(٨٠٢) أدلَّة إمامة المهدي (عجّل الله فرجه) (٣)
أدلَّة إمامة المهدي (عجّل الله فرجه) (3)
الدكتور إحسان الغريفي
بعض علامات ظهور المهدي (عجّل الله فرجه) الَّتي روتها كتبُ السنن، وهذه العلامات لا تختلف كثيراً عمَّا ذكرته مصادرُنا الحديثية، ومن هذه العلامات طلوع آية مع الشمس كما ورد في الحديث الذي رواه الصنعاني فقال: أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن بن طاووس عن علي بن عبد الله بن عباس قال: لا يخرج المهدي حتى تطلع مع الشمس آية.(1) فهذه علامة سماوية تُنَبِّئ بزمن خروجه (عجّل الله فرجه)، والعلامة السماوية الثانية ظهور نداء ينادي من السماء: إن الحقَّ في آل محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم)؛ قال نعيم بن حماد المروزي المُتوفَّى سنة 288هـ:
حدثنا الوليدُ ورشدين عن ابن لهيعة عن أبي قبيل عن أبي رومان عن علي (رضي الله عنه) قال بعد الخسف ينادي مناد من السماء: إن الحقَّ في آل محمد في أول النهار، ثم ينادي منادٍ في آخر النهار: إن الحق في ولد عيسى، وذلك نحوه مِن الشيطان. [وقال أيضاً:]
حدثنا عبدُ الله بن مروان عن سعيد بن يزيد التنوخي عن الزهري قال: إذا التقى السفياني والمهدي للقتال يومئذ يسمع صوت من السماء: ألا إن أولياء الله أصحاب فلان يعني المهدي. (2)
وهناك علامات أُخر تتعلَّق ببعض الأحداث السياسية والأمنية كخروج أهل خراسان في طلب المهدي (عجّل الله فرجه)، وظهور السفياني على أهل الشام، وقتل شيعة آل محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) بالكوفة؛ كما جاء في رواية الحاكم النيسابوري بسنده: عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: (يظهر السفياني على الشام، ثم يكون بينهم وقعة بقرقيسا حتى تشبع طير السماء وسباع الأرض من جيفهم، ثم ينفتق عليهم فتق من خلفهم، فتقبل طائفة منهم حتى يدخلوا أرض خراسان، وتقبل خيل السفياني في طلب أهل خراسان، ويقتلون شيعة آل محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) بالكوفة، ثم يخرج أهل خراسان في طلب المهدي). (3)
وروى ابن ماجة بسنده: عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): (يَقْتَتِلُ عِنْدَ كَنْزِكُمْ ثَلاَثَةٌ كُلُّهُمُ ابْنُ خَلِيفَةٍ ثُمَّ لاَ يَصِيرُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَطْلُعُ الرَّايَاتُ السُّودُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ فَيَقْتُلُونَكُمْ قَتْلاً لَمْ يُقْتَلْهُ قَوْمٌ). ثُمَّ ذَكَرَ شَيْئاً لاَ أَحْفَظُهُ فَقَالَ: (فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَبَايِعُوهُ وَلَوْ حَبْواً عَلَى الثَّلْجِ فَإِنَّهُ خَلِيفَةُ الله الْمَهْدِيُّ).(4)
وأخرج الحاكم النيسابوري بسنده: عن ثوبان، قال: (إذا رأيتم الرايات السود خرجت مِن قبل خراسان فأتوها ولو حبوا، فإن فيها خليفة الله المهدي). وعلَّق الحاكم على هذا الحديث قائلاً: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه).(5) أي على شرط البخاري ومسلم.
وجاء في سنن ابن ماجة بسنده: عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِي قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): (يَخْرُجُ نَاسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ فَيُوَطِّئُونَ لِلْمَهْدِيِّ). يَعْنِي سُلْطَانَهُ.(6)
وحدَّث ابن ماجة أيضاً بسنده: عَنْ عَبْدِ الله قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) إِذْ أَقْبَلَ فِتْيَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَلَمَّا رَآهُمُ النَّبِىيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلم) اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ قَالَ فَقُلْتُ: مَا نَزَالُ نَرَى فِى وَجْهِكَ شَيْئاً نَكْرَهُهُ. فَقَالَ: (إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ اخْتَارَ اللهُ لَنَا الآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا وَإِنَّ أَهْلَ بَيْتِي سَيَلْقَوْنَ بَعْدِي بَلاَءً وَتَشْرِيداً وَتَطْرِيداً حَتَّى يَأْتِي قَوْمٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَعَهُمْ رَايَاتٌ سُودٌ فَيَسْأَلُونَ الْخَيْرَ فَلاَ يُعْطَوْنَهُ فَيُقَاتِلُونَ فَيُنْصَرُونَ فَيُعْطَوْنَ مَا سَأَلُوا فَلاَ يَقْبَلُونَهُ حَتَّى يَدْفَعُوهَا إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَيَمْلَؤُهَا قِسْطاً كَمَا مَلَؤُوهَا جَوْراً فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيَأْتِهِمْ وَلَوْ حَبْواً عَلَى الثَّلْجِ). (7)
ومن هذه العلامات تقتل النفس الزكية، كما في رواية شيخ البخاري ابن أبي شيبة بسنده: عن رجل مِن أصحاب النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) أن المهدي لا يخرج حتى تقتل النفس الزكية فإذا قتلت النفس الزكية غضب عليهم مَن في السماء ومَن في الأرض فأتى الناس المهدي فزفوه كما تزفُّ العروس إلى زوجها ليلة عرسها، وهو يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، وتخرج الأرض نباتها، وتمطر السماء مطرها، وتنعم أمتي في ولايته نعمة لم تنعمها قط. (8)
الهوامش:
(1) المصنف لعبد الرزاق الصنعاني: 10/317 [11/ 372]،[ح. 20940/باب المهدي].
(2) كتاب الفتن نعيم بن حماد المروزي: 209، وكتاب العَرْفُ الوَرْدِي في أخبار المَهْدِي للحافظ جلال الدين السيوطي.
(3) المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري: 5/ 407 [ح. 8706– كتاب الفتن والملاحم].
(4) سنن ابن ماجة للحافظ محمد بن يزيد القزويني: 664 [ح. 4084/باب خروج المهدي].
(5) المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري: 5/ 407 [ح. 8707– كتاب الفتن والملاحم].
(6) سنن ابن ماجة للحافظ محمد بن يزيد القزويني: 664 [ح. 4088/باب خروج المهدي].
(7) سنن ابن ماجة للحافظ محمد بن يزيد القزويني: 663[ح. 4082/باب خروج المهدي].
(8) الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار لابن أبي شيبة: 7 / 514 [ح. 37642 / ما ذكر في فتنة الدجَّال].