(٧٨٢) علامات الظهور إشارة إلى حتمية وجود الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)
علامات الظهور إشارة إلى حتمية وجود الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)
السيد أحمد الإشكوري
الظاهر أن المقصود من العلامات المذكورة في الروايات الإشارة إلى حتمية وجود الإمام، ولابدية خروجه، وبيان أهداف نهضته، وإفلاس المدارس الفكرية عن تحقيق الأهداف المنشودة، والتأكيد على فكرة الانتظار، فهو مستحب نفسي لا غيري؛ وذلك لما ورد من إمكان نسخ جل هذه العلامات، وأن هذه العلامات لم تتحقق دفعة واحدة، بل بعضها تحقق في زماننا، فيلزم لغوية العلامة في زماننا، بل لنا أن نقول: إن هذه العلامات فيها من السعة والكلية حتّى يمكن تطبيق بعضها في جميع الأزمنة لتحصيل الهدف، وهو الخوف والرجاء، وللتنظير الاستعانة بالعلامات القرآنية المحدّثة عن قيام الساعة (راجع سورة التكوير والانفطار) فإنه لا يتعقل لها أثر، العلاقة الموضوعية إنما هي للتنبيه على قيام الساعة، أو نظير البشائر المذكورة في الكتب السماوية لظهور الخاتم.
ولنا أن نشير إلى بعض تلك العلامات:
1- انتشار الظلم، وشيوع الجور، وانعدام الأمن والاستقرار، وشيوع الحرب والخسوف والكسوف:
كما يروي أبو سعيدٍ الخدري عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: لا يزال بكم الأمر (الشدة والضيق) حتّى يولد في الفتنة والجور من لا يعرف غيرها حتّى يملأ الأرض جوراً، فلا يقدر أحد يقول الله، ثمّ يبعث الله (عزّ وجل) رجلاً مني ومن عترتي، فيملأ الأرض عدلاً كما ملأها من كان قبله جوراً، وتُخرج له الأرض أفلاذ كبدها، ويحثو المال حثواً ولا يعده عدا، وذلك حين يضرب الإسلام بجرانه.(1)
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ينزل بأمّتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم لم يسمع بلاء أشد منه، حتّى تضيق عنهم الأرض الرحبة، وحتّى تملأ الأرض جوراً وظلماً، لا يجد المؤمن ملجأ يلتجئ إليه من الظلم، فيبعث الله (عزّ وجل) رجلاً من عترتي، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، لا تدخر الأرض من بذرها شيئاً إلّا أخرجته، ولا السماء من قطرها شيئاً إلّا صبه الله عليهم مدراراً، يعيش فيهم سبع سنين أو ثمان أو تسع، تتمنى الأحياء الأموات مما صنع الله (عزّ وجل) بأهل الأرض من خيره).(2)
2- خروج الدجال:
تظافرت الأخبار بحتمية ظهوره، ولقد حذر الأنبياء أجمعهم من فتنة الدجال وإغرائه ودعواه الكاذبة التي تصد عن الحق وتلقي الناس في شر عظيم، ومن أبرز خصائصه يأتي الناس بالطعام لإغرائهم وصدهم عن سبيل الله، وتسخير الكنوز له، واتّباع اليهود له، ويسخر آفاق الأرض وهو آخر الأئمة المضلين وقائد الفئة المضلة ويظهر من بعض الآثار أن التحالف بين النواصب واليهود سيبلغ أوجه في زمن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وتكون نهاية النواصب أن يرتدوا عن الإسلام ويتبعوا الدجال زعيم اليهود.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إني خاتم ألف نبي وأكثر، ما بعث نبي يتّبع إلّا قد حذر أمّته الدجال، وإني قد بُيّن لي من أمره ما لم يُبيّن لأحد،... معه من كل لسان، ومعه صورة الجنّة خضراء يجرى فيها الماء، وصورة النار سوداء تداخن.(3) (4)
3- خروج السفياني:
والكلام هل أنه شخص، أم أسرة، أم فكرة؟ وهكذا الكلام في العلامة السابقة، وقد أسلفنا أن الهدف المتوخي من هذه العلامات الإشارة إلى التحذير في الوقوع في مدارس الضلال والانحراف ومدارس الازدواجية الفكرية والمدارس الالتقاطية.
نعم، لا بأس بالتعرض للحركات الممهدة قبل الظهور والحركات المناوئة قبل الظهور وحين الظهور على المستوى التنظيمي والشخصي.
4- الرايات السود التي تخرج من خراسان أو من المشرق:
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إذا رأيتم الرايات السود قد أقبلت من خراسان فأتوها ولو حبوا على الثلج، فإن فيها خليفة الله المهدي.(5)
وعن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان إلى الكوفة، فإذا ظهر المهدي (عليه السلام) بعث إليه بالبيعة.(6)
5- نداء ملك السماء يبشر بظهور الإمام (عجّل الله فرجه) ويدعو الناس إلى متابعته:
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: يخرج المهدي وعلى رأسه ملك ينادي: هذا المهدي فاتبعوه.(7)
6- كسوف الشمس والقمر قبل خروج المهدي (عجّل الله فرجه):
أكّد الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) أن الشمس ستنكسف في شهر رمضان مرتين قبل خروج المهدي (عجّل الله فرجه).
في سنن الدار قطني: عن جابر، عن محمّد بن عليّ (عليه السلام) قال: إن لمهدينا آيتين لم تكونا منذ خلق السماوات والأرض، ينكسف القمر لأوّل ليلة من رمضان، وتنكسف الشمس في النصف منه، ولم تكونا منذ خلق الله السماوات والأرض. (8)
الهوامش:
(1) أمالي الطوسي: 513/ ح 1121.
(2) مستدرك الحاكم 4: 465.
(3) مسند أحمد 3: 79.
(4) وقد اختلفت روايتنا عن رواية العامة في شرح أحوال الدجال وقد ضخموه وجعلوا له قدرة خيالية وأسطورية ووصف الدجال بالمسيح وهو وصف لم يصرح في مصادرنا وإنما هو منقول عن اليهود لشدة عدائهم للمسيح وقد رُوي في بعض كتب العامة أن الدجال عربي وأن المهدي لا يحقق هدفه بل يُقتل على يد الروم وأن الكعبة تُهدم ومكة تُخرب وتنتهي الدنيا بعد الدجال وتقوم القيامة وفي كل هذا تأمل واضح فما ورد مقبولاً أن ظهور المهدي (عليه السلام) مرحلة جديدة في حياة الناس على الأرض وأن الحياة تستمر في ظلها إلى ما شاء الله حتّى يوم القيامة وخروج الدجال إنما هو حدث في أوائل ظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) ونزول المسيح يتم الانتصار عليه ثمّ يكون بعده اثنا عشر مهدياً ثمّ بحث الرجعة ولا عودة للظلم إلى الأرض بعدها.
(5) بحار الأنوار 51: 82.
(6) غيبة الطوسي: 452.
(7) بحار الأنوار 51: 81.
(8) سنن الدارقطني 2: 51.