(٥٨٢) ما هي إيجابيات وسلبيات الغيبة بالنسبة لنا كشيعة؟
سأقوم إن شاء الله بإعداد فيلم تسجيلي عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) ولكن ضمن إشكاليات معينة وأنا بحاجة لمصادر ومراجع تجيب عن الإشكاليات المطروحة وهي:
1- ما هي إيجابيات وسلبيات الغيبة بالنسبة لنا كشيعة؟ أو بمعنى آخر، كشيعي مِن ماذا حُرِمتُ في زمن الغيبة ومن ماذا استفيد؟
2- ما الفرق بين الشيعي اليوم الذي يعيش في زمن الغيبة وبين الشيعي الذي عاصر أحد الأئمة الأطهار (عليهم السلام)؟
3- أسباب عدم الظهور حتى الآن.
هذه هي الإشكاليات الثلاثة لذا يُرجى افادتنا بمراجع ومصادر تجيب هذه الإشكاليات.
بسم الله الرحمن الرحيم
جواب سؤالكم الأول:
أمّا السلبيات، فهي أن غيبة الإمام (عجّل الله فرجه) قد أدّت إلى انقطاع التواصل المباشر معه، وبالتالي فقد سبّبت بعض الأمور التي أشارت إليها الروايات، من قبيل ما ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: للقائم منا غيبة، أمدها طويل، كأني بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته، يطلبون المرعى فلا يجدونه. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص303، ب26، ح14]
وكذا ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال لعبد الله بن سنان: ستصيبكم شبهة، فتبقون بلا عَلَمٍ يُرى ولا إمام هدى، ولا ينجو منها إلّا من دعا بدعاء الغريق. قلت: كيف دعاء الغريب؟ قال: يقول: (يا الله يا رحمن يا رحيم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك). فقلت: يا الله يا رحمن يا رحيم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك. قال: إن الله (عزَّ وجلَّ) مقلب القلوب والأبصار، ولكن قل كما أقول لك: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك). [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص351، ب33، ح49]
أمّا سؤالكم الثاني فالجواب عنه هو ما ورد عن عمار الساباطي قال:
قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أيما أفضل: العبادة في السّر مع الإمام منكم المستتر في دولة الباطل أو العبادة في ظهور الحق ودولته مع الإمام منكم الظاهر؟
فقال: يا عمّار الصدقة في السر والله أفضل من الصدقة في العلانية، وكذلك والله عبادتكم في السر مع إمامكم المستتر في دولة الباطل وتخوفكم من عدوكم في دولة الباطل وحال الهدنة أفضل ممّن يعبد الله (عزَّ وجلَّ) ذكره في ظهور الحقّ مع إمام الحقّ الظاهر في دولة الحقّ، وليست العبادة مع الخوف في دولة الباطل مثل العبادة والأمن في دولة الحق، واعلموا أنّ من صلّى منكم اليوم صلاة فريضة في جماعة مستتر بها من عدوه في وقتها فأتمها، كتب الله له خمسين صلاة فريضة في جماعة، ومن صلّى منكم صلاة فريضة وحده مستتراً بها من عدوه في وقتها فأتمها كتب الله (عزَّ وجلَّ) بها له خمساً وعشرين صلاة فريضة وحدانية، ومن صلّى منكم صلاة نافلة لوقتها فأتمها، كتب الله له بها عشر صلوات نوافل، ومن عمل منكم حسنة كتب الله (عزَّ وجلَّ) له بها عشرين حسنة، ويضاعف الله (عزَّ وجلَّ) حسنات المؤمن منكم إذا أحسن أعماله ودان بالتقية على دينه وإمامه ونفسه وأمسك من لسانه أضعافاً مضاعفة، إن الله (عزَّ وجلَّ) كريم.
قلت: جُعلت فداك قد والله رغبتني في العمل وحثثتني عليه ولكن أحب أن أعلم كيف صرنا نحن اليوم أفضل أعمالاً من أصحاب الإمام الظاهر منكم في دولة الحقّ ونحن على دين واحد؟
فقال: إنكم سبقتموهم إلى الدخول في دين الله (عزَّ وجلَّ) وإلى الصلاة والصوم والحج وإلى كل خير وفقه وإلى عبادة الله (عزّ ذكره) سراً من عدوكم مع إمامكم المستتر، مطيعين له صابرين معه، منتظرين لدولة الحقّ، خائفين على إمامكم وأنفسكم من الملوك الظلمة تنظرون إلى حقّ إمامكم وحقوقكم في أيدي الظلمة، قد منعوكم ذلك واضطروكم إلى حرث الدنيا وطلب المعاش مع الصبر على دينكم وعبادتكم وطاعة إمامكم والخوف من عدوكم، فبذلك ضاعف الله (عزَّ وجلَّ) لكم الأعمال، فهنيئاً لكم.
قلت: جُعلت فداك فما ترى إذا أن نكون من أصحاب القائم ويظهر الحقّ ونحن اليوم في إمامتك وطاعتك أفضل أعمالاً من أصحاب دولة الحقّ والعدل؟
فقال: سبحان الله أما تحبون أن يظهر الله تبارك وتعالى الحق والعدل في البلاد ويجمع الله الكلمة ويؤلف الله بين قلوب مختلفة ولا يعصون الله (عزَّ وجلَّ) في أرضه وتقام حدوده في خلقه ويرد الله الحق إلى أهله فيظهر، حتّى لا يستخفي بشيء من الحقّ مخافة أحد من الخلق، أما والله يا عمّار! لا يموت منكم ميت على الحال التي أنتم عليها إلاّ كان أفضل عند الله من كثير من شهداء بدر وأُحد فأبشروا.
فذكر (عليه السلام) في هذه الرواية الشريفة من أسباب الأفضلية ثمانية أمور:
الأوّل: سبقكم إلى الإيمان بالله (عزَّ وجلَّ) وبرسوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والدخول في دين الله تعالى والإقرار به.
الثاني: سبقكم إلى العمل بالأحكام مثل الصلاة والصوم والحج وغيرها من الخيرات.
الثالث: عبادتكم سراً مع الإمام المستتر وطاعته كذلك خوفاً من الأعداء.
الرابع: صبركم مع الإمام المستتر في الشدائد.
الخامس: انتظاركم لظهور دولة الحق وهو عبادة.
السادس: خوفكم على إمامكم وأنفسكم من الملوك الظلمة وتغلبهم.
السابع: نظركم نظر تأسفٍ وتحسّر إلى حقّ إمامكم وهو الإمامة والفيء وحقوقكم التي هي الأموال في أيدي الظلمة الغاصبين الذين منعوكم عن التصرف فيها واضطروكم إلى حرث الدنيا وكسبها وطلب المعاش من وجوه شاقة.
الثامن: صبركم مع تلك البلايا والمصائب على دينكم وعبادتكم وطاعة إمامكم والخوف من عدوكم قتلاً وأسراً ونهباً وعِرضاً، وليس لأصحاب المهدي (عجّل الله فرجه) بعد ظهوره شيء من هذه الأمور، فلذلك ضاعف الله تعالى لكم الأعمال.
وللاطلاع أكثر يمكنكم مراجعة كتاب ثلاثية المعرفة المهدوية للسيد محمد القبانجي ص26، تفضلوا من خلال الرابط التالي:
https://m-mahdi.net/main/books-10
وأمّا جواب سؤالكم الثالث: فإن الظهور في الحقيقة متوقف على الإذن الإلهي، ونحن نعلم أن الله تعالى حكيم في كل أفعاله، وبالتالي فتأخير الظهور راجع إلى حكمة إلهية، قد نعلم بها وقد لا نعلم، وقد جاء في التوقيع الأخير للإمام المهدي (عجّل الله فرجه) إلى السفير الرابع: فلا ظهور إلّا بإذن الله (عزَّ وجلَّ).
على أن هناك شروطاً موضوعية لابد من تحقّقها، لأنها تمثل مقتضيات لتحقق الحكمة الإلهية.
ولمعرفتها يمكنكم مراجعة السؤال والجواب التالي ضمن حقل الأسئلة والأجوبة المهدوية في الموقع تفضلوا:
https://m-mahdi.net/main/questions-565
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: محمد الاحمر : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)