(٧٣٥) ما الحكمة من قراءة دعاء الندبة في يوم العيد؟
ما الحكمة من قراءة دعاء الندبة في يوم العيد؟ ومعانيه تُشعر الإنسان بالأسى والحزن على الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، ألا يتعارض ذلك مع الفرحة والابتهاج بعيد الفطر السعيد كنعمة ربانية كبرى بعد انقضاء الصيام كما يصفها الإمام زين العابدين (عليه السلام) في دعاء الصحيفة السجادية: اللهم إنا نتوب إليك في يوم فطرنا الذي جعلته للمؤمنين عيداً وسروراً؟!
الرجاء التفضل بالإجابة من خلال الأدلة وروايات أهل البيت (عليهم السلام) الثابتة لديكم
بسم الله الرحمن الرحيم
يتضح جواب سؤالكم من خلال النقاط التالية:
أولاً: رغم أن العيد هو مما يفرح به الناس، إلا أنه بالنسبة لآل النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) مما يتجدد فيه الحزن عليهم، والسبب هو ما روي عن عبد الله بن دينار، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: يا عبد الله، ما من عيد للمسلمين أضحى ولا فطر إلَّا وهو يُجدِّد لآل محمّد فيه حزناً، قلت: ولِـمَ ذاك؟ قال: لأنَّهم يرون حقَّهم في يد غيرهم. [الكافي للشيخ الكليني: ج4، ص169 و170، باب النوادر، ح2]
ومن هذا القبيل ما حكي عن العلامة السيد باقر الهندي أنه رأى في المنام صاحب الأمر (عجّل الله فرجه) ليلة الغدير حزيناً كئيباً فقال: يا سيدي! ما لي أراك في هذا اليوم حزيناً والناس على فرح وسرور بعيد الغدير؟!
فقال (عليه السلام): ذكرت أمي وحزنها ثم قال:
لا تراني اتخذت لا وعلاها * بعد بيت الأحزان بيت سرور
ولما انتبه السيد نظم قصيدة في أحوال الغدير وما جرى على الزهراء (عليها السلام) بعد أبيها وضمّنها هذا البيت، والقصيدة مشهورة مطلعها:
كل غدر وقول إفك وزور * هو فرع من جحد نص الغدير.
[الهجوم على بيت فاطمة (عليها السلام) لعبد الزهراء مهدي: ص 425]
ثانياً: إن إظهار الاشتياق لا ينافي الفرح، ولربما يفرح الكثير من الناس في يوم العيد، ويظهرون الفرح، لكنهم عندما يتذكرون أحد أحبابهم ممن غاب عنهم ولم يشاركهم فرحة العيد، فلربما حزنوا كثيراً في قلوبهم وإن أظهروا الفرح في وجوههم، وهكذا الأمر في العيد عندما نتذكر غربة المولى صاحب العصر والزمان ووحشته، وانتظاره لأنصاره أن يكونوا كما يحب الله تعالى، وانتظاره لأمر الله تعالى وإذنه له بالظهور. فلا شك أن هذه الحالات من الاشتياق تؤثر على الفرح ولو كان في العيد.
ثالثاً: علينا أن نتذكَّر أنَّه يمكن لنا أن نجعل كلَّ أيّامنا أعياداً بشرط واحد، وهو ما قاله أمير المؤمنين (عليه السلام) في بعض الأعياد: كُلُّ يَوْمٍ لَا يُعْصَى اللهُ فِيه فَهُوَ عِيدٌ. [نهج البلاغة: ص551، ح428]
إنَّ كلَّ يوم يمضـي علينا إنَّما يُقرِّبنا خطوة أُخرى نحو القبر، فعلينا أن ننتبه إلى هذه الحقيقة الواضحة المغفول عنها، فأنْ تقضـي يومك بلا معصية لله تعالى تُقرِّبك من نار جهنَّم، أنْ تقضـي يومك بطاعة الله تعالى لتقترب خطوة أُخرى إلى الجنَّة، لهو أعظم عيد يمرُّ عليك.
فعلينا أن نعمل جاهدين على أن نجعل من أيّامنا أعياداً بطاعة الرحمن ومعصية الشيطان.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: الشيخ اسامة اللامي : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)