(٥٩٤) ... المرجعية لا تقوم بدورها الصحيح في عصر الغيبة...
كما نعلم أن المرجع هو حجة الإمام (عجّل الله فرجه) علينا وإليه نرجع في حوادث الأمور، ولكن البعض يقولون: إن المرجعية لا تقوم بدورها الصحيح في عصر الغيبة فهي تقتصر فقط على الأحكام الشرعية والدينية ولا تقوم بدورها في إصلاح المجتمع من الفساد والدمار الذي انتشر في البر والبحر، أي إنها مرجعية تقوم فقط بدور ديني لا اجتماعي، فالسؤال هو: ما هي أدوار المرجعية في عصر الغيبة؟ وهل هناك نصوص تؤكد هذا الدور؟ وما هو دور المرجعية في بداية ظهور العلامات مثل ظهور اليماني؟ وهل أن المرجعية ستكون لليماني أم للمراجع؟ وما هو دورها في عصر ظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وخصوصاً بدايته؟
بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً: إن دور المرجعية الرئيسي وإن كان هو بيان الأحكام الشرعية بالاستناد إلى أدلتها الشرعية، ولكن من ضمن ذلك هو بيان أحكام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا من أهم الأصول الشرعية التي تعمل على إصلاح المجتمع من الفساد والدمار، على أن الواقع يشهد أن المرجعية لها أحكام جزئية في الكثير من الحوادث التي تقع في المجتمع في سعيها لإصلاحه.
ثانياً: على أنه ينبغي أن نلفت الأنظار إلى أن المرجعية هي سلطة تشريعية لا تنفيذية، فالمرجع يبين الأحكام الشرعية في جميع مجالات الحياة، لكن إذا لم يمتثل الناس لذلك فلا تُحسب على المرجعية تماماً كما خالف الناس الأنبياء، بل كما خالف الناسُ ربّ العزة والجلال، فالنبي نوح دعا قومه ألف سنة إلّا خمسين عاماً، ولكن النتيجة ينقلها القرآن الكريم ﴿وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ﴾ [هود: 40].
ثالثاً: فضلاً عما تقدم نجد أن المرجعية تدخلت في تغيير سياسات دول وكان لها اليد الطولى في دحر مخططات استعمارية عالمية عندما أتيحت لها فرصة التغيير، وشواهد ذلك كثيرة ولا يخفى علينا فتوى السيد الشيرازي التي انتجت ثورة التنباك، والتي قضت على سعي بريطانيا إلى الاستيلاء على تجارة التتن عام (1890م)، وثورة العشرين التي كان لفتوى الشيخ محمد تقي الشيرازي أثرها الفاعل في ثورانها، فضلاً عن ثورة السيد الخميني التي أطاحت بنظام الشاه، وفتوى الجهاد الكفائي التي أطلقها السيد السيستاني (دام ظله) والتي عملت على حماية العراق ومقدساته من مخططات التكفير.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: أبو الأعالي : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)