(٩٠٣) ما الفرق بين مذهبنا والآخرين الذين يقودهم غير معصوم مثلنا؟
ورد عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه): وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا.
الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) يقول لنا: إن في عصر غيبته الكبرى يجب علينا أن نرجع إلى الفقهاء، ولكن هذا يعني أيضاً إن من يقود الشيعة لم يعد معصوماً، وبالتالي فما الفرق الآن بين مذهبنا ومذاهب الآخرين الذين يقودهم غير معصوم مثلنا؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الفرق بين الأمرين أن علماء الشيعة وإن لم يكونوا معصومين إلّا إن الأئمة (عليهم السلام) وفّروا الحصانة الكافية والضوابط العلمية لاستنباط الأحكام الشرعية وأوضحوها لفقهاء الشيعة، وبيّنوا لهم الطريق السليم وميّزوه لهم عن غيره لفترة زمنية تمتد لأكثر من ثلاثمائة سنة من خلال الآف الروايات والأحاديث، مع التأكيد الكبير على التوصيفات والشروط التي لا بد أن يتحلى بها الفقهاء وعلماء أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام).
فقد روي عن الإمام العسكري (عليه السلام): فأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً على هواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه، وذلك لا يكون إلّا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم. [الاحتجاج للشيخ الطبرسي: ج2، 263]
كل ذلك يجعل من إمكانية حصول الخطأ والزلل في أدنى درجاته ولو عند غير المعصوم، ولذا صارت حجية هؤلاء العلماء مستمدة من عدة عناصر تتظافر فيما بينها لتوفير شرعية الاتباع لهم، وأول تلك العناصر وأهمها أن الفقيه الشيعي محكوم بتراث ضخم من أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) لا يمكنه أن يستغني عنه بأي حال من الأحوال، وهذا معنى قول الإمام (عجّل الله فرجه): (رواة أحاديثنا). وهذا بطبيعة الحال عنصر مهم ومفصلي كما هو واضح تخلو منه كل المذاهب الأخرى المختلفة معنا، وهو الأمر الذي دعا علماء الفرق الأخرى في كثير من الأحيان أن يعتمدوا آليات وطرقاً لم تثبت شرعيتها لا في القرآن الكريم ولا في السنة، من قبيل القياس والاستحسان والقول بالرأي أو الاجتهاد في قبال النص الشرعي، بعد أن وجدوا أن الأحاديث النبوية - لقلّتها عندهم وبسبب منع التدوين في عهد عمر بن الخطاب - لا يمكنها أن توفر المقدار اللازم لتلبية متطلبات الزمن ومقتضياته، سواء الحادثة منها أم غيرها، ناهيك عن عقيدتنا أن التسديد والتأييد الذي يقوم به الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) ورعايته لهذا المذهب والقائمين عليه غير منقطع عن هؤلاء العلماء، فقد ورد في التوقيع الذي صدر من الناحية المقدسة للشيخ المفيد (رحمه الله): إنا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء أو اصطلمكم الأعداء. [الاحتجاج للشيخ الطبرسي: ج2، ص322]
وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): اللهم إنه لا بد لك من حجج في أرضك، حجة بعد حجة على خلقك، يهدونهم إلى دينك، ويعلمونهم علمك كيلا يتفرق أتباع أوليائك، ظاهر غير مطاع، أو مكتتم يترقب، إن غاب عن الناس شخصهم في حال هدنتهم فلم يغب عنهم قديم مبثوث علمهم، وآدابهم في قلوب المؤمنين مثبتة، فهم بها عاملون. [الكافي للشيخ الكليني: ج1، ص339]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: أبو هادي : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)