(٨٦٦) هل الرجوع إلى المراجع في الفقه والعقائد دون بقية العلوم؟
وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله.
التوقيع الشريف عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) عندما يذكر الحوادث، فالحوادث كثيرة، وفيها الفقهية والعقائدية والطبية والسياسية والفيزيائية...
وأهل البيت (عليهم السلام) علماء بكل العلوم، ورواياتهم متنوعة، ففيها ما يتكلم عن الفلك، وعن الطب، وعن الفقه، وعن العقائد، وقد أحصى بعض العلماء ما يزيد على عشرة آلاف رواية وردت في الطب.
فهل الرجوع إلى المراجع (حفظهم الله) يكون فقط في الفقه والعقائد دون بقية العلوم؟
بسم الله الرحمن الرحيم
جعل العلماء ورواة أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) حجة من قبل الإمام (عجّل الله فرجه) لا يعني أنه (عجّل الله فرجه) قد جعل الحجية لهم في دائرة التعبد فقط، والتي تختص ببيان الأحكام الفقهية، بل هي شاملة لجميع ما للإمام (عجّل الله فرجه) من حجية، إلا ما علمنا أنه مختص به (عجّل الله فرجه) (من قبيل أن بقاء العالَم متوقف على وجود الحجة (عجّل الله فرجه)).
فتكون الرواية ظاهرة فيما هو أبعد من تحديد الحكم الشرعي العملي إلى كل ما يرتبط بالحوادث الواقعة نظرية كانت أم عملية، وهي بذلك ستكون أما بصدد جعل الولاية للفقهاء - كما ذهب لذلك البعض - وأما بصدد جعل المرجعية لهم - كما ذهب البعض الآخر- فالألف واللام الموجودة في (الحوادث الواقعة) هي للاستغراق، وشاملة لجميع الحوادث والمشاكل الاجتماعية، بما فيها الاستفهام منهم عن كل ما عالجته رواياتهم (عليهم السلام)، سواء أكانت تلك المعالجات عبارة عن أحكام فقهية أم عقائد كلامية أم معارف دينية، والمعارف الدينية معنى عام يشمل كل معلومة سواء أكانت فلكية أم طبية أم فيزيائية أم تاريخية ما دامت قد وصلتنا منهم (عليهم السلام).
غاية الأمر أن آلية الاستنباط في الحكم الفقهي يكفي في إثباته الدليل الظني المعتبر، بخلاف استنباط المعارف الدينية فهي تحتاج إلى أدلة تفيد الاطمئنان أو اليقين بصدورها عن أهل البيت (عليهم السلام)، وأن لا تتعارض تلك المعارف المستنبطة مع العقل أو الواقع الذي يذكره علماء الطب أو الفيزياء والذي ثبت عندهم على نحو اليقين.
وإذا كان الأمر كذلك، سوف نفهم أن استنباط المعارف العلمية هي عملية تخصّصية مشتركة تعتمد على فهم كلامهم (عليهم السلام) ولا تغض النظر عن معطيات العلوم الحديثة الأخرى الثابتة بالضرورة، ولو باستشارة أهل الخبرة الذين نثق بمصداقيتهم، وبذلك لن يكون أمرها متاحاً لكل أحد يحاول أن يكتفي بفهمه لرواية وردت هنا أو هناك، ولا يعني ذلك أن علماء الدين سيكونون بديلاً عن التخصّصات العلمية الأخرى، فإن لكل علم فئة تختص به ويُرجَع إليها، بل نعتمد عليهم في خصوص ما ثبت عندهم مما رواه أهل البيت (عليهم السلام)، سواء أفي الفقه أم في غيره فإن وجوب طاعة المعصوم (عليه السلام) والالتزام بقوله سيال في كل العلوم دينية كانت أم دنيوية.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: سجاد الكعبي : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)