ارسل سؤالك المهدوي:
المسار
علامات الظهور

(٩٢٥) لماذا هذا التشابه بين صفات دجال السنة ومهدي الشيعة؟

لماذا هذا التشابه بين صفات دجال السنة ومهدي الشيعة؟
حيث إن الدجال عند السنة يحكم بحكومة النبي داود (عليه السلام) ولديه تابوت السكينة ويحيي أتباعه فتنة.
وكذلك الإمام مهدي (عجّل الله فرجه) عند الشيعة يحكم بحكومة النبي داود (عليه السلام) ويستخرج تابوت السكينة ويحيي أتباعه ولكن هدىً؟


بسم الله الرحمن الرحيم
محاولات المقارنة والمقايسة بين الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وما ورد في المسيح الدجال إنما هي مثال للأحكام الساقطة التي تغذيها روح التعصب والتّزمت المبنية على الجهل والسفه، وهي بعد هذا وذاك تُنشر أحياناً على بعض مواقع المخالفين تقليداً أعمى من غير تحقيق أو تدبر، وهي على كل حال تأتي في سياق التشويش وإثارة الشغب والتضليل على العقيدة المهدوية، إذ إنهم بعد أن عجزوا عن إنكارها - لضرورة ثبوتها - عمدوا إلى محاولة تشويهها وتحريفها بكل أكذوبة وباطل ولو بمحاولة الجمع بين المتنافرات والمتناقضات حتى وصل بهم الأمر إلى إثبات الولاية التكوينية للدجال، وأنه يحيي ويميت بعد أن كفّروا من يقول بذلك في حق الأولياء والمعصومين كرامة من الله تعالى لهم وإظهاراً لقدرته بهم، مع أن هذا المعنى يناقض صريح ما رواه البخاري في صحيحه فيما رواه عن المغيرة بن شعبة: حدثني قيس قال قال لي المغيرة بن شعبة ما سأل أحد النبي (صلى الله عليه [وآله] وسلم) عن الدجال ما سألته وانه قال لي ما يضرك منه قلت: لأنهم يقولون: إن معه جبل خبز ونهر ماء قال: هو أهون على الله. [صحيح البخاري: ج8، ص101]
وأما محاولات البعض منهم التخفيف من القدرة الخارقة للدجال من إنها تتم بإذن الله تعالى وتمكينه لاختبار الناس وفتنتهم فهو عذر أقبح من فعل، فإن هذا التوجيه لن يُبقي أي قيمة لمعاجز الأنبياء (عليهم السلام) وكراماتهم ولا للآيات التي جاءوا بها بل سيفتح ذلك الباب واسعاً للطعن في نبوتهم وسفارتهم عن الله تعالى، فإن كان عيسى (عليه السلام) يحيى الموتى بإذن الله تعالى والدجال يفعل ذلك أيضاً، فما هو المرجح للإيمان بالأول والكفر بالثاني، وكلاٌ منهما يقدم ذات الحجة والبرهان مع أن شرط المعجزة هو تحدي الآخرين ومنعهم بالقدرة الإلهية عن الإتيان بمثيل لها، وإلّا لانتفى الغرض والغاية منها، وهذا القرآن الكريم بيننا يتحدى جميع البشر من الأولين والآخرين أن يقدر أحدهم على خلق ذبابة واحدة يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾.
ومع ذلك لو تنزلنا وسلمنا بخوارق الدجال وعجائبه كافتراض جدلي فلماذا تجري المقارنة بينه وبين الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بالخصوص دون بقية الأنبياء والرسل (عليهم السلام) فإن حكم الأمثال واحد لا يتعدد، والمهدي (عجّل الله فرجه) في كراماته ومعاجزه ليس بدعاً، ولا هو استثناء في هذا الخط المؤيَد من قِبل الله تعالى وتسديده، وإذا كان الأمر كذلك، فإن الأولى اتهام الطرف الآخر بسلب صفات الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وكراماته ثم إضفائها على الدجال للتلبيس على الناس وإضلالهم، وليس العكس.
وأما بالنسبة لتابوت السكينة فإنه وإن لم يُرو في أحاديث المخالفين أن الدجال سيأتي به أو يحصل عليه، فإن ادعاء ذلك يرد عليه من الإشكالات ما أوردناه على توصيف الدجال بإحياء الموتى، فإن هذا التابوت كان آية ومعجزة لنبي الله طالوت (عليه السلام) كما يذكر ذلك القرآن الكريم: ﴿إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ﴾ فكيف يعطيه الله تعالى أو يسلّط عليه الدجال ليكون آية له على صدق زعمه ودعواه، مضافاً إلى أن روايات العامة هي التي روت أن الذي يستخرج تابوت السكينة هو الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وليس الأمر في هذا المعنى مختصاً بكتب الشيعة فقط.
فقد روى نعيم بن حماد في كتابه الفتن عن كعب الأحبار: المهدي يبعث بقتال الروم، يعطى فقه عشرة يستخرج تابوت السكينة من غار بأنطاكية، فيه التوراة التي أنزل الله تعالى على موسى (عليه السلام) والإنجيل الذي أنزله الله (عزَّ وجل) على عيسى (عليه السلام) يحكم بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بأنجيلهم. [الفتن لنعيم بن حماد المروزي: ص220]
وكذلك ما رواه عن سليمان بن عيسى قال: قد بلغني أنه على يدي المهدي يظهر تابوت السكينة من بحيرة الطبرية. [الفتن لنعيم بن حماد المرزوي: ص223]
وأما القول بأن الدجال يشابه الإمام (عجّل الله فرجه) بحكم آل داوود فهي دعوى تفتقد الدليل أيضاً، فلا يوجد في الأحاديث عند السنة والشيعة ما يصفه بذلك، بل الذي يروونه عندهم أن الدجال مدعٍ للربوبية كافر بالله العظيم، فكيف يحكم بحكم الأنبياء أو حكم داوود (عليه السلام).
فقد روى ابن حنبل في مسنده عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) في سياق حديثه عن الدجال قوله: له حمار يركبه عرض ما بين أذنيه أربعون ذراعاً فيقول للناس، أنا ربكم، وهو أعور، وأن ربكم ليس بأعور، مكتوب بين عينيه كافر. [مسند أحمد بن حنبل: ج3، ص367]
وختاماً نقول: لو ملك صاحب هذه الدعوى قليلاً من عقلٍ وفطنة لرأى أن الاختلاف والتناقض بين مهدي الشيعة (عجّل الله فرجه) ودجال السنة بينهما بُعد المشرقين.
فمهدينا (عجّل الله فرجه) معروف الأصل والنسب وهو الإمام الثاني عشر ابن الإمام الحسن العسكري (عليهما السلام)، يقول ابن القيم الجوزية وهو من أكثر خصوم الشيعة عداء لهم: وأما الرافضة الإمامية: فالمهدي عندهم هو: محمد بن الحسن العسكري المنتظر، من ولد الحسين بن علي، لا من ولد الحسن، الحاضر في الأمصار، الغائب عن الأبصار، الذي يورث العصا، ويختم الفضا. [المنار المنيف لابن القيم: ص152]
ومهدينا (عجّل الله فرجه) سيملأ الأرض قسطاً وعدلا، ودجالهم سيملأها ظلماً وجورا، ومهدينا (عجّل الله فرجه) يؤمن به المؤمنون والأولياء الصالحون، ودجالهم يؤمن به المنافقون والمشركون، ومهدينا (عجّل الله فرجه) يصلي خلفه عيسى (عليه السلام)، ودجالهم يقتله عيسى (عليه السلام)، ومهدينا (عجّل الله فرجه) يبرئ المؤمنين من كل عاهة أو مرض، ودجالهم أعور العين وأفحج الرجلين، ومهدينا (عجّل الله فرجه) يبدأ من مكة المكرمة، ودجالهم يمنعه الله تعالى من دخولها، ومهدينا (عجّل الله فرجه) يؤيده الله بالملائكة وروح القدس، ودجالهم تعينه الشياطين والأبالسة، ومهدينا (عجّل الله فرجه) بشارة الأنبياء والأولياء، ودجالهم نذارة الأنبياء ومضلل أممهم.
فهل في ذلك كفايةٌ لذي حجر فمالهم كيف يحكمون؟
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)

علامات الظهور : ٢٠٢١/٠٣/١٨ : ٣.٤ K : ٠
: كرار محمد علي : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
التعليقات:
لا توجد تعليقات.