ارسل سؤالك المهدوي:
المسار
السفراء والفقهاء

(١١٤٣) أين الأوراق التي كانت تخرج من قبل الإمام (عجّل الله فرجه)؟

كيف كانت تخرج التواقيع المهدوية الشريفة في زمن الغيبة الصغرى؟
إن كانت تخرج على شكل قصاصات أوراق أو ما شابه ذلك من قبل الإمام (عجّل الله فرجه) إلى السفراء الأربعة (رحمهم الله)، فأين هي؟
سؤالي هو:
أولاً: من الذي يستلم هذه القصاصات التي فيها التواقيع من قبل الإمام (عجّل الله فرجه)، هل السفراء أنفسهم؟ إذا كان الجواب بنعم، إذن السفراء الأربعة كانوا يلتقون بالإمام (عجّل الله فرجه) مباشرة، وإلّا كيف يستلمون القصاصات منه (عجّل الله فرجه)؟
فإذا كانوا يلتقون به مباشرة، إذن ما فائدة القصاصات الورقية فليأخذوا التوقيع وجواب الشيعة من الإمام مباشرة شفهياً وينقلونها إلى الناس.
ثانياً: الأوراق والقصاصات التي كانت تؤخذ من قبل السفراء من يد الإمام (عجّل الله فرجه) مباشرة أين ذهبت؟ وأين هي؟ ولماذا الشيعة لم تطَّلع على خط الإمام (عجّل الله فرجه) مباشرةً من قبل السفراء الأربعة إلى عامة الناس؟ فإذا كان الأمر سرياً وخوفاً على الإمام فليكن الأمر شفهياً.
إذن خلاصة السؤال: أين الأوراق التي تخرج من الإمام (عجّل الله فرجه) ولماذا لم تكن شفهية بل كتابية؟


بسم الله الرحمن الرحيم
لا يخفى أن غيبة الإمام (عجّل الله فرجه) أدَّت إلى ظهور حالة من التشكيك عند بعض أهل الأهواء من المخالفين وغيرهم، سواء من جهة وجوده (عجّل الله فرجه) أو من جهة نيابة السفراء الأربعة عنه (عجّل الله فرجه)، ولقطع الطريق على المشككين وإزالة الشبهات التي يمكن أن تعلّق في أذهان البسطاء من الناس، كانت الحكمة تقتضي توفير كل ما من شأنه أن يدعم غيبة الإمام (عجّل الله فرجه) وثبوت النيابة الخاصة عنه في عصر الغيبة الصغرى.
والتوقيعات الصادرة من الناحية المقدسة تعتبر إحدى المثبتات التاريخية لوجوده (عجّل الله فرجه)، ولكي تكون هذه التوقيعات دليلاً واضحاً وتؤدي غرضها بشكل يرفع الالتباس، والشبهة كانت تحتاج إلى البرهنة على صحة صدورها والطريق في ذلك كان يعتمد على نقطة جوهرية تتمثل في الخط الذي تميزت به هذه التوقيعات، فقد كانت تأتي بنفس الخط الذي كان يكتب به الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) لمعروفيته عند الشيعة آنذاك، ووحدة الخط مع تغير السفراء الأربعة إنما هو من علامات ومظاهر البُعد الغيبي لهذه التوقيعات والذي يعطي المصداقية لهؤلاء السفراء وقطع الطريق على من يريد أن يشكك بنيابتهم الخاصة عن الإمام (عجّل الله فرجه).
نقل الشيخ الطوسي في كتابه الغيبة عن هبة الله بن محمد عن شيوخه في سياق حديثهم عن السفير الثاني (محمد بن عثمان العمري)، قولهم: والشيعة مجتمعة على عدالته وثقته وأمانته لما تقدم له من النص عليه بالأمانة والعدالة، والأمر بالرجوع إليه في حياة الحسن (عليه السلام) وبعد موته في حياة أبيه عثمان بن سعيد، لا يختلف في عدالته، ولا يرتاب بأمانته، والتوقيعات تخرج على يده إلى الشيعة في المهمات طول حياته بالخط الذي كانت تخرج في حياة أبيه عثمان، لا يعرف الشيعة في هذا الأمر غيره، ولا يرجع إلى أحد سواه. وقد نقلت عنه دلائل كثيرة، ومعجزات الإمام ظهرت على يده، وأمور أخبرهم بها عنه زادتهم في هذا الأمر بصيرة، وهي مشهورة عند الشيعة. [الغيبة للشيخ الطوسي: ص363]
وذكر أيضاً عن محمد بن همام، قال: قال لي عبد الله بن جعفر الحميري: لما مضى (السفير الأول) أبو عمرو (رضي الله تعالى عنه) أتتنا الكتب بالخط الذي كنا نكاتب به بإقامة أبي جعفر (رضي الله عنه) مقامه (السفير الثاني)... [الغيبة للشيخ الطوسي: ص362]
ثانياً: وأمّا بالنسبة إلى سؤالكم عن مصير هذه التوقيعات فحالها ليس بأحسن من حال الكثير من المخطوطات التي كتبت على رقاع الجلد والتي تلفت بمرور الزمن الطويل والتي تحتاج إلى عناية فائقة للحفاظ عليها كما نجده اليوم معمولاً به في المتاحف العالمية والتي تديرها مؤسسات مختصة تقوم بهذه المهمة، وهو الأمر الذي لم يكن متوفراً حتماً في ذلك الزمان، والقدر المتيقن أنها كانت موجودة حتى بعد انتهاء عصر الغيبة الصغرى، فقد ذكر الشيخ الصدوق (رحمه الله) في كتابه (من لا يحضره الفقيه) ما يشير إلى وجود بعض هذه التوقيعات عنده وبالخط الذي كان يكتب به الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) وهو ذات الخط الذي كانت تخرج به التوقيعات من الناحية المقدسة، فقد ذكر هناك تعليقاً على خبر رواه الكليني: لست أفتي بهذا الحديث، بل أفتي بما عندي بخط الحسن بن علي (عليهما السلام). [من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق: ج4، ص203]
ثالثاً: لم يكن يمنع السفراء الأربعة إطلاع الشيعة على هذه التوقيعات، بل العكس هو الصحيح، وهناك عدة روايات تؤيد هذا المعنى بوضوح نذكر بعضها:
روى الشيخ الصدوق (رحمه الله) في كتابه كمال الدين، حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، عن إسحاق بن يعقوب، قال: سألت محمد بن عثمان العمري (رضي الله عنه) أن يوصل لي كتاباً قد سألت فيه عن مسائل أشكلت عليَّ فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان (عليه السلام). [الاحتجاج للشيخ الطبرسي: ج2، ص283]
وروى أيضاً عن أبي جعفر محمد بن محمد الخزاعي: أخرج إلينا أبو علي بن أبي الحسين الأسدي هذا التوقيع حتى نظرنا إليه وقرأناه. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص522]
وروى الشيخ الطوسي (رحمه الله) في كتابه الغيبة: وكانت توقيعات صاحب الأمر (عليه السلام) تخرج على يدي عثمان بن سعيد وابنه أبي جعفر محمد بن عثمان إلى شيعته وخواص أبيه أبي محمد (عليه السلام) بالأمر والنهي والأجوبة عما يسأل الشيعة عنه إذا احتاجت إلى السؤال فيه، بالخط الذي كان يخرج في حياة الحسن (عليه السلام). [الغيبة للشيخ الطوسي: ص362]
وروى أيضاً عن هارون بن موسى، عن محمد بن همام، قال: قال لي عبد الله بن جعفر الحميري: لما مضى أبو عمرو (رضي الله تعالى عنه) أتتنا الكتب بالخط الذي كنا نكاتب به بإقامة أبي جعفر (رضي الله عنه) مقامه. [الغيبة للشيخ الطوسي: ص362]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)

السفراء والفقهاء : ٢٠٢١/١١/٢٠ : ٢.٤ K : ٠
: محمد جعفر : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
التعليقات:
لا توجد تعليقات.