ارسل سؤالك المهدوي:
المسار
علامات الظهور

(١٢٤٢) كيف نواجه من يقوم بتطبيق روايات الظهور على تصريحات لسياسيي؟

بعض الشباب يتأثرون بكلام البعض الذين يقومون بتطبيق الروايات الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) في خصوص القضية المهدوية على شخصيات سياسية محلية وإقليمية، أو يطبقونها على تصريحات لسياسيي الغرب وأنه مادام السياسي الفلاني قال هكذا يعني ستحصل الرواية كذا، ومن لا يأخذ بكلامهم يقولون عنه انتظاره سلبي وما شابه.
كيف نواجه هؤلاء؟ وهل نستطيع أن نقول عنهم منظّرين وليس باحثين كما يسمون أنفسهم؟
وسؤال آخر:
هل الغرب عندما يقول سينتهي العالم في السنة الفلانية، أو أن (دينصور) سيبتلع أو يفتك بالناس في حلول العام الفلاني، القصد منها هو التضليل على قضية المنقذ العالمي في نظر المجتمعات الأخرى والتضليل على قضية صاحب الزمان (عجّل الله فرجه) من وجهة نظر المسلمين وأتباع أهل البيت (عليهم السلام) بالأخص، حتى يوهموا الناس بأن لا وجود للمهدوية أو خرافات كما يسمونها.


بسم الله الرحمن الرحيم
مهما يقوله هؤلاء من تحليلات أو توصيفات فهو لا يخرج عن دائرة الاحتمال والظن، لاسيما إذا علمنا أن أكثر ما يقال في هذا الاتجاه إمّا أن يعتمد الحدس والتخمين أو يكون مدفوعاً بملاكات الحماسة والعاطفة التي تتملك قلوب الكثير من المنتظرين والمؤمنين، فيستغرق الكثير منهم في محاولة تطبيق الروايات على الأحداث أو إسقاط الواقع عليها، وفي كل الأحوال تبقى تلك الأفكار والرؤى في أحسن أحوالها في دائرة الاحتمال والفرضيات لعدم قيام الدليل والبرهان عليها، وأقل ما يقال في حقها أنها تعتمد منهجاً لا يتصّل بالعلم ويفتقد الدليل الحاسم والقاطع، فكم من الأحداث الماضية والوقائع التي حصلت فيما سبق وقد تم التعاطي معها على أنها مرتبطة بظهور الإمام (عجّل الله فرجه) ثم اتضح بطلان ذلك، الأمر الذي يستدعي التوقف والإمساك عن تلك التفسيرات، فإن مشروع الدولة المهدوية هو مشروع مفصلي في مستقبل التاريخ البشري وسيكون من الوضوح والجلاء الذي لا يدع مجالاً للارتياب والتشكيك، روى الشيخ النعماني في كتاب الغيبة عن الإمام الباقر (عليه السلام): فإن أمركم ليس به خفاء، ألا إنها آية من الله (عزَّ وجلَّ) ليست من الناس، ألا إنها أضوء من الشمس لا يخفى على بر، ولا فاجر أتعرفون الصبح؟ فإنه كالصبح ليس به خفاء. [الغيبة للشيخ النعماني: ص207]
مضافاً إلى ذلك فلابد من الالتفات إلى أن الكثير من علامات الظهور التي ذكرتها الروايات فيها قابلية التكرار أو لا يمتنع حصولها أكثر من مرة، من قبيل ما ورد من (القتل الذريع أو انتشار الأمراض الفتاكة أو فقدان الأمن والأمان أو حصول الزلازل أو فتنة الشام أو ظهور رايات سود)، فهذه كلها علامات تكررت على طول التاريخ ولا يمكن أن نقتطع أي حدث من هذه الأحداث فيما لو حصل بشكل منفرد ونزعم أنه مرتبط بظهور الإمام (عجّل الله فرجه) بالضرورة، بل لابد أن تتوفر القرائن الواضحة والصريحة التي لا تدع مجالاً للشك أو التخمين.
وإنما يتحقق ذلك فيما لو ارتبطت تلك العلامات ببعض العلامات التي تستقل بنفسها في الدلالة على عصر الظهور لكونها غير قابلة للتكرار والمعاودة من قبيل (النداء السماوي أو الخسف في البيداء) وبدون ذلك تبقى تلك العلامات مجرد أمارات ظنية لا تتيح للباحث الجزم واليقين بارتباطها بظهور الإمام (عجّل الله فرجه)، وبطبيعة الحال فإن هذا المنهج العلمي لا يستدعي بأي شكل من الأشكال ما يمكن تسميته بـ(الانتظار السلبي)، فهذا المعنى لا شأن له بهذه المسألة وإنما هو أمر يرتبط بطبيعة الموقف الذي يتخذه بعض الناس في زمن الغيبة الكبرى من عدم القيام بأي استعداد أو تهيؤ نفسي أو سلوكي لظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، ثم بعث حالة اليأس وعدم الأمل بقرب الظهور، وهذان أمران مختلفان كما هو واضح، ففرقٌ بين عدم جزمنا بارتباط حدث ما باليوم الموعود، وبين أن نحمل في داخلنا الأمل والتفاؤل الدائم في حصول هذا الأمر في أي لحظة وفي أي ساعة كما كان أهل البيت (عليهم السلام) يحثونا عليه ويأمرونا به، فقد روى حماد بن عثمان عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله: وتوقع أمر صاحبك ليلك ونهارك، فإن الله كل يوم هو في شأن، لا يشغله شأن عن شأن. [إقبال الأعمال للسيد ابن طاووس: ج1، ص368]
ولا يعني هذا التوقع وهذا الترقب المطلوب والمأمول من المؤمنين أن يكون سبباً في تعجلهم وتسرعهم في إصدار أحكام وتفسيرات قد تكون سبباً فيما بعد لوقوعهم في حالة من الحيرة والجزع لعدم تصديق الواقع لتلك التفسيرات، بل إن واقعنا المعاصر يشهد على أن الكثيرين ممن وقعوا فريسة سهلة لبعض التيارات الضالة والتي تدعي دجلاً ارتباطها بالقضية المهدوية إنما وقعوا في ذلك بعد أن تبرعوا من عند أنفسهم واعتماداً على الظنون الخاطئة بربط كل الأحداث التي يرونها بالروايات التي تحدثت عن علامات الظهور، والذي ينبغي على المؤمنين أن يتحلّوا بالحذر والتنبه من العجلة والمسارعة في الاعتقاد بكل ظاهرة أو حدث يحتملون ارتباطه بظهور الإمام (عجّل الله فرجه)، فإن في ذلك منزلقاً خطيراً قد يؤدي في نتائجه النهائية إلى ضياع دين الإنسان وإيمانه، وقد حذَّرَنا الأئمة (عليهم السلام) مراراً وتكراراً من ذلك ولا عذر لمن خالفهم وعصى ما دلّت عليه رواياتهم، فقد جاء عن الإمام الصادق (عليه السلام): إنما هلك الناس من استعجالهم لهذا الأمر. [الكافي للشيخ الكليني: ج1، ص369]
وورد أيضاً عنه (عليه السلام): هلك المحاضير، قلت: جعلت فداك وما المحاضير؟ قال: المستعجلون. [الغيبة للشيخ النعماني: ص203]
أمّا بالنسبة لسؤالكم الثاني:
فلا يمكن إعطاء جواب حاسم فيه، فقد يكون بعض هؤلاء يستهدفون ذلك فعلاً، والبعض الآخر قد يذهبون لذلك لما يرونه من مخاطر حقيقية محدقة بالأرض، سواء من خارجها أو داخلها، وهي على كل حال مخاطر يصدقها الواقع وحكى لنا القرآن الكريم عن توفر موجباتها وأسبابها كما في قوله تعالى: ﴿وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ﴾، وقد ورد مستفيضاً في الأخبار والأحاديث أن الله تعالى إنما يدفع كل ذلك عنا ببركة وجود الإمام (عجّل الله فرجه) ويحفظنا بعين رعايته لحضوره المقدس، كما ورد في التوقيع الشريف له (عجّل الله فرجه) لإسحاق بن يعقوب قوله: وإني لأمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص485]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)

علامات الظهور : ٢٠٢٢/٠٤/٠١ : ١.٩ K : ٠
: محمد سلمان : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
التعليقات:
لا توجد تعليقات.