ارسل سؤالك المهدوي:
المسار
عصر الغيبة

(٧٠٩) ... إنّ الإمام (عجّل الله فرجه) من الممكن أن يتصور بصورة...

هناك رواية في بحار الأنوار عن الإمام الصادق (عليه السلام) في خبر طويل يقول فيها: ...ان الله أعطى للخضر من القوة أن يتصور بأي صورة شاء...
وهناك رواية عن المفضل بن عمر في خبر طويل أيضاً يسأل الإمام الصادق (عليه السلام) يقول فيها: ...فقلت يا بن رسول الله يظهر في شيبة أم شباب؟ فقال له الإمام (عليه السلام) سبحان الله وهل يعرف ذلك، يظهر كيف شاء وبأي صورة شاء... .
من خلال هاتين الروايتين نفهم أنَّ الإمام (عجّل الله فرجه) من الممكن أن يتصور بصورة شاب مرة، وبصورة كبير السن بلحية بيضاء كما شاهده البعض...
السؤال هنا: هل من الممكن أن يلتقي الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بالمؤمنين في الغيبة الكبرى بصور مختلفة مرة بصورة شاب وأخرى كبير السن.


بسم الله الرحمن الرحيم
صرّحت الروايات الشريفة بأنه عندما يظهر الظهور الموعود به، فإنه سيظهر بهيأة الشاب الموفق الذي لا يتجاوز الأربعين سنة، وهذا ما سيُشكل واحداً من ابتلاءات واختبارات زمن الظهور، وقد ذكرت الروايات الشريفة أن الذي كان على قدر معتد به من المعرفة والإيمان، فإنه سينجو من هذه الاختبار.
فقد ورد عن الريّان بن الصلت، قال: قلت للرضا (عليه السلام) : أنت صاحب هذا الأمر؟ فقال: أنا صاحب هذا الأمر، ولكنّي لست بالذي أملأها عدلاً كما ملئت جوراً، وكيف أكون ذلك على ما ترى من ضعف بدني؟ وإنَّ القائم هو الذي إذا خرج كان في سنِّ الشيوخ ومنظر الشبّان، قويَّاً في بدنه حتَّى لو مدَّ يده إلى أعظم شجرة على وجه الأرض لقلعها، ولو صاح بين الجبال لتدكدكت صخورها، ... . [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص٣٧٦، ب٣٥، ح٧]
وعن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنَّه قال: لو قد قام القائم لأنكره الناس، لأنَّه يرجع إليهم شابَّاً موفَّقاً، لا يثبت عليه إلَّا من قد أخذ الله ميثاقه في الذرّ الأوَّل.
وفي روية أخرى أنَّه قال (عليه السلام): وإنَّ من أعظم البلية أن يخرج إليهم صاحبهم شابَّاً وهم يحسبونه شيخاً كبيراً. [الغيبة للنعماني: ص١٩٤ و١٩٥، ب١٠، ف٤، ح٤٣]
وعن علي بن عمر بن علي بن الحسين (عليهما السلام)، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد (عليه السلام) أنَّه قال: ...ثمّ يغيب غيبة في الدهر ويظهر في صورة شابّ موفق ابن اثنين وثلاثين سنة، حتَّى ترجع عنه طائفة من الناس، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً. [الغيبة للنعماني: ص١٩٥، ب١٠، ف٤، ح٤٤]
نعم، ورد في رواية أخرى عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه يظهر بأي صورة شاء، فقد ورد في رواية طويلة أن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: ...ويظهر وهو شاب حزور، قال المفضل: يا سيدي يعود شابا أو يظهر في شيبته؟ فقال عليه السلام: سبحان الله، وهل يُعرف ذلك، يظهر كيف شاء وبأي صورة شاء، إذا جاءه الامر من الله تعالى مجده وجل ذكره. [مختصر بصائر الدرجات للحسن بن سليمان الحلي: ص182]
فهل تتنافى هذه الرواية مع الروايات التي صرحت بظهوره شاباً؟
الجواب: كلا، لأنه يمكن القول: إن المقصود من هذه الرواية هو: إن عنده إمكانية الظهور بأي صورة شاء، سواء كانت صورة شاب أو صورة شيخ كبير، وذلك راجع لما دلّ عليه الدليل في محله من أن للمعصوم الولاية التكوينية التي يستطيع من خلالها التحكم في هذا الكون بما أتاح الله تعالى له من التصرفات فيه (بإذن الله)، وبالتالي، فإن عنده القدرة التي يمكنه من خلالها أن يظهر بصورة أي عمر شاء.
ونفس الكلام يُقال في السؤال عن الهيأة التي يظهر بها زمن الغيبة الكبرى للأوحدي من المؤمنين، فيقال: إن عنده القدرة على الظهور بأي صورة شاء، سواء كان شيخاً كبيراً أو شاباً موفقاً، وأما اختيار إحدى الصورتين فهذا راجع لتقديره هو (عجّل الله فرجه) للموقف المناسب.
ولكنه عندما يظهر ظهوره الموعود فإنه سيختار صورة الشاب الموفق كما دلت عليه الروايات المتقدمة والمصرحة بذلك، أي أن هذه الرواية أشبه بالعام، وتلك الروايات أشبه بالمخصص.
وبعبارة أخرى:
إن هذه الرواية تتكلم عن الإمكان، وتلك عن الوقوع، والإمكان أعم من الوقوع، فإن قُبل هذا فبها، وإلا فلا مناص من رفض هذا المقطع من الرواية لمعارضته للروايات المتعددة الصريحة في خروجه شاباً موفقاً، أو ردّ علمها إلى أهلها.
على أنه روي عن الإمام الرضا (عليه السلام) في شأن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه): علامته أن يكون شيخ السن شاب المنظر، حتى أن الناظر إليه ليحسبه ابن أربعين سنة أو دونها، وأن من علامته أن لا يهرم بمرور الأيام والليالي حتى يأتيه أجله. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص652].
وهذه الرواية عامة، تشمل كل ازمنة وجوده (عجّل الله فرجه) سواء كان غائباً أو ظاهراً.
ثم إنه يمكن حمل رواية مختصر البصائر والتي ورد فيها: (يظهر كيف شاء وبأي صورة شاء)، على أنه يمكنه أن يظهر بأزياء مختلفة، كالزي العربي العراقي مثلاً، أو الزي العربي اليمني، أو زي آخر يراه هو (عجّل الله فرجه) مناسباً.
وبهذا لا يلزم حصر تفسير الرواية بما تقدم ذكره.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)

عصر الغيبة : ٢٠١٩/٠٤/٠٩ : ٥.٣ K : ٠
: مدين سباهي : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
التعليقات:
لا توجد تعليقات.