(١١٨٦) كيفية التواصل بين الإمام (عجّل الله فرجه) ونوابه الخاصين؟
كيفية أو طريقة التواصل بين وكلاء الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في زمن الغيبة الصغرى، النواب عثمان بن سعيد العمري وابنه محمد بن عثمان وحسين بن روح النوبختي وعلي السيمري (رضي الله عنهم).
هل كانوا يعرفون مكانه أو مقر إقامته فيعرضون عليه شكاوى الشيعة واستفساراتهم وأسئلتهم؟ وكيف كانوا يتلقون الجواب والتوضيح والتوجيه منه (عجّل الله فرجه)؟
بسم الله الرحمن الرحيم
روى الكليني في الحديث المعتبر عن إسحاق بن عمار عن الإمام الصادق (عليه السلام): للقائم غيبتان: إحداهما قصيرة والأخرى طويلة، الغيبة الأولى لا يعلم بمكانه فيها إلّا خاصة شيعته، والأخرى لا يعلم بمكانه فيها إلّا خاصة مواليه. [الكافي للشيخ الكليني: ج1، ص340]
والرواية كما هو واضح تشير إلى معرفة خاصة الشيعة بمكان الإمام (عجّل الله فرجه) واللقاء به، ولا يخفى أن أصدق مصاديق خاصة الشيعة هم السفراء الأربعة الذين كانوا حلقة الارتباط بين الإمام (عجّل الله فرجه) وشيعته، ويبدو أن هذا المعنى كان معروفاً عند الشيعة آنذاك، فقد سُئل أبو سهل النوبختي عن سبب عدم اختياره سفيراً بدلاً عن السفير الثالث (الحسين بن روح النوبختي)، فقال: هُم أعلم وما اختاروه، ولكن أنا رجل ألقي الخصوم وأناظرهم، ولو علمت بمكانه كما علم أبو القاسم وضغطتني الحجة على مكانه لعلّي كنت أدل على مكانه، وأبو القاسم فلو كانت الحجة تحت ذيله وقرض بالمقاريض ما كشف الذيل عنه.... [الغيبة للشيخ الطوسي: ص391]
مضافاً إلى الروايات العديدة التي حكت لنا على لسان السفراء رؤيتهم للإمام (عجّل الله فرجه) ولقائهم به وأخذهم الإجابات سماعاً منه من غير واسطة بينه وبينهم يدل أيضاً على المعنى ذاته، وهذه ثلاث منها كلها صحيحة السند رواها الشيخ الصدوق (رحمه الله):
الأولى: حدثنا محمد بن الحسن (رضي الله عنه) قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: قلت لمحمد بن عثمان العمري (رضي الله عنه): إني أسألك سؤال إبراهيم ربه (جلّ جلاله) حين قال له: ﴿رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ فأخبرني عن صاحب هذا الأمر هل رأيته؟ قال: نعم وله رقبة مثل ذي - وأشار بيده إلى عنقه -. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص٤٣٥]
الثانية: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: سألت محمد بن عثمان العمري (رضي الله عنه) فقلت له: أرأيت صاحب هذا الأمر؟ فقال: نعم وآخر عهدي به عند بيت الله الحرام وهو يقول: اللهم أنجز لي ما وعدتني. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص٤٤٠]
الثالثة: قال محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه): فعدت إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح (قدس الله روحه) من الغد وأنا أقول في نفسي أتراه ذكر ما ذكر لنا يوم أمس من عند نفسه، فابتدأني فقال لي: يا محمد بن إبراهيم لأن أخرّ من السماء فتخطفني الطير أو تهوى بي الريح في مكان سحيق أحب إليَّ من أن أقول في دين الله تعالى ذكره برأيي ومن عند نفسي، بل ذلك عن الأصل ومسموع عن الحجة (صلوات الله وسلامه عليه). [علل الشرائع للشيخ الصدوق: ص٢٤٣]
أمّا كيفية هذا اللقاء وطبيعته وهل يكون في مكان ثابت أو متغير، فلم تصرح به الروايات ولا هو مروي عن السفراء، والحكمة تقتضي إخفاء ذلك وعدم التصريح به، لاسيما إذا أخذنا بنظر الاعتبار الأوضاع الأمنية، بل والمخاطر التي كانت تترتب على كشف ذلك.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: أياد : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)