ارسل سؤالك المهدوي:
المسار
علامات الظهور

(١١٨٧) فترة الصيحة في ليلة القدر، والنداء يوم العاشر من محرم الحرام

تتحدث الروايات عن توقيتين مهمين: الأول الصيحة في ليلة القدر، والثاني نداء الظهور يوم العاشر من محرم الحرام، ولكن لو تتبعنا وتأملنا قليلاً نجد أن حركة الظهور وأحداثها بين الفترتين قد يكون فيه شيء من الضبابية، فماذا تحمل هذه الفترة الخطرة بين التوقيتين من إرهاصات واستعدادات عامة وخاصة؟


بسم الله الرحمن الرحيم
من ضمن علامات الظهور الحتمية التي أشارت إليها الروايات هي (الصيحة أو النداء) ومع أن الذي يظهر من الروايات أنهما شيء واحد تم التعبير عنه تارة بالصيحة وبالنداء تارة أخرى، وضحت نفس تلك الروايات أن هذه العلامة إنما تقع في شهر رمضان وبالتحديد في ليلة القدر أو نهارها، فمن الروايات ما نص على أن الصيحة أو النداء سيكون وقوعها نهار ذلك اليوم، كما في الرواية التي عن أبي حمزة الثمالي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كيف يكون ذلك النداء؟ قال: ينادي مناد من السماء أول النهار: ألا إن الحق في علي وشيعته، ثم ينادي إبليس لعنه الله في آخر النهار: ألا إن الحق في السفياني وشيعته، فيرتاب عند ذلك المبطلون. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص652]
ومن الروايات ما نصت على أن الصيحة أو النداء يكون في ليلة اليوم الثالث والعشرين من شهر رمضان، وإن هذه الليلة ستصادف ليلة يوم الجمعة، فعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الصيحة التي في شهر رمضان تكون ليلة الجمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص250]
ويبدو أن هذا الاختلاف بين الوقوع ليلاً أو نهاراً ناشئ من كون الترديد بينهما مما يخضع لعنصر البداء والتقديم والتأخير كما جاء في قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا ليلاً أَوْ نَهاراً﴾، وقد جاء عن الإمام الصادق (عليه السلام): إن المقصود بهذا الأمر الذي يأتي هو ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) وقيامه بالسيف. [دلائل الإمامة للطبري الشيعي: ص250]
وكذلك هو مفاد ما رواه ابن مهزيار عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) حين سأله عن ماهية هذا الأمر، فقال له (عليه السلام): نحن أمر الله وجنوده. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص470]
كما يمكن حمل هذا التفاوت بين الليل والنهار تبعاً لاختلاف مواقع البلدان والدول لاختلافها في مطالع الشمس فما يكون ليلاً في بعض المدن قد يكون نهاراً في مدينة أخرى، وعلى كل حال فإن الروايات متظافرة على حتمية هذه العلامة وأنها من الوضوح والجلاء حيث لا يقترن معها الالتباس والإبهام، فقد جاء عن الإمام الباقر (عليه السلام) في ما رواه جابر الجعفي قوله: ما أشكل عليكم فلم يشكل عليكم عهد نبي الله (صلّى الله عليه وآله) ورايته وسلاحه والنفس الزكية من ولد الحسين، فإن أشكل عليكم هذا فلا يشكل عليكم الصوت من السماء باسمه وأمره. [تفسير العياشي لمحمد بن مسعود العياشي: ج1، ص 65]
وعلى ضوء ما تقدم يتضح عدم وجود صيحة ثانية أو نداء آخر يكون في شهر محرم الذي تتزامن في عاشورائه بداية التحرك للإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، بل أن الصوت الذي يكون في شهر رمضان هو نفس النداء الذي ينادي به جبرئيل (عليه السلام) ويعلن فيه عن ظهور الإمام (عجّل الله فرجه)، فقد روى أبو بصير عن الإمام الباقر (عليه السلام) قوله: الصيحة لا تكون إلّا في شهر رمضان، لأن شهر رمضان شهر الله، والصيحة فيه هي صيحة جبرائيل إلى هذا الخلق، ثم قال: ينادي مناد من السماء باسم القائم (عليه السلام) فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب لا يبقى راقد إلّا استيقظ، ولا قائم إلّا قعد، ولا قاعد إلّا قام على رجليه فزعاً من ذلك الصوت، فرحم الله من اعتبر بذلك الصوت فأجاب، فإن الصوت الأول هو صوت جبرئيل الروح الأمين. [الغيبة للشيخ النعماني: ص262]
وجاء فيه أيضاً عنه (عليه السلام): فإذا سمعتم الصوت في شهر رمضان فلا تشكوا فيه أنه صوت جبرئيل، وعلامة ذلك أنه ينادي باسم القائم واسم أبيه (عليهما السلام) حتى تسمعه العذراء في خدرها فتحرض أباها وأخاها على الخروج.
ومن هنا فإن السؤال لابد أن يتجه عن المرحلة اللاحقة للنداء الرمضاني سواء من جهة تكليف المؤمنين حينذاك أو من جهة الأحداث التي حكت الروايات وقوعها بعد ذلك.
فأمّا جواب السؤال الأول: فلا شك أن النداء مع كونه علامة لتشخيص ظهور الإمام (عجّل الله فرجه) وتمييز حركته عن الأدعياء والدجالين فإنه إعلان أيضاً للمؤمنين لينفروا لنصرته والالتحاق برايته، فقد جاء عن الإمام الرضا (عليه السلام): ينادي مناد من السماء يسمعه جميع أهل الأرض بالدعاء إليه يقول: ألا إن حجة الله قد ظهر عند بيت الله فاتبعوه، فإن الحق معه وفيه. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص372]، ومثله ما جاء عن الإمام الباقر (عليه السلام): حتى ينادي مناد من السماء، فإذا نادى فالنفير النفير، فوالله لكأني أنظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس بأمر جديد. [الغيبة للشيخ النعماني: ص270]
وأمّا بالنسبة للسؤال الثاني: فإن الذي يظهر من روايات العامة والخاصة أن هذه المرحلة الزمنية سوف تكون حافلة بالاضطرابات والفتن وتشكِّل منعطفاً قاسياً يحكي عن حالة عامة من عدم الاستقرار وعلى مختلف الأصعدة، الأمنية منها أو الاقتصادية، نتجت عن التراكمات الخاطئة والصراعات بين الناس.
وقد فصلت بعض الروايات الواردة عن الإمام الصادق (عليه السلام) طبيعة تلك الأحداث نسبة إلى الأشهر التي تقع فيها، فقد جاء عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن رجب، قال: ذلك شهر كانت الجاهلية تعظمه، وكانوا يسمونه الشهر الأصم، قلت: شعبان؟ قال: تشعبت فيه الأمور، قلت: رمضان؟ قال: شهر الله تعالى وفيه ينادى باسم صاحبكم واسم أبيه، قلت: فشوال؟ قال: فيه يشول أمر القوم، قلت: فذو القعدة؟ قال: يقعدون فيه، قلت: فذو الحجة؟ قال: ذلك شهر الدم، قلت: فالمحرم؟ قال: يحرم فيه الحلال ويحل فيه الحرام، قلت: صفر وربيع؟ قال: فيها خزي فظيع، وأمر عظيم، قلت: جمادى؟ قال فيها الفتح من أولها إلى آخرها. [بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج52، ص272]
وقد اتَّفق هذا التفصيل السابق في الخبر مع بعض ما رواه العامة أيضاً وزادت عليه حصول تكتلات قبلية تتصارع فيما بينها وتتقاتل طلباً للغلبة والهيمنة، فقد روى ابن مسعود عن النبي (صلّى الله عليه وآله) قال: إذا كانت صيحة في رمضان فإنه تكون معمعة في شوال، وتمييز القبائل في ذي القعدة، وسفك الدماء في ذي الحجة، والمحرم، وما المحرم؟! يقولها ثلاثاً. [الفتن لنعيم بن حماد المروزي: ص132]
وروي أيضاً عن عبد الله بن عمرو، قال: يحج الناس معاً ويعرفون معاً على غير إمام، فبينا هم نزول بمنى إذ أخذهم كالكَلَب، فسارت القبائل إلى بعض، فاقتتلوا حتى تسيل العقبة دماً. [الفتن لنعيم بن حماد المروزي: ص131]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)

علامات الظهور : ٢٠٢٢/٠٣/٣١ : ١.٨ K : ٠
: معين : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
التعليقات:
لا توجد تعليقات.