ارسل سؤالك المهدوي:
المسار
السفراء والفقهاء

(٩٥٢) الدليل على أن توقيعات الناحية المقدسة قد خرجت من قبل...؟

ما هو الدليل على أن توقيعات الناحية المقدسة قد خرجت من قبل الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)؟
بمعنى آخر: كيف يحصل لدينا الاطمئنان والثقة بأن هذا الكلام هو كلام الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) الوارد في التوقيعات المنسوبة إليه (عجّل الله فرجه)؟


بسم الله الرحمن الرحيم
الدليل على صدور التوقيعات من الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) يبتني على التسالم التام بوثاقة السفراء الأربعة عند الطائفة، وهذه طبيعة سيّالة في سيرة العقلاء عند جميع الناس في الاعتماد على أخبار الثقات، لا سيما ممن عرفوا بالضبط والمصداقية كالسفراء.
جدير بالذكر أن التوقيعات والمكاتبات في تراث الأئمة الأطهار (عليهم السلام) لم تكن مقتصرة على ما ورد عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، بل كان الشيعة مسبوقين بذلك منذ زمن الإمام الكاظم (عليه السلام) حينما كان في السجن ومُنع الشيعة من الاتصال به مباشرة.
روى الكليني عن علي بن سويد: كتبت إلى أبي الحسن موسى (عليه السلام) وهو في الحبس كتاباً أسأله عن حاله وعن مسائل كثيرة، فاحتبس الجواب علي أشهر ثم أجابني بجواب هذه نسخته ... الخ. [الكافي للشيخ الكليني: ج8، ص124]
وهكذا فيما رواه أيضاً عن التوقيع الذي صدر من الإمام الرضا (عليه السلام) لـ(محمد بن اسماعيل بن بزيع) [الكافي للشيخ الكليني: ج3، ص5]
وبعد التضييق الشديد الذي مارسته السلطات الظالمة على الشيعة في زمن الامامين العسكريين (عليهما السلام) نجد أن الكثير من أقوالهم وأجوبتهم نقلت إلينا عن طريق المكاتبات والتوقيعات التي صدرت منهما (عليهما السلام) وصولاً إلى زمن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في فترة الغيبة الصغرى، فكانت التوقيعات من أهم طرق التواصل معه (عجّل الله فرجه) حينذاك، ولكثرة ما صدر عن الناحية المقدسة صار مصطلح (التوقيعات) ينصرف إلى توقيعاته بالخصوص (عجّل الله فرجه).
وقد أهتم علماء الشيعة بهذه التوقيعات عموماً، واعتمدوا عليها في استنباط الأحكام الشرعية، كحال بقية الروايات الأخرى التي وصلت مشافهة عن الأئمة المتقدمين (عليهم السلام)، وتعاملوا معها تصحيحاً أو تضعيفاً وفق قواعد علم الرجال، بل أن بعضهم كالشيخ الصدوق (رحمه الله) كان يقدمها على تلك الروايات في حال التعارض معها، لتوفرها على قرينة الخط المبارك الذي كان معروفاً عند الشيعة آنذاك: حيث قال (رحمه الله): قال مصنف هذا الكتاب (رحمه الله): لست أفتى بهذا الحديث بل أفتى بما
عندي بخط الحسن بن علي (عليهما السلام) [من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق: ج4، ص203]
علما أن الخط الذي كان يصدر في توقيعات الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هو نفس الخط الذي كان يصدر في حياة أبيه الإمام العسكري (عليه السلام) قبل شهادته ولا يختلف عنه بشيء، وهذه واحدة من مظاهر دلائل الصدق والبرهان على انتساب التوقيع للإمام (عجّل الله فرجه)، لأن وحدة الخط بين الكاتبين ليس مقدوراً لكل أحد، فضلاً عن اتقانه.
ذكر الشيخ الطوسي (رحمه الله) في كتابه الغيبة: وكانت توقيعات صاحب الأمر (عليه السلام) تخرج على يدي عثمان بن سعيد وابنه أبي جعفر محمد بن عثمان إلى شيعته وخواص أبيه أبي محمد (عليه السلام) بالأمر والنهي والأجوبة عما يسأل الشيعة عنه إذا احتاجت إلى السؤال فيه بالخط الذي كان يخرج في حياة الحسن (عليه السلام)، فلم تزل الشيعة مقيمة على عدالتهما إلى أن توفي عثمان بن سعيد (رحمه الله ورضي عنه) وغسله ابنه أبو جعفر، وتولى القيام به، وحصل الأمر كله مردوداً إليه، والشيعة مجتمعة على عدالته وثقته وأمانته، لِما تقدم له من النص عليه بالأمانة والعدالة والأمر بالرجوع إليه في حياة الحسن (عليه السلام) وبعد موته في حياة أبيه عثمان (رحمة الله عليه)[ الغيبة للشيخ الطوسي: ص357]
وهكذا بالنسبة للسفير الثالث فقد روى (رحمه الله): عن محمد بن همام قال: قال لي عبد الله بن جعفر الحميري: لما مضى أبو عمرو (رضي الله تعالى عنه) أتتنا الكتب بالخط الذي كنا نكاتب به بإقامة أبي جعفر (رضي الله عنه) مقامه. [الغيبة للشيخ الطوسي: ص362]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)

السفراء والفقهاء : ٢٠٢١/٠٣/٢١ : ٣.٥ K : ٠
: أبو محمد : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
التعليقات:
لا توجد تعليقات.