(٨١٨) لماذا نحن مستعجلون في أمر الله؟
دائماً يشير القرآن الكريم في آياته إلى الانتظار، فلماذا نحن مستعجلون في أمر الله (جلّ وعلا)؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الاستعجال قسمان:
القسم الأول مذموم: وهو ما يؤدي إلى الهلاك والوقوع في الفتن لعدم ابتنائه على أسس علمية ومنهجية، وهو ما نهت عنه الروايات الشريفة، وسمَّت المستعجلين بالمحاضير.
فقد روي عن سيف التمار، عن أبي المرهف، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): هلكت المحاضير.
قال: قلت: وما المحاضير؟
قال: المستعجلون، ونجا المقربون، وثبت الحصن على أوتادها، كونوا أحلاس بيوتكم، فإن الغبرة على من أثارها، وأنهم لا يريدونكم بجائحة إلّا أتاهم الله بشاغل إلّا من تعرض لهم. [الغيبة للشيخ النعماني: ص203، ب11، ح5].
المحاضير: جمع محضر، وهو الفَرَس الكثير العَدْو [بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج52، ص138]، ومحاضير العرب: قوم اشتهروا بالعَدْو، ويقال لهم: العدّاؤون [المعجم الوسيط: مادة حضر].
أكّدت الروايات الشريفة أن المحاضير هالكون، وفسّرت ذلك بأن المقصود منهم المستعجلون في ظهور دولة الحق قبل أوانها [الكافي للشيخ الكليني: ج8، ص273، ح411، وج8، ص294؛ والغيبة للشيخ النعماني: ص196، ح5، وغيرها]، حيث أطلقت الرواية عليهم عنوان المحاضير أي أنهم يستعجلون بتطبيق علامات الظهور مثلاً الأحداث من دون تروٍ ولا تثبّت، وقد يُصدّقون بأي مدعٍ للمهدوية، فيقعون في الهلاك...
الأمر الذي يدعو إلى الصبر، والتريّث، وعدم الاستعجال بالأمر إلى أن يحين موعده المناسب حسب العلم الإلهي، ولذا فرّعت الروايات على عدم الاستعجال الأمانَ من الهلكة ونجاة المقربين.
القسم الثاني ممدوح:
وهو ما يكون على أساس العمل الصالح الذي من شأنه أن يوفر الظروف الملائمة والأسباب الموضوعية للظهور المقدس، من دون أن يؤدي إلى التخبط في القرارات أو الدخول في الفتن والشبهات من دون بصيرة أو يؤدي إلى التطبيقات الخاطئة والتوقيت المنهي عنه في الروايات.
وهذا هو الذي نجده في الروايات التي أمرت بالدعاء بتعجيل الفرج واعتبرته من الفرج.
فقد روي في توقيعه (عجّل الله فرجه) أنه قال: ...وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فإن ذلك فرجكم. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص485، ب45]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)





