1، ص177.
(43) المصدر نفسه: ج1، ص178.
(44) النوبختي، فرق الشيعة: ص75.
(45) الشهرستاني، الملل والنحل: ج1، ص178.
(46) الكشي، ص146، الترجمة: 103.
(47) رجل من أهل الكوفة، لم تأتِ كتب التراجم والتاريخ على ذكر اسمه أو ترجمه حياته.
(48) النوبختي، فرق الشيعة: ص45.
(49) النوبختي، فرق الشيعة: ص45.
(50) البغدادي، الفرق بين الفرق: ص186.
(51) المصدر نفسه: ص186.
(52) كنعان، مدّعو المهدوية: ص149.
(53) المفيد، الإرشاد: ص291.
(54) المصدر نفسه: ص356.
(55) النعماني، الغيبة: ص234.
(56) يقول أحد شعراء بن أمية وهو يخاطب آل أبي طالب وشيعتهم شامتاً:
صلبنا لكم زيداً على جذع نخلة
ولم أرَ مهدياً على الجذع يصلبُ
ينظر: الجاحظ، الرسائل: ص13.
(57) وهي فرقة نسبت إلى زيد بن علي بعد شهادته، ترى أن الإمامة تقوم على وجوب الطاعة لكل فاطمي عالم زاهد شجاع سخي خرج بالإمامة، وهم قد أنكروا القول بالنص والوصية وعصمة الأئمة والرجعة وانتظار المهدي الغائب، كما جوَّزوا إمامة المفضول بوجود الفاضل، أي إنهم اشترطوا في الإمام أن يخرج شاهراً سيفه، كما لم يشترطوا أن يكون من ذرية الحسين (عليه السلام) وهذا نقيض عقيدة المهدي المنتظر عند الإمامية. ينظر: صبحي، أحمد محمود، نظرية الإمامة لدى الشيعة الاثني عشرية: ص361.
(58) الشهرستاني، الملل والنحل: ج1، ص154؛ البغدادي، الفرق بين الفرق: ص22.
(59) ابن المرتضى، أحمد بن يحيى، طبقات المعتزلة: ص33.
(60) الخوئي، معجم رجال الحديث: ج7، ص353، الترجمة: 4871.
(61) منها: قول الإمام الصادق (عليه السلام): «اللهم اشكرني في تلك الدماء، مضى والله عمي وأصحابه شهداء مثل ما مضى علي بن أبي طالب وأصحابه». ينظر: الطوسي، الأمالي، ص269- 276.
(62) الطبري، تاريخ: ج7، ص310، و342.
(63) كنعان، مدّعو المهدوية: ص151.
(64) تاريخ الطبري: ج7، ص302.
(65) النوبختي، فرق الشيعة: ص52.
(66) النوبختي، فرق الشيعة: ص53.
(67) الأشعري، أبو الحسن، مقالات الإسلاميين: ج1، ص67.
(68) كنعان، مدّعو المهدوية: ص155.
(69) الأشعري، مقالات الإسلاميين: ج1، ص67.
(70) المصدر نفسه: ج1، ص68.
(71) المسعودي، مروج الذهب ومعادن الجوهر: ج3، ص220.
(72) المصدر نفسه: ج3، ص220.
(73) ابن حماد، الفتن: ص246.
(74) كنعان، مدّعو المهدوية: ص157.
(75) المفيد، الإرشاد: ص284.
(76) النوبختي، فرق الشيعة، ص79.
(77) فرقة تنتسب إلى مبارك مولى إسماعيل بن علي بن عبد الله بن العباس، كوفي، من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) قال: هو وأتباعه بعدم موت إسماعيل في حياة أبيه. ينظر: الطوسي، الرجال، ص304، الترجمة: 4471.
(78) الشهرستاني، الملل والنحل: ج1، ص29.
(79) المصدر نفسه: ج1، ص29.
(80) كنعان، مدعو المهدوية: ص159.
(81) محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) ولد بالمدينة (100هـ/ 781م) ودعا إلى نفسه سنة (145هـ/762م) وبويع له الأمصار. ينظر: الطوسي، رجال: ص275، الترجمة: 3977.
(82) المسعودي، مروج الذهب: ج3، ص221.
(83) الطبري، تاريخ: ج7، ص605.
(84) الأشعري، مقالات الإسلاميين: ج1، ص145.
(85) كما أفتى أبو حنفية (150هـ/767م) ومالك بن أنس (179هـ/795م). ينظر: الطبري، تاريخ: ج7، ص560.
(86) المصدر نفسه: ج7، ص560.
(87) الأصفهاني، مقاتل الطالبيين: ص247.
(88) الأشعري، أبو الحسن، مقالات الإسلاميين: ج1، ص145.
(89) الأصفهاني، مقاتل الطالبين: ص247.
(90) المسعودي، التنبيه والأشراف: ص295.
(91) عمارة، محمد، المعتزلة والثورة: ص84.
(92) الطبري، تاريخ: ج7، ص609.
(93) الأشعري، مقالات الإسلاميين: ج1، ص73.
(94) جبل بنجد شرقي الطريق إلى مكة والأصل فيه أنه اسم لامرأة نُسب إليها الجبل. ينظر: ياقوت: الحموي، معجم البلدان، ج4، ص241.
(95) ابن حماد، الفتن، ص289.
(96) الأصفهاني، مقاتل الطالبيين: ص273- 277.
(97) الطبري، تاريخ: ج7، ص521.
(98) كنعان، مدّعو المهدوية: ص170 - 171.
(99) الطبري، تاريخ: ج7، 521.
(100) كنعان، مدّعو المهدوية: ص172.
(101) الطبري، تاريخ: ج7: ص596.
(102) السلمي، عقد الدرر في أخبار المنتظر: ص177.
(103) نسبة إلى رجل من أهل البصرة اسمه عجلان بن ناووس. ينظر: النوبختي، فرق الشيعة: ص78.
(104) الطوسي، الغيبة: ص197.
(105) البغدادي، الفرق بين الفرق: ص41.
(106) الطوسي، الغيبة: ص49.
(107) كنعان، مدّعو المهدوية والسفارة: ص175.
(108) الفرقة التي تقول بإمامة الولد الأكبر، فقالت بإمامة عبد الله الأفطح الابن الأكبر للإمام جعفر الصادق (عليه السلام).
(109) الأشعري، مقالات الإسلاميين: ص87.
(110) المصدر نفسه: ص87.
(111) الأكوش، أدعياء المهديّة عبر التاريخ: ص68.
(112) الأصفهاني، مقاتل الطالبيين: ص247.
(113) ابن حماد، الفتن: ص293.
(114) المسعودي، مروج الذهب: ج3، ص22.
(115) الطبري، تاريخ: ج8، ص142.
(116) كنعان، مدّعو المهدوية: ص178.
(117) النوبختي، فرق الشيعة: ص90 و91 و95.
(118) كما استخدمها أحد وكلاء الإمام موسى بن جعفر وهو أحمد بن بشر السراج الكوفي، الذي كان ثقة في الحديث إلّا أنه لطمعه في الأموال فقد أقام تمثالاً لموسى بن جعفر في بيته وكل يوم يعالجه بالطلاء ويناجيه ويسايره بحضور أتباعه المعتقدين بغيبته، ويقول لهم إن الخلق محجبون عن رؤيته، إنما فوّض الأمر لي ولأولادي حتّى يرجع إلى الأرض ويحكمها، وقد تبرأ الإمام منه قبل وفاته ولعنه. ينظر: الأشعري، سعد، المقالات والفرق: ص63.
(119) كنعان، مدّعو المهدوية والسفارة: ص187.
(120) الطوسي، الغيبة: ص43، 63.
(121) ينظر تفصيلاً: القبانجي، العقيدة المهدوية في عصر الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) - تأصيل ومواجهة -، ص291- 316.
(122) النوبختي، فرق الشيعة: ص83-84.
(123) الأشعري، سعد، المقالات والفرق: ص86.
(124) ينظر: غالب، مصطفى، تاريخ الدعوة الإسماعيلية: ص89- 90.
(125) كنعان، مدّعو المهدوية: ص192- 193.
(126) المفيد، الإرشاد: ص229.
(127) الجارودية: فرقة من فِرَق الزيدية، تنسب إلى أبي جارود. ينظر: النوبختي، فرق الشيعة: ص39.
(128) الأشعري، المقالات والفرق: ص18.
(129) الطبري، تاريخ: ج8، ص538.
(130) الصدوق، عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، ج2، ص542.
(131) الكشي، رجال: ص432، الترجمة: 512.
(132) الصدوق، عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج2، ص545.
(133) الأصفهاني، مقاتل الطالبيين: ص539.
(134) الأصفهاني، مقاتل الطالبيين: ص539.
(135) الشميطية، نسبة إلى يحيى بن شميط، كان قائداً من قوّاد المختار الثقفي، ادّعت هذه الفِرقة النص من الإمام الصادق (عليه السلام) على محمد بن جعفر، وأنّ أباه الباقر (عليه السلام) أخبره إنْ وُلِد له ولدٌ سماه محمد. ينظر: الشهرستاني، الملل والنحل: ج1، ص167.
(136) النوبختي، فرق الشيعة: ص87.
(137) كنعان، مدّعو المهدوية: ص199.
(138) المصدر نفسه: ص577.
(139) الطبري، تاريخ: ج9، ص7-8.
(140) ابن الجوزي، المنتظم: ج4، ص680.
(141) المسعودي، مروج الذهب: ج4، ص8.
(142) المصدر نفسه: ج3، ص8.
(143) الأصفهاني، مقاتل الطالبيين: ص583.
(144) كنعان، مدّعو المهدوية: ص202.
(145) ابن الأثير، الكامل: ج7، ص126.
(146) المصدر نفسه: ج7، ص127.
(147) الأصفهاني، مقاتل الطالبيين: ص429- 430.
(148) الأشعري، مقالات الإسلاميين: ج1، ص142.
(149) المصدر نفسه، ص257؛ النوبختي، فرق الشيعة: ص103.
(150) كنعان، مدّعو المهدوية: ص205.
(151) المفيد، الإرشاد: ص338.
(152) النوبختي، فرق الشيعة: ص106.
(153) الأشعري، المقالات والفرق: ص107.
(154) الطوسي، الغيبة: ص219.
(155) كنعان، مدّعو المهدوية والسفارة: ص208.
(156) الطوسي، الغيبة: ص226.
(157) ينظر: الصدر، محمد محمد صادق، موسوعة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، ص258- 286.
(158) الصدوق، أبو جعفر محمد بن علي القمي، كمال الدين وتمام النعمة: ص444.
(159) المصدر نفسه: ص443.
(160) كنعان، مدّعو المهدوية: ص210.
(161) النوبختي، فرق الشيعة: ص108 و114 و115 و197.
(162) القرامطة: فرقة من فرق الإسماعيلية، بدأت أمرها من رجل يسمى المبارك، مولى لإسماعيل بن الإمام الصادق (عليه السلام)، وتنسب إلى رئيس كان لهم من أهل السواد من الانباط يلقب قرمطوية. ينظر: الأشعري، سعد، المقالات والفرق: ص83 وص213.
(163) البغدادي، الفرق بين الفرق: ص34.
(164) الأشعري، المقالات والفرق: ص83.
(165) ابن خلكان، وفيات الأعيان: ج2، ص146- 148.
(166) الأشعري، مقالات الإسلاميين: ج1، ص98.
(167) النوبختي، فرق الشيعة: ص84.
(168) الأشعري، المقالات والفرق: ص83.
(169) ينظر: ثامر، عارف، القرامطة، ص80 - 99.
(170) كنعان، مدّعو المهدوية: ص216.
(171) رجل مجهول لم تذكر كتب التراجم والسير شيئاً عن اسمه أو حياته أو وفاته سوى أن أباه تولّى المظالم في حلب للوزير ابن الفرات وهو أحد وزراء المقتدر العباسي، ينظر: عريب، بن سعد القرطي صلة تاريخ الطبري: ص161.
(172) ينظر: عريب، صلة تاريخ الطبري: ص94- 50.
(173) ينظر: ابن الجوزي، المنتظم: ج7، ص442.
(174) رجل ظهر بين الكوفة وبغداد، يدّعى أنه محمد بن إسماعيل بن جعفر: ج8، ص59.
(175) ابن الأثير، الكامل: ج7، ص33.
(176) النوبختي، فرق الشيعة: ص84.
(177) كنعان، مدّعو المهدوية: ص220.
(178) ابن تغري، النجوم الزاهرة في أخبار ملوك مصر والقاهرة: ج3، ص166.
(179) القلقشندي، صبح الأعشى في صناعة الإنشاء، ج13، ص262.
(180) ابن الأثير، الكامل: ج6، ص460.
(181) المصدر نفسه: ج6، ص463.
(182) ينظر: المولى، القوى السنية في بلاد المغرب من قيام الدولة الفاطمية إلى قيام الدولة الزيرية: ج1، ص139.
(183) المصدر نفسه: ص140.
(184) حسن، تاريخ الدولة الفاطمية: ص83.
(185) كنعان، مدّعو المهدوية: ص226.
(186) لم ترد له ترجمة ولا سنة وفاة ولا من هو المستكفي هل اسم أبيه أم لقبه؟ ويبدو أنه نشأ في مصر. ينظر: ابن الأثير، الكامل: ج7، ص304.
(187) مسكويه، تجارب الأمم وتعاقب الهمم: ج5، ص360.
(188) المصدر نفسه: ج5، ص361.
(189) كنعان، مدّعو المهدوية: ص229.
(190) الأكوش، أدعياء المهدية عبر التاريخ: ص120 - 121.
(191) المقريزي، اتِّعاظ الحنفاء بأخبار الفاطميين الخلفاء: ج1، ص202- 207.
(192) المصدر نفسه: ج1، ص231.
(193) ابن الأثير، الكامل: ج7، ص360.
(194) أبو شامة، الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية: ج1، ص202.
(195) كنعان، مدّعو المهدوية: ص233- 235.
(196) ينظر تفصيلاً: السند، محمد، دعوى السفارة في الغيبة الكبرى.
(197) الطوسي، الرجال، ص402، الترجمة رقم: 5901.
(198) المصدر نفسه: ص402.
(199) الطوسي، الغيبة: ص397.
(200) المصدر نفسه: ص397.
(201) الأشعري، أبو الحسن، مقالات الإسلاميين: ج1، ص84.
(202) البغدادي، الفرق بن الفرق: ص192.
(203) المصدر نفسه: ص192.
(204) الطوسي، الرجال: ص378، الترجمة: 5594.
(205) الأشعري، المقالات والفرق: ص100.
(206) النوبختي، فرق الشيعة: ص102.
(207) الأشعري، مقالات الإسلاميين: ج1، ص84.
(208) ابن داود، الرجال: ج2، ص511، الترجمة: 496.
(209) الكشي، رجال: ص319، الترجمة: 381.
(210) الطوسي، الغيبة: ص398.
(211) المجلسي، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار (عليهم السلام): ج51، ص552.
(212) الأشعري، المقالات والفرق: ص100.
(213) النوبختي، فِرَق الشيعة: ص102.
(214) الصدوق، كمال الدين: ص314، ص424.
(215) النجاشي، الرجال: ص181.
(216) الحلي، خلاصة الأقوال: ص320، الترجمة: 1256.
(217) الطوسي، الغيبة: ص399، ح 274.
(218) النجاشي، رجال: ص379، الترجمة: 212.
(219) الطوسي، الغيبة: ص399، ح 374.
(220) الصدوق، كمال الدين: ص417.
(221) الطوسي، الغيبة: ص239 و350 و400.
(222) الطبري، دلائل الإمامة: ص277- 278.
(223) الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج9، ص196.
(224) ابن خلكان، وفيات الأعيان: ج2، ص140.
(225) الذهبي، تاريخ الإسلام: ص70، الترجمة: 45.
(226) الطوسي، الغيبة: ص401.
(227) الذهبي، تاريخ الإسلام: ص38.
(228) ابن الجوزي، المنتظم: ج8، ص31.
(229) التنوخي، نشوار المحاضرة: ج6، ص83.
(230) ينظر: الصولي، قسم من اخبار المقتدر بالله العباسي: ص225- 227.
(231) المصدر نفسه: ص226.
(232) ابن النديم، الفهرست: ص239.
(233) كنعان، مدّعو المهدوية: ص395.
(234) المصدر نفسه: ص396.
(235) السلمي، طبقات الصوفية: ص207.
(236) ابن الأثير، الكامل: ج7، ص4.
(237) ابن الساعي، أخبار الحلاج: ص76- 89.
(238) ماسينون، لويس، الحسين بن منصور الحلاج (آلام الحلاج)، ترجمة: الحسين حلاج: ص5.
(239) مبارك، التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق: ج1، ص185.
(240) الهاشمي، الفكر العربي جذوره وثماره: ص97.
(241) غيبة الطوسي: ص303.
(242) النجاشي، رجال: ص787، الترجمة: 1029.
(243) البغدادي، الفرق بين الفرق: ص200.
(244) ابن الطقطقي، الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية: ص268.
(245) الطوسي، الغيبة: ص403 و404 و410-413.
(246) ينظر: ابن الأثير، الكامل: ج7، ص103.
(247) البغدادي، الفرق بين الفرق: ص200.
(248) الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج14، ص201.
(249) ابن الجوزي، المنتظم، ج8، ص148؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج9، ص330.
(250) المسعودي، التنبيه والإشراف: ص343.
(251) ابن الأثير، الكامل: ج7، ص103- 104؛ ابن خلكان، وفيات الأعيان: ج2، ص155- 157.
(252) الطوسي، الغيبة: ص406.
(253) ينظر: البيروني، الآثار الباقية عن القرون الخالية: ص214.
(254) ابن الأثير، الكامل: ج7، ص104.
(255) الطوسي، الغيبة: ص406.
(256) الحموي، معجم الأدباء: ج1، ص111- 113.
(257) ابن الأثير، الكامل: ج7، ص239.
(258) كنعان، مدّعو المهدوية: ص431.
(259) الطوسي، الغيبة: ص412 و413 و423.
(260) كنعان، مدّعو المهدوية: ص434- 435.
(261) الطوسي، الغيبة: ص413.
(262) المجلسي، بحار الأنوار: ج51، ص377.