(٨٧٠) هل تشمل آية الإنذار والهداية الإمام (عجّل الله فرجه) وماذا قدم...؟
قال تعالى: ﴿إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ هل الآية تشمل الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)؟ وماذا قدّم من هداية للناس؟
بسم الله الرحمن الرحيم
هداية الإمام المعصوم (عليه السلام) على نوعين:
الأولى: هي الهداية التشريعية، وتسمى في علم الكلام (إراءة الطريق)، وتتمحور حول بيان العقائد والمعارف الدينية والأحكام الفقهية، وهذه الهداية بطبيعة الحال تقتضي وجود الإمام (عجّل الله فرجه) ظاهراً في الناس لإرشادهم، أو من خلال نوابه سواء أكانوا بالنيابة الخاصة - كالسفراء الأربعة - أم النيابة العامة - كالفقهاء والمراجع - وهؤلاء النواب بقسميهم، إنما يبينون الأحكام والعقائد اعتماداً على روايات الأئمة (عليهم السلام) وأحاديثهم، بما فيها الروايات الواصلة منه (عجّل الله فرجه) ولذا ورد في توقيعه (عجّل الله فرجه): وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص484، ب45، ص4]
وبذلك سيكون الإمام (عجّل الله فرجه) هادياً لنا حتى في زمن غيبته.
الثانية: الهداية التكوينية، وتسمى (الإيصال إلى المطلوب) وهذه الهداية لا تقتضي حضوره وظهوره (عجّل الله فرجه)، لأنها مرتبطة بعالم الملكوت، وبهدايته هذه ينوّر قلوب المؤمنين ويرقّيهم في درجات القرب الإلهي، باعتباره واسطة الفيض، سواء أفي بُعدها العام لجميع البشرية - كما ورد (لولا الإمام لساخت الأرض بأهلها) [دلائل الإمامة للطبري الشيعي: ص426، ح407/ 11] - أم ببعدها الخاص للمؤمنين فقط.
كما ورد في رواية الإمام الباقر (عليه السلام): والله يا أبا خالد لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار، وهم والله ينورون قلوب المؤمنين. [الكافي للشيخ الكليني: ج1، ص194]
ولا يمكن لأحد أن يقوم بهذه الوظيفة غيره (عجّل الله فرجه) لأنها متفرعة عن إمامته وولايته التكوينية، شعرنا بذلك أو لم نشعر، ولذا ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): إن الناس ينتفعون به كما ينتفعون من الشمس إذا سترها السحاب. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص207، ب21، ح22]
فإن البشرية لا يمكن لها أن تعيش بدون الشمس وتبقى تنتفع منها حتى إذا جهل قيمتها ولم يرها الإنسان بعينه بسبب غيبتها وراء السحب.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: كرار عبد الحسين : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)