(٦١٧) ... قول الامام (عليه السلام) انه لن نوفق الى ظهوره (عجّل الله فرجه)...
قال أبو عبد الله (عليه السلام): لمَّا ضُرب الحسين بن علي (عليه السلام) بالسيف فسقط، ثمّ ابتدر ليقطع رأسه، نادى منادٍ من بطنان العرش: ألا أيَّتها الأمة المتحيّرة، الضالّة بعد نبيّها، لا وفَّقكم الله لأضحى ولا لفطر، قال: ثمّ قال أبو عبد الله (عليه السلام): فلا جرم والله ما وُفّقوا ولا يُوفَّقون حتَّى يثأر ثائر الحسين (عليه السلام).
ما المقصود بعدم التوفيق في الحديث؟ حسب قول الإمام (عليه السلام) إنه لن نوفق إلى ظهور الإمام الحجة (أرواحنا له الفداء)، أي إنه لم يكن هناك توفيق حتى في عصر الأئمة (عليهم السلام)؟
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الرواية واضحة في أن عدم التوفيق كان من حظ الأمة المتحيرة الضالة بعد نبيها (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ولا شك أن تلك الأمة لم توفق في فطر ولا أضحى، يعيّدون لا في يوم العيد الشرعي.
ولا تنطبق هذه الرواية على شيعة أهل البيت (عليهم السلام) لأنهم لم يضلوا عن الخط الإلهي الذي بيَّنه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
وطبعاً هذا لا يعني أن بعض آثار عدم التوفيق ذاك لا يصيب الشيعة، بل قد يصل إلينا عدم التوفيق فتصاب به، وهذا نظير ما ترتب على غيبة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) من ابتعادنا عن الأحكام الواقعية وعدم وصولنا إليها عادةً، رغم أن غيبته (عجّل الله فرجه) كانت بسبب الظالمين لا بسبب شيعته وأتباعه.
وهذه سنة ذكرها القرآن الكريم في قوله (عزَّ مِن قال): ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾. [الأنفال: 25]
هذا وقد تعرّض بعض العلماء لبيان الرواية المذكورة، ننقل بعض كلماتهم لإتمام الفائدة:
قال الفيض الكاشاني في الوافي: ج9، ص1340، بعد ذكره للرواية:
بيان:
لعل المراد بعدم التوفيق لهما عدم الفوز بجوائزهما وفوائدهما وما فيهما من الخيرات والبركات في الدنيا والآخرة وربما يخطر ببعض الأذهان أن المراد به اشتباه الهلال عليهم أو المراد عدم توفيقهم للإتيان بالصلاة على وجهها بآدابها وسننها وشرائطها كما كانت في عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وقد تهيأ لها أبو الحسن الرضا (عليه السلام) مرة في زمن مأمون الخليفة فحالوا بينه وبين إتمامها.
وفي كل من المعنيين قصور:
أمّا الأول: فلعدم مساعدته المشاهدة فإن الاشتباه ليس بدائم مع أنه لا يضر لاستبانة حكمه وعدم منافاته لأكثر الصوم وعدم اختصاصه بالمدعو عليهم.
وأمّا الثاني فلعدم مساعدته الخبر الأخير فإن الصلاة غير الصوم والفطر.
وكيف كان فالدعوة مختصة بالمتحيرين الضالين من المخالفين كما في هذا الحديث أو الظالمين القاتلين ومن رضي بفعالهم كما في الحديث الآتي ليس لنا فيها شركة بحمد الله تعالى.
وقال العلامة المجلسي في بحار الأنوار: ج45، ص218:
بيان: عدم توفيقهم للفطر والأضحى إمّا لاشتباه الهلال في كثير من الأزمان في هذين الشهرين كما فهمه الأكثر، أو لأنهم لعدم ظهور أئمة الحق وعدم استيلائهم لا يوفقون للصلاتين إمّا كاملة أو مطلقاً بناءً على اشتراط الإمام أو يخص الحكم بالعامة كما هو الظاهر، والأخير عندي أظهر، والله يعلم.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: بنت الهدى : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)