(٧٨٦) شرح دعاء الافتتاح (٢)
شرح دعاء الافتتاح (2)
الشيخ محمد تقي مصباح يزدي
توفيق العبادة منّة إلهية للعبد:
بعد التوجه إلى الصفات الإلهية، والثناء على الله بسبب تلك التوفيقات التي منحها للإنسان يقول: اللهم أذنت لي في دعائك ومسألتك.
إن النقطة التي أشير إليها في هذا المقطع من الدعاء هي في غاية اللطف والدّقة، لكننا نغفل عنها في أكثر الأحوال. فنحن نتصوّر إننا بالدعاء والمناجاة قد أدّينا عملاً عظيماً وينبغي أن نمنّ على ربنا، لكن الإمام (عليه السلام) في هذا المقطع يشير إلى تلك المنّة العظيمة التي كانت لله عليه، حين أجاز له أن يأتي إلى أعتاب محضره ويدعوه ويعرض عليه حاجاته..
لهذا، نجد الإمام السّجاد (عليه السلام) يقول مخاطباً ربه: من أعظم النّعم علينا جریان ذكركَ على ألسنتنا وإذنكَ لنا بدعائكَ.
عصيان العبد ودوام الفيض الإلهي:
وبعد أن يُعدّد لطف الله في الإذن في الحضور هناك يطلب العفو ويذكر الصفات الإلهية ويعرض حاجاته: فاسمع یا سميع مدحتي وأجب يا رحيم دعوتي وأقل یا غفور عثرتي.
إن جميع أعضاء الإنسان وجوراحه كالعين والأذن وحتى القلب تشارك في معصية الإنسان، ومع كل تلك النعم التي أنزلها الله على عبده فها هو العبد يتجه إلى محاربة الله وعصيانه.
والآن نجد أن هذا العبد يريد أن يأنس بالله ويعرض عليه حاجاته وهو يأمل الإجابة، إن مثل هذا التوقع الذي يحمله الإنسان تجاه الله لا ينسجم وعصيانه، فالجدير هنا أن يطرد الله مثل هذا العبد من محضره وينساه لأجل ما فعله من عصيانه لكن الله لا يطرد عبده من محضره ولا يدفعه مخرجاً إياه من ساحته بل يدعوه للمجيئ إليه وقد ورد في حديث قدسي: لو يعلم المدبرون عنّي كيف انتظاري لهم لماتوا شوقاً إلي.
أجل، لو دقّق الإنسان وتأمّل سيدرك أن من أعظم الألطاف الإلهية أن إذن الله لعبده العاصي بأن يتكلّم ويعرض حاجاته ويطلب منه إجابة دعائه.