(٥٤٠) ... ماذا نفعل أكثر من هذا لكي يخرج (عجّل الله فرجه)؟
يذكر أن الدعاء بالفرج يعجّل ظهور الإمام الحجة (عجّل الله فرجه)، إذن لماذا كل هذه السنين لم يقترب ظهور الإمام (عجّل الله فرجه) هل يعني هذا أننا لم نستفد من الدعاء؟ لأننا كُلّما نسأل بعد فترة هل نحن في عصر الظهور؟ الكل يقول: لا. أو نسأل هل الأحداث مُقرّبة للظهور؟ يقولون: لا. البعض فقط يقول: لا نجزم، أليس هذا عذاب للشيعة؟ ماذا نفعل أكثر من هذا لكي يخرج الإمام الحجة (عجّل الله فرجه)؟
بسم الله الرحمن الرحيم
يتبين جواب سؤالكم من النقاط التالية:
النقطة الأولى: أن ظهور الإمام (عجّل الله فرجه) تابع للمصلحة الواقعيّة التي هي في علم الله تعالى والظهور من هذه الناحية حاله حال أي فعل من الأفعال الإلهية التي لا تكون إلّا وفق حكمة -معلومة أو غير معلومة عندنا-، وبالتالي فحتى لو أكثرنا من الدعاء، فربما تكون المصلحة في أن يؤخّر الظهور لوقت آخر لا نعلمه.
فالدعاء وإن كان محبوباً لله تعالى، والله تعالى بكرمه يمكن أن يستجيب دعاء المؤمنين بتعجيل الظهور، لكن الحكمة الإلهية قد تقتضي التأخير لتلك المصلحة الواقعية غير المعلومة لدينا.
وهذه الفكرة هي ما عبّر عنها أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: إن كرم الله تعالى لا ينقض حكمته، فلذلك لا تقع الإجابة في كل دعوة. [عيون الحكم والمواعظ: ص151]
النقطة الثانية: يمكن القول: إن دعاء المؤمنين يعمل فعلاً على تعجيل الظهور، ولكن ليس من الضروري أن يقع ذلك التعجيل في عصرنا، فلعلّ الله تعالى كان قد قّرر الظهور بعد خمسة آلاف سنة، ولكن أدعية المؤمنين عجّلت بالظهور فجعله الله تعالى بعد ثلاثة آلاف سنة، فهذه الفترة رغم أنها بعيدة عن زمننا، لكن بالتالي أدعيتنا لم تذهب سدى في هذا المجال.
النقطة الثالثة: وليكن معلوماً أن الدعاء وإن كان يؤدي إلى تعجيل الفرج، ولكنّه ليس علّة تامة للظهور، بل أنه يمثل جزء علّة له، ومقتضياً من مقتضيات الظهور، فما لم تتحقق بقية المقتضيات، فإن الدعاء لا يؤثر لوحده في النتيجة المرجوة منه وهي تعجيل الفرج في محل الكلام.
فقد يدعو المؤمن بتعجيل الفرج، فيحقق جزءاً من أجزاء العلّة التامة للظهور، ولكنّه ربما يعمل بعض الذنوب التي توقف اقتضاء الدعاء بتعجيل الفرج، فيكون ﴿كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً﴾. [النحل: 92]
ومن المعلوم أن هناك ذنوباً تعرقل استجابة الدعاء، لذلك كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يدعو ويقول: اللهم اغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: جعفر الفهيد : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)