ارسل سؤالك المهدوي:
المسار
عصر الغيبة

(٤٨٨) شخص شيعي يطعن بالحوزة والمراجع بحجة أنَّ...

هناك شخص شيعي يطعن بالحوزة العلمية والمراجع بحجة أنَّ الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) عندما يظهر يقتل علماء وفقهاء وبالآلاف وله في ذلكَ أدلة وهي: عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، أنه قال: قال لأبي هاشم الجعفري: يا أبا هاشم سيأتي زمان على الناس... علماؤهم شرار خلق الله على وجه الأرض، لأنهم يميلون إلى الفلسفة والتصوف، ويضلون شيعتنا وموالينا، فإن نالوا منصباً لم يشبعوا عن الرشا، وإن خذلوا عبدوا الله على الرياء، ألا إنهم قطاع طريق المؤمنين، والدعاة إلى نحلة الملحدين.
وعن مالك بن ضمرة قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا مالك بن ضمرة كيف أنت إذا اختلفت الشيعة هكذا -وشبك أصابعه وادخل بعضها في بعض-؟ فقلت: يا أمير المؤمنين ما عند ذلك الزمان من خير؟ قال: الخير كله عند ذلك يقوم قائمنا فيقدم عليه سبعون (فيقدم سبعين) رجلاً يكذبون على الله ورسوله فيقتلهم ثم يجمع الله على أمر واحد. [بشارة الإسلام: ص50 - وبحار الأنوار: 52، ص115]
ويعلق الكوراني في كتابه (عصر الظهور) في باب ما يقوم به الإمام (عجّل الله فرجه) في الكوفة على الرواية أعلاه ص182 (وتذكر الرواية التالية أنه يقتل سبعين رجلاً هم أصل الفتنة والاختلاف داخل الشيعة ويبدو أنهم من علماء السوء المضلين) انتهى الكلام.
ونفس الكوراني قد أورد رواية الإمام الباقر (عليه السلام): إذا قام القائم سار إلى الكوفة فيخرج منها بضعة عشر آلاف نفس يدعون البترية عليهم السلاح... ص182.
وهذا دليل على أن الرواية ثابتة لديه. ويقول الكوراني أيضاً في نهاية هذا الفصل (وبهذا العرض المجمل لمن يقتلهم المهدي (عليه السلام) في العراق، يظهر أنهم فئات متعددة من الشيعة والسنة، ومن المؤيدين للسفياني والمعارضين له، من علماء السوء والمجموعات والأحزاب وعامة الناس... من الطبيعي أن يكون فيهم فئات عميلة للروم والترك أيضاً...
وعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حيث يقول عن آخر الزمان: فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود. [بحار الأنوار: ج52، ص190]
وقد روي: فإذا خرج القائم من كربلاء وأراد النجف والناس حوله قتل بين كربلاء والنجف ستة عشر ألف فقيه، فيقول من حوله من المنافقين: أنه ليس من ولد فاطمة وإلّا لرحمهم، فإذا دخل النجف وبات فيها ليلة واحدة: فخرج من باب النخيلة محاذي قبر هود وصالح استقبله سبعون ألف رجل من أهل الكوفة يريدون قتله فيقتلهم جميعاً فلا يبقي منهم أحد. [بحار الأنوار: ج3، ص345]
وهذا الحديث ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): غير حديث البترية الوارد عن الباقر (عليه السلام) الذي شكك فيه من شكك، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): يا بن مسعود علماؤهم وفقهاؤهم خونة فجرة، ألا إنهم أشرار خلق الله، وكذلك أتباعهم ومن يأتيهم ويأخذ منهم ويحبهم ويجالسهم ويشاورهم أشرار خلق الله يدخلهم نار جهنم ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ﴾ [البقرة: 18] يقول الله تعالى: ﴿لَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ﴾ [سبأ: 51]. يعني العلماء والفقهاء.
أحب أن أعرف الرد على هذه الشبهة.. وأكون ممنوناً لكم. علماً أنه يقول (إن هنالك قلة تنتصر لصاحب الأمر ذكرتها الأحاديث وأن هنالك ثلة وجمعاً كبيراً تسقط في الاختبارات وتستحق العقاب والقصاص من الإمام المهدي (عليه السلام) بما فيهم علماء وفقهاء وهم كثر ومن يدّعي غير ذلك وينفي فهو إمّا مدلس أو ضال يخاف أن تنكشف الأمور لعوام الناس فتنكشف حقيقته وتبور سلعته ويخسر دكانه أو أنه من تلك الجماعة التي تحارب الإمام (عليه السلام) فيحاول بشتى السبل دفع الشبهة عن نقصه.
ونفي تلك الحقائق لا يصمد أمام تواتر الروايات والأحاديث بحدوثها ووقوعها! فحديث الإمام العسكري (عليه السلام) الذي ذكرته أعلاه قوي السند وواضح الدلالة والمعنى فهو يدل على أن على طول الزمان هنالك بعض فقهاء الشيعة فقط وفقط من يتصف بالصلاح ويستحق أن يقلد من العوام لا أن الكل صالحون عادلون صادقون ويجب الوثوق بكل ما يصدر منهم كما يشاع في هذا الزمان لتبرير الأفعال والأجندات، وقد يكون ظاهر الأحوال غير ذلك وإن بدت مظاهر النسك والقدسية الصلاح!


بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً: إن الروايات المدّعاة من قبل هذا المدّعي لم تصل إلى حد التواتر، لا بالتواتر اللفظي ولا حتى الإجمالي، بل هي ليست مستفيضة فهي أخبار آحاد، على أن بعضاً منها روايات عامية كالرواية التي نقلها عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن ابن مسعود، في قوله (علماؤهم وفقهاؤهم خونة فجرة..) فإنها وإن رواها في مكارم الأخلاق، لكن الأصل فيها أنها وردت في إغاثة اللهفان لابن القيم الجوزية: ص284، على أنه لم يرد في ذيلها (يعني العلماء والفقهاء).
وهكذا الرواية التي تحكي خروج القائم من كربلاء، فإنها ضعيفة سنداً ولم يذكرها سوى المرندي في مجمع النورين: ص345، بلفظ (وروي أنه...).
ثانياً: إن تلك الروايات على علّاتها، هي معارضة - لو سلّمنا قيامها وقوتها لتكون معارضة - بالكثير من الآيات والروايات التي بلغت فوق حد الاستفاضة بل وصلت إلى التواتر، الدالة بكل وضوح والآمرة باتباع العلماء في أمور الدين والدنيا، وعدم الاعتراض عليهم في الأمور الفقهية لأنهم الأعرف بمخارج الأحكام خصوصاً في زمن الغيبة الكبرى، قال تعالى: ﴿فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [الأنبياء: 7] والروايات في هذا المجال كثيرة جداً، منها ما ورد عن الإمام العسكري (عليه السلام): فأمّا من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه فللعامة أن يقلدوه....
وما ورد عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه): وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله عليهم. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ج2، ص440، ب45، ح4]
ثالثاً: إن ما ورد في تلك الروايات عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأهل البيت (عليهم السلام) لا يمكن حملها على خصوص علماء الشيعة، بل لابد أن تحمل على علماء الأمة على نحو القضية المهملة أي التي لم يعين الأفراد فيها، ويبقى تطبيقها على فرد ما رهيناً بأعمال ذلك الفرد.
ونحن نعتقد بضرورة حملها على علماء السوء من وعاظ السلاطين وأتباع السلطان ممن حفظ لنا التاريخ صوراً سوداء لهم، وهم سلسلة سوداء من شريح القاضي إلى القرضاوي اليوم.
رابعاً: نحن لا ننكر وجود علماء سوء ممن حسبوا على التشيع، كأحمد بن هلال العبرتائي ومحمد بن علي الشلمغاني، وكذلك علي محمد الشيرازي الملقب بـ(الباب) مؤسس فرقة البابية.
وهذا ليس أمراً جديداً فإنهم يعتبرون من شُذّاذ الأمة وأتباع الباطل ممن طلب الدنيا وباع آخرته بالثمن الأوكس، فما ذكره هذا المدّعي ليس جديداً على الواقع بل هو أمر طبيعي لنظام الدنيا المبتني على أساس فكرة الابتلاء والاختبار ﴿لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ﴾ [الأنفال: 42].
واليوم يمكن لنا أن نرى بعض المدّعين للعلم ممن تزيّا بزي أهل العلم وادّعى ما ليس له، وضل وأضلّ خلقاً كثيراً، كالصرخي المدّعي وغيره.
خامساً: ومن هذا يتضح أن هذا المدّعي أطلق كلمة حق وأراد بها باطلاً، فالحق في كلامه هو ما أشرنا إليه في (رابعاً) والباطل هو تطبيق ذلك المعنى على علمائنا اليوم.
وهذا يعني ضرورة أن يحذر المؤمن من مثل هذه الدعاوى التي يراد منها إسقاط رموزنا الدينية ممن عرف بالعلم والاجتهاد والورع ممن نذر نفسه لخدمة الدين والمذهب منذ نعومة اظفاره إلى أن يتوفاه الأجل.
مضافاً إلى أن الروايات تتكلم عن زمن الظهور فليس من الصحيح تطبيقها على عصرنا لأنّا ما زلنا في عصر الغيبة.
وإن كنّا لا ننفي وجود علماء السوء في كل زمان ومكان لكن هؤلاء مشخّصون عند الأمة معروفون بحبهم وتكالبهم على حطام الدنيا خلافاً لمراجعنا العظام الذين ذلّت لهم الدنيا ولم يذلّوا لها وزهدوا بما فيها أملاً بلقاء الله ورضوانه.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)

عصر الغيبة : ٢٠١٥/٠٢/٢٤ : ٩.٥ K : ٠
: مرتضى : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
التعليقات:
لا توجد تعليقات.