(١٥٦) النداء في السماء يحدث يوم ٢٣ رمضان
من الواضح من الروايات الخاصة بعلامات الظهور بأن النداء في السماء يحدث يوم (23 رمضان) من السَنة التي قبل الظهور، والظهور المبارك يكون يوم (10 محرم) أي بين النداء وبين الظهور المبارك حوالي ثلاثة أشهر ونصف، ويظهر من خلال الروايات أيضاً بأن حكم السفياني ثمانية أو تسعة أشهر، وفي رواية الإمام الصادق (عليه السلام): أولاهن النداء.
فما تفسيركم لهذا التعارض؟
ومن الروايات هي التالي: عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له جعلت فداك متى خروج القائم (عليه السلام)؟ فقال: يا أبا محمّد إنا أهل بيت لا نوقّت، وقد قال محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم): كذب الوقاتون، يا أبا محمّد، إن قدام هذا الأمر خمس علامات أولاهن النداء في شهر رمضان، وخروج السفياني، وخروج الخراساني، وقتل النفس الزكيّة، وخسف بالبيداء (وذهاب ملك بني عبّاس ن.خ) ثمَّ قال: يا أبا محمّد، إنّه لابدَّ أن يكون قدّام ذلك الطاعون الأبيض، والطاعون الأحمر قلت: جعلت فداك وأي شيء هما؟ فقال: أمّا الطاعون الأبيض فالموت الجارف وأمّا الطاعون الأحمر فالسيف، ولا يخرج القائم حتّى ينادى باسمه في جوف السماء في ليلة ثلث وعشرين في شهر رمضان ليلة جمعة قلت: بما ينادى؟ قال: باسمه واسم أبيه، ألا إن فلان بن فلان قائم آل محمّد فاسمعوا له وأطيعوه، فلا يبقى شيء من خلق الله فيه الروح إلّا سمع الصيحة فتوقظ النائم، ويخرج إلى صحن داره، وتخرج العذراء من خدرها، ويخرج القائم مما يسمع، وهي صيحة جبرائيل (عليه السلام).
بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً: إن المقام ليس من مقام التعارض، فإن أولية الصيحة ذُكرت في رواية واحدة أوردها النعماني في غيبته ص301 باب 16 ح 6، وهي ضعيفة السند من عدة جهات، فمحمد بن حسان الرازي قال عنه النجاشي: يُعرف ويُنكر، بين بين، يروي عن الضعفاء كثيراً، وضعّفه الغضائري والعلامة.
وهكذا (محمد بن علي الكوفي) فإنه ضعيف.
وهكذا (علي بن أبي حمزة البطائني) حيث إنه مختلف في قبول روايته وعدمه على ثلاثة أقوال.
فلا تصلح للمعارضة.
أمّا باقي الروايات التي ذكرت العلامات فلم تجعل النداء هو الأول حدوثاً بل لم ترتب الحدوث أصلاً وهي –وعلى الأقل بعضها- صحيحة السند إذن تسقط هذه الرواية عن الاعتبار فلا تصلح لمعارضة روايات الطائفة الثانية الصحيحة التي لم تذكر الترتب.
وثانياً: لو تنزلنا وغضضنا النظر عن سندها فلا يوجد تعارض بين المدلولين، وذلك لوجهين:
الأول: إن كون النداء أول العلامات ليس نصاً في الأولية الحدوثية، وإنما يمكن أن يراد منه أنه أَوْلى العلامات رتبة فإن النداء هو أهم العلامات وأولهن رتبة لكونه من العلامات الغيبية التي لا يقع فيها الشك ولا التشكيك ولا يتدخل في إحداثها الإنسان ولما لها من شمولية لكل البشر بخلاف اليماني والنفس الزكية والسفياني فقد يمكن فيها تشكيك، وكذلك الخسف فإنه خاص لا عام.
الثاني: قد يكون المراد بأولاهن هو الترتب بحسب الذكر خصوصاً مع العطف بالواو التي تفيد مطلق الجمع ولا تفيد الترتب بين العلامات، ومثاله ما لو قلت: أحب من العلوم خمساً أولهن الفقه والأصول والتفسير والمنطق والفلسفة، فإنك لا تريد الترتيب بينها بحسب حبك لها، وإنما بحسب ذكرك وتعدادك لها، وهذا من الاستعمالات العربية المعروفة، فعلى هذا لا تعارض.
هذا والله العالم
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: الشيخ محمد جواد السلامي : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)