(٧١٩) عنصر المفاجأة
عنصر المفاجأة
الشيخ حميد عبد الجليل الوائلي
في جملة من النصوص أن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) مثله مثل الساعة التي لا يجليها لوقتها إلّا هو ولا تأتي إلّا بغتة، وأن ظهوره مما يتوقع صباحاً ومساءً، جاء عنصر المفاجئة من أبرز عناصر الظهور وركزت عليه النصوص مع أن هناك عناصر أخرى لا ينبغي إغفالها بحال من الأحوال، الظهور منظومة تعتمد على عناصر كثيرة وكواشف متعددة من أهمها الإيمان أن الغيب فاعل، مؤثر لا متأثر، لو كان الغيب منفعلاً لظهر الإمام (عجّل الله فرجه) منذ عشرات بل مئات السنين.
عنصر المفاجأة قد نتحير به ونتحير في فرضه كما قد نتحير أنه (عجّل الله فرجه) كيف سيظهر بشكل مفاجئ وبأن الحدث خارج عن سياقاته الطبيعية، وآثاره لا يمكن احتسابها في إطار أفضل الإمكانات المتاحة ما حصل هذه الأيام وأصاب العالم وأقعد الدول المقتدرة عن اتخاذ مواقف حقيقية وأصابها بالعجز والخمول، لماذا؟
لأن عنصر المفاجأة فيه سريع، وليس معنى ذلك أنه لم يكن معلوماً سابقاً.
إن ما شاهدناه من حدث - فايروس كورونا - وتعامل معه ينبغي أن يشكِّل لنا نافذة نتعلم منها كيفية التعامل مع الأحداث بروية وضمن أصول معتمدة وليس بالاعتماد على أفكار ارتجالية وتصرفات وليدة الحدث.
إذا رجعنا إلى النصوص مرة أخرى نجدها عالجت أشباه هذه الأحداث بشكل كلي ووضعت ضوابط محددة لضبط التعامل مع الوقائع الجزئية وفي أي زمان أو مكان حصلت، فإننا نجد في روايات الصيحة مثلاً أن البعض يسأل الإمام (عليه السلام) أنه إذا حدثت كيف أتعرف عليها؟
وليكن معلوماً أن الصيحة من أهم العلامات إن لم تكن أهمها، فهي بعيدة عن يد التلاعب والادعاء لأنها سماوية ومرتبطة بالغيب مباشرة في ذات الوقت حددت النصوص محددات غاية في الضبط والإتقان لمن يلاحظها فهي من حيث الزمان محددة ومن حيث الكيف محددة.
صيحة بلسان ممثل الغيب إلى الأرض جبرائيل (عليه السلام).
وعندما يُسأل الإمام (عليه السلام) عن السبيل لمعرفة الصيحة المحقة من المبطلة فإنه (عليه السلام) يجيب أن من يعرفها من عرف مسبقاً بها، مع أنها لم تقع سابقاً! أي من تعامل معها وفق الضوابط المحددة من قبل أهل الغيب المطلعين على جزئياتها وأدق تفاصيلها وليس من المنطقي أن نعرف الصيحة تفصيلاً دون أن نعرف الأحداث الأخرى المؤثرة فيها، أو أنها علامة لأجل ماذا، هذا هو معنى المعرفة ضمن الآليات والضوابط ومنه ننطلق إلى فهم عنصر المفاجأة في القضية المهدوية حتّى لا نكون عرضة للتفسيرات المنفلتة والتطبيقات المستعجلة والانفعالية.
إن القضية المهدوية على عاتقها رسم النهاية السعيدة للعالم والتي تقدمها الآلاف من الأنبياء والصلحاء كلهم كانوا في دائرة الإعداد لهذا الحدث، فليس من المنطقي أن توضع أدواتها بيد أشخاص انفعاليين أو أصحاب نزعات مصلحية، إنها الفاعل الأول في الأحداث وليس المنفعل الأخير المترجم على لسان الجهال والمسترسلين، هذا الحدث العالمي المشاهد من قبلنا جميعاً دون تميز في أي شيء بجميع حيثياته رسالة لفهم تأثير الغيب الفاعل ينبغي أن ندركه ونقرأه كما يراد لنا قراءته ضمن آلياته ومحكماته.