ارسل سؤالك المهدوي:
المسار
العربية » الأسئلة والأجوبة المهدوية » أصحاب الإمام المهدي عليه السلام
أصحاب الإمام المهدي عليه السلام

(٨٥٠) ما هو القرب الإلهي والقوة الباطنية؟

ورد في منشور (العشق المهدوي) أحد منشورات المركز العبارة التالي:
إن من صفات الذين أعدهم الله تعالى لنصرة صاحب الأمر (عجّل الله فرجه) أنهم قد جمعوا أعلى الدرجات في القرب الإلهي وفي القوة الباطنية الباعثة للهمة العالية وفي الطاعة لإمام زمانهم (عجّل الله فرجه)، وإن غاية أمنيتهم أن يرزقوا الشهادة في سبيل الله تعالى.
ممكن توضيح للقرب الإلهي والقوة الباطنية؟


بسم الله الرحمن الرحيم
القرب من الله تعالى ليس هو من قبيل القرب المكاني أو الزماني، كالذي يحصل بين الأشياء المادية، لأن الله تعالى ليس بجسم، وهو منزه عن ذلك، بل هو المحيط بكل زمان ومكان، ولذلك فإن الله تعالى هو قريب من جميع خلقه ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾ ويقول تعالى: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ ولو كان معنى القرب من الله هو القرب المادي لكنا نحن أيضاً قريبين منه كما هو قريب منا، فإن الأشياء المادية تتقارب بنفس النسبة من بعضها البعض فإن (أ) إذا كان قريباً من (ب) فلابدّ أن يكون (ب) قريباً من (أ) أيضاً، وهذا المعنى من القرب مختص بعالم الماديات ولا ينطبق على الله تعالى، فإنه قد يكون الله تعالى قريباً منك وأنت بعيد عنه، وإنما المقصود بالقرب من الله هو الطاعة والانقياد والتسليم له تعالى والتخلق بما أمر به ودعا إليه من تطبيق أحكامه وشرائعه.
سأل (أبو قرة) الإمام الرضا (عليه السلام): فمن أقرب إلى الله؟ الملائكة أو أهل الأرض؟ قال أبو الحسن (عليه السلام): إن كنت تقول بالشبر والذراع فإن الأشياء كلها باب واحد هي فعله، لا يشتغل ببعضها عن بعض، يدبر أعلى الخلق من حيث يدبر أسفله، ويدبر أوله من حيث بدبر آخره، من غير عناء ولا كلفة ولا مؤونة ولا مشاورة ولا نصب، وإن كنت تقول: من أقرب إليه في الوسيلة؟ فأطوعهم له. [الاحتجاج للشيخ الطبرسي: ج2، ص188]
وإذا كان العبد قريباً من الله تعالى صار وسيلته وسبيله الذي به نصل إلى الله تعالى، لأنه يكون الممثل والمجسِّد لأوامره وطاعته وتكون طاعته طاعة الله تعالى ومعصيته معصية الله تعالى، ولما كانت الطاعة لها مراتب ودرجات فإن لكل مؤمن حظاً ودرجة من ذلك بحسب انقياده وتسليمه لله تعالى، وأعلى من نال هذه المرتبة هم النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام).
عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم): الأئمة من ولد الحسين من أطاعهم فقد أطاع الله، ومن عصاهم فقد عصى الله، هم العروة الوثقى، وهم الوسيلة إلى الله (عزَّ وجل). [عيون أخبار الرضا (عليه السلام) للشيخ الصدوق: ص220]، وإنما صار لأنصار وأصحاب الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هذه الدرجة العظيمة لأنهم صدقوا وأخلصوا واتبعوا ما أمر به الإمام (عجّل الله فرجه) في عصر الغيبة الكبرى، فاجتباهم الله تعالى وأختارهم ليكونوا المثال الواضح للقيام بهذا المشروع الإلهي.
وأما المقصود من القوة الباطنية فإنما هي إشارة لما عليه هؤلاء الأنصار من تقوى وإيمان متحكم في قلوبهم وأرواحهم، فإن التقوى محلها ومستقرها القلب، وهي إنما تحصل نتيجة لتلك الطاعة ولذلك القرب من الله تعالى، وهي التي تجعلهم يتمنون الشهادة في سبيله تعالى والفوز برضاه.
عن الإمام الصادق (عليه السلام): كأني أنظر إلى القائم (عليه السلام) وأصحابه في نجف الكوفة كأن على رؤوسهم الطير قد فنيت أزوادهم وخلقت ثيابهم، قد أثر السجود بجباههم ليوث بالنهار، رهبان بالليل كأن قلوبهم زبر الحديد، يعطى الرجل منهم قوة أربعين رجلاً لا يقتل أحداً منهم إلا كافر أو منافق وقد وصفهم الله تعالى بالتوسّم في كتابه العزيز بقوله: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾. [بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج52، ص387]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)

أصحاب الإمام المهدي عليه السلام : ٢٠٢١/٠٢/١٩ : ٢.١ K : ٠
: حميد العسيلي : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
التعليقات:
لا توجد تعليقات.