(٨٢١) دور المرأة في أيدولوجية الثقافة المهدوية
دور المرأة في أيدولوجية الثقافة المهدوية
الشيخ أحمد الساعدي
عرفنا أن دور الرجال عند ظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هو الجهاد في سبيل الله تعالى ولكن ما هي الصفات أو المؤهلات التي تتصف بها النساء اللواتي يظهرن عند ظهور الإمام (عجّل الله فرجه) لنصرته واللاتي ذكرن في كثير من الكتب المختصة بقضية الإمام (عجّل الله فرجه) حيث ذكر أن عددهن خمسون امرأة هل هناك مقدمات عملية يجب أن تلتزم بها المرأة المنتظرة لظهور الإمام (عجّل الله فرجه) تؤهلها للفوز بشرف الالتحاق بركب النساء المهدويات؟ لنقرأ...
توجد بعض الروايات تُشيرُ إلى هذا المعنى منها في دلائل الإمامة عن مفضل بن عمر قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: يكون مع القائم ثلاث عشرة امرأة، قلتُ: وما يصنع بهن؟
قال يداوين الجرحى ويقمن على المرضى كما كُنَّ مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) (دلائل الإمامة: 259)
وفي إثبات الهداة، ملخصاً عن مسند فاطمة (عليها السلام) للطبري. فهي تتحدث عن نساء يُحْيَيْنَ من قبورهن، وقد سمَّت تسعاً منهن، وتنص على أن مهنتهن التمريض ومداواة الجرحى. (إثبات الهداة: 3/575).
والرواية الأخرى في تفسير العياشي عن جابر الجعفي عن الإمام الباقر (عليه السلام) تنص على أن من بين أصحابه الخاصين الثلاث مئة وثلاثة عشر وخمسين امرأة وهي طويلة تضمَّنت معلومات هامة عن حركة الإمام أرواحنا فداه من المدينة إلى مكة وبداية ظهوره المقدس (تفسير العياشي: 1 / 65، راجع المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) ص349 و350).
والمؤمنات من أصحاب الإمام (عجّل الله فرجه) أكثر من هؤلاء الخمسين امرأة فهؤلاء ورد النص أنهن من وزرائه وأصحابه الخاصّين الثلاث مئة وثلاثة عشر، الذين يجمعهم الله له من أقاصي الأرض في ليلة ثمة من يتساءل عن أن المرأة نصف المجتمع؛ فأين هي في قضية الإمام المهدي عجل الله ظهوره المبارك؟ وهل لها حضور مؤثر في زمن الغيبة؟
مما لاشك فيه أنَّ المدرسة التي اعتمدت على مثل الصديقة الحوراء (صلوات الله عليها) لتقوم بذلك الدور المحوري والحاسم الذي لعبته في ثورة الإمام الحسين (عليه السلام)، والذي لا أشك أن الأجيال رجالاً ونساءً.. لا زالوا وسيبقون مدينين له، ناهيكم عن دور أمها البتول الطاهرة (صلوات الله عليها)، أو الدور الذي لعبته السيدة نرجس (عليها السلام) أم الإمام المنتظر (عجّل الله فرجه) في الحفاظ على سر الإمام (بأبي وأمي) رغم اعتقالها وتسليط الضغوط السياسية والأمنية العظيمة عليها، وكذا دور العديد من النساء اللاتي ارتبطن بالعلماء. فإن المرأة في التكاليف العامة مثلها مثل الرجل لا يختلف دورها اطلاقاً إلّا فيما يرتبط بطبيعتها البيولوجية، والتي وإن أزاحت عنها بعضاً من المسؤولية، إلّا أنها أضافت لها في عين الوقت مسؤولية إضافية، وقد يملي عليها الظرف الاجتماعي مسؤوليات إضافية، وقد يحرمها من ذلك أيضاً، والفارق بين الأمرين أن التكليف الشرعي يبقى معلّقاً بالمرأة في كل الظروف.
فنحن بأمس الحاجة لدورها فهي صانعة الرجال، وبلا المرأة الواعية لا يمكن لنا أن ننتظر ولادة الحاضنة التي ستحمل أعباء المهمة الكبرى لنصرة الإمام صلوات الله عليه، فالمرأة تقع على عاتقها مهمة عظيمة في نصرة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
ألا وهي التثقيف لعصر الظهور لدولة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) حيث تبدأ من محيط أسرتها وابنائها.. فالمرأة المهدوية هي كحجر يرتطم بالماء يخلف عدة دوائر تقل طاقتها كلما ابتعدنا عن المصدر فهي مصدر اضطراب ايجابي ينقل طاقته إلى أسرته ومن ثم إلى محيط الأسرة الأكبر.. فللجيران وكثير من شبابنا وبناتنا مغيبين عن ثقافة عصر الظهور وعدم إدراكهم أن المهم في الموضوع ليس مجرد ترديد ذكره وعدم نسيانه بل المهم هو الاستعداد لمشروع الإمام (عجّل الله فرجه) وهو مشروع الإسلام العظيم وكيفية بسطه ونشره على كل أرجاء المعمورة.
إن هذا المشروع الكبير يحتاج إلى استعداد كبير يكون بمستوى هذا المشروع العظيم, إن المعرفة والعلم والوعي هي أحد أهم أركان هذا المشروع, والركن الآخر هو الوصول إلى الإخلاص الحقيقي في علاقتنا بإمام زماننا وهي علاقة متفرعة من علاقتنا بالله سبحانه وتعالى وتحتاج إلى توفيق.
وإن التهيؤ لنصرة الإمام (عجّل الله فرجه) تحتاج إلى تواصل مع الذات وثقة عالية بالنفس بحيث لا تختلط عليك الأمور وهذا يتم بالاطمئنان القلبي والتسليم لأمر الباري (عزَّ وجل) وعدم الحكم على الأشياء أو الأحداث التي تجري حولنا بأحكام غير منطقية متناسين واجبنا في زمن الغيبة ألا وهو الورع وانتظار الفرج لنكون مميزين عن الآخرين فإذا أردنا نصرة الإمام الحجة (عجّل الله فرجه) فعلينا محاسبة أنفسنا، وإصلاح أعمالنا وتقويم أفعالنا لعلنا نكون من أنصاره، وأعوانه لأن من أولويات النهضة المهدوية الاستعداد الروحي لنصرته فالهدف من ظهوره إصلاح ما فسد وإنقاذ ما تبقى من الدين ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً..
فإذا أدركنا تقصيرنا في الواجبات وقوّمنا أنفسنا.. سنكون حتما من الصادقين كلما نادينا (اللهم عجل لوليك الفرج).. فالإمام أعلَمُ بأنصاره من أنفسهم وأعمالنا تعرض عليه وإنه ليستاء كلما ارتكب المؤمن معصية فمن أراد تعجيل الفرج عليه بالاستقامة والصدق من خلال مطابقة أعاله وأعماله التي ترضي الله سبحانه وتعالى. فكم من موالي غافل عن امامه؟ فعلى الذاكر لإمامه أن يوقظه من غفلته، وكم من مدّعٍ لحب أهل البيت وهو يؤذي الإمام بأفعاله؟ فعلى العاملين بنهج أئمتهم أن يأخذوا بيده ويصححوا له مسلكه، وكم من تائه يعيش في ظلمة الذنوب والمعاصي يحتاج إلى رشحات نور من نور الإمام؟ وعلى من يملكها ممن استقى من نور امامه أن يزوده وينير له ظلمته. فكل هؤلاء يحتاجون أن يعرفوا إمامهم ويتعرفوا عليه من خلال المنتمين إليه والعارفين بضرورة الارتباط به..
فالضال لابد أن يرتبط بإمامه ليهتدي والمهتدي عليه أن يزيد ويعمّق ارتباطه بإمامه لكي يكون من أهل الاستقامة.
فللمرأة دور مهم في حركة التمهيد للأمام وبرأيي المتواضع.. إن المرأة المؤمنة لا يقع عليها الاختيار بالقرعة أو بالتمني بل بإمكانها الفوز بهذه الكرامة العظيمة عندما تطبق واجباتها وتبتعد غن المحرمات وعندما تلتزم بمعالم دينها وأحكامه والابتعاد عن نواهيه، وتعلِّم أولادها أو تلاميذها وتربيهم تربية إسلامية إيمانية صحيحة وتعرفهم على إمام زمانهم وقضيته.