ارسل سؤالك المهدوي:
المسار
عصر الغيبة

(٤٢٧) اما أنكم لا ترونه بعد يومكم هذا

أنقل لكم روايتين أجدهما متناقضتين ثم أطرح عليكم السؤال والإشكال:
كتاب الشيخ الصدوق (رحمه الله) كمال الدين وتمام النعمة، ذكر من شاهد القائم ورآه وكلّمه الحديث الثاني - جعفر بن محمد بن مالك الفزاري قال حدثني معاوية بن حكم ومحمد بن أيوب بن نوح ومحمد بن عثمان العمري (رضي الله عنه) قالوا عرض علينا أبو محمد الحسن بن علي (عليه السلام) ونحن في منزله وكنا أربعين رجلاً فقال هذا إمامكم بعدي وخليفتي عليكم أطيعوه ولا تتفرقوا من بعدي في أديانكم فتهلكوا أما أنكم لا ترونه بعد يومكم هذا.
والحادثة الثانية -الحديث رقم 25- عن أبي الاديان البصري خادم الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) وحامل كتبه إلى الأمصار قوله دخلت سر من رأى يوم الخامس عشر فإذا أنا بالواعية في داره (عليه السلام) فإذا به على المغتسل وإذا أنا بجعفر بن علي أخيه بباب الدار والشيعة من حوله يعزونه ويهنؤنه... فخرج عقيد فقال يا سيدي قد كُفّن أخوك فقم وصل عليه فدخل جعفر بن علي والشيعة من حوله يقدمهم السمان والحسن بن علي قتيل المعتصم المعروف بسلمة فلما صرنا بالدار إذا نحن بالحسن بن علي (صلوات الله عليه) على نعشه مكفنا فتقدم جعفر بن علي ليصلي على أخيه فلما هم بالتكبير يخرج صبي بوجهه سمرة بشعره قطط بأسنانه تفليج فجذب برداء جعفر بن علي وقال تأخر يا عم فأنا أحق بالصلاة على أبي فتأخر جعفر وقد أربد وجهه واصفر ثم خرجت إلى جعفر بن علي وهو يزفر فقال له حاجز بن وشاء يا سيدي من الصبي لنقيم الحجة عليه فقال والله ما رأيته قط ولا أعرفه. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ج2، ب44، ص431 – 432]
السؤال والإشكال: الحادثة الأولى الإمام العسكري (عليه السلام) قال لأصحابه بعد أن عرض عليهم الإمام الحجة (سلام الله عليه) (اما أنكم لا ترونه بعد يومكم هذا) وهذا يناقض ظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وصلاته على أبي محمد العسكري (عليه السلام) واستقبال الوفود وقطعهم عليه بالإمامة ويناقض أيضاً الرواية الأولى حيث إن كبار أصحاب الإمام العسكري (عليه السلام) لا يعرفون بوجود ابن للإمام العسكري (عليه السلام) وأن الإمام العسكري (عليه السلام) عرض الإمام الحجة (عجّل الله فرجه) على أصحابه بما فيهم النائب عثمان بن سعيد العمري وحاجز بن وشاء الذي تساءل من جعفر بن علي من الصبي لنقيم عليه الحجة، فما هو جواب هذا التناقض؟


بسم الله الرحمن الرحيم
ليس في هذا أي تناقض أو تعارض فإن معنى قول الإمام العسكري (عليه السلام) لأصحابه (أما أنكم لا ترونه بعد يومكم هذا) يعني فيه الرؤية في الحالة الطبيعية، كما هو معروف من الظروف الموضوعية التي أحاطت بالمهدي (عجّل الله فرجه) والتي دعت إلى إخفائه عن العيون، على أن الرواية يمكن حملها على المخاطبين خاصة فإنهم لا يرونه ثانية وهذا ليس معناه أن غيرهم لا يراه.
أمّا خروجه للصلاة على جنازة أبيه، فهذا ظرف استنثنائي أوجب على الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) الخروج من أسلوب حياته (الغيبة)، ليكشف بذلك عدة أمور محورية في حركة التشيع والإمامة آنذاك. ككشف زيف ادعاء جعفر للإمامة وإثبات وجود ولد للإمام العسكري (عليه السلام) لمن لم يثبت عنده ذلك، وإعطاء علامة واضحة على أنه هو الإمام، بناءً على أن الإمام لا يصلي عليه إلّا الإمام وغيرها من الأمور التي دعت الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) إلى ذلك.
وكذلك الأمر في قضية استقبال الإمام (عليه السلام) للوفود.
والخلاصة: أن قول الإمام العسكري (عليه السلام): (لا ترونه بعد يومكم هذا) لا يراد منه الإطلاق، بل ما ذكرناه من نفي الرؤية في الحالات الطبيعية، وإلّا فمن المقطوع به أن الكثير قد شاهدوا الإمام (عجّل الله فرجه) في الغيبة الصغرى، ولا أوضح من السفراء ومن شاهده من العلماء وغيرهم، ومما يؤكد ما قلناه هو أن الرواية قالت: إن من ضمن أولئك الأربعين كان محمد بن عثمان السفير الثاني ومن المطمئن به أنه رأى الإمام (عجّل الله فرجه) بعد هذا كما نص هو (رضوان الله تعالى عليه) فقد ورد أن عبد الله بن جعفر الحميري سأل محمداً بن عثمان: رأيت صاحب هذا الأمر؟ فقال: نعم، وآخر عهدي به عند بيت الله الحرام، وهو يقول: اللهم أنجز لي ما وعدتني، قال محمد بن عثمان: ورأيته (صلوات الله عليه) متعلقاً بأستار الكعبة في المستجار وهو يقول: اللهم انتقم لي من أعدائك. [الغيبة للشيخ الطوسي: ب2، ح222، ص251]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)

عصر الغيبة : ٢٠١٣/٠٩/١٥ : ٥.٠ K : ٠
: ليث شاكر عبد الرضا : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
التعليقات:
لا توجد تعليقات.