ارسل سؤالك المهدوي:
المسار
عصر الغيبة

(٨٩٨) ما ذكره الإمام علي (عليه السلام) حاصل فلماذا لا يظهر...

ورد عن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال: إذا كَانَ زَعيمُ القَومِ فَاسِقَهُمْ، وَأُكْرِمَ الرَّجُلُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ، وَعُظِّمَ أَرْبَابُ الدُّنيَا، واسْتُخِفَّ بِحَمَلَةِ كِتَابِ اللهِ، وَكَانَتْ تِجارتُهُمُ الرِّبَا، وَمَأكَلُهُم أَمْوَالَ اليَتَامَى، وَعُطِّلَتِ الْمَسَاجِدُ، وَأَكْرَمَ الرَّجُلُ صَدِيقَهُ وَعَقَّ أباهُ، وتَواصَلُوا على الباطل وعطَّلُوا الأرْحامَ، واتَّخذُوا كتابَ اللهِ مَزَاميرَ، وَتُفُقِّهَ لِغَيرِ الدِّينِ، وَأَكَلَ الرَّجُل أَمَانَتَهُ، وَاؤتُمِنَ الخَائِنُ، وَخُوِّنَ الأمَنَاءُ، واسْتُعْمِلَتْ كَلِمَةُ السُّفَهَاءِ، وَزُخرِفَتِ المَسَاجِدُ، وَزُخْرِفَتِ الكَنَائِسُ، وَرُفِعَتِ الأصوَاتُ فِي الْمِسِاجِدِ، وَاتُّخِذَتْ طَاعَةُ اللهِ بِضَاعَةً، وَكَثُرَ القُرَّاءُ، وَقَلَّ الفُقَهَاءُ، وَاشتَدَّ سَبُّ الأتقِيَاءِ، فَعِنْد ذَلِكَ تَوَقَّعُوا رِيحاً حَمْرَاءَ، وَخَسْفاً وَمَسْخاً وَقَذْفاً وَزَلازِلَ وَأُمُوراً عِظَاماً. وَقَالَ: وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ (عليه السلام) إذا ذَكَرَ هذَا الحَدِيثَ بَكَى بُكَاءً شَدِيداً وَيَقُولُ: قَدْ رَأَيتُ أَسْبَابَ ذَلِكَ، وَاللهُ المُستَعَانُ.
كل ما ذكر الإمام علي (عليه السلام) بالحديث الشريف حاصل بل وزيادة، فلماذا لا يظهر الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)؟!


بسم الله الرحمن الرحيم
هناك قضية ينبغي الإلفتات إليها وهي: أن الروايات والأحاديث حينما تحدثت عن مقومات ظهور الإمام (عجّل الله فرجه) أو أسباب غيبته فهي تحدثت في عدة مستويات وجهات، ويجري أحياناً الخلط بين مداليل هذه الروايات ومضامينها فيوضع ما هو شرط للظهور كعلامة من علاماته، ويُفسّر ما هو حكمة وهدف للغيبة كعلة وسبب لها، ولأجل ذلك ترد هذه الإشكالات والتساؤلات لعدم الفرز فيما بينها، فما تذكره بعض الروايات على سبيل المثال من أن غيبة الإمام (عجّل الله فرجه) لأجل الامتحان والتمحيص لا يعني ذلك أنهما العلة والسبب لغيبته (عجّل الله فرجه)، بل نفهمه في سياق الحكمة والغاية، وما تذكره الروايات من وجود الأنصار والقواعد الشعبية المؤمنة لا يمكن فهمه كعلامة من علامات الظهور المقدس، بل كشرط من شرائطه ومقوّم من مقوماته، وبنفس السياق قد يحصل خلط وتشابك بين ما هو علة للغيبة وما هو معلول لها وناشئ عنها، ومن هذا القبيل ما ذكرتموه من رواية أمير المؤمنين (عليه السلام) وما جاء فيها من بيان مظاهر الفساد الاجتماعي والانحطاط الأخلاقي الذي سيملأ الأرض، فإن كل ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال أنه من مقاصد الغيبة ولا من أهدافها ولا هي من عللها أو أسبابها لنقول بعد ذلك خطأ: لماذا لم يظهر الإمام (عجّل الله فرجه)، وقد تحقق كل ذلك؟ بل المقصود أن هذه الفوضى الأخلاقية وهذا الاضطراب هو نتيجة حاصلة لنفس غيبة الإمام (عجّل الله فرجه) ومعلول لعدم ظهوره وقيادته للبشرية باعتبار أن المجتمع الانساني مهما بلغ من التقدم والتطور سيبقى قاصراً ومتأخراً عن إدراك كماله وسعادته إلّا بهداية الإمام المعصوم (عجّل الله فرجه)، وإذا لم تتوفر أسباب الظهور وشروطه فإن السنن التأريخية والقوانين الطبيعية تحتم أن الفساد والانحراف سيكون هو الظاهرة البارزة حين ذاك في تلك المجتمعات.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)

عصر الغيبة : ٢٠٢١/٠٣/١٤ : ٢.٣ K : ٠
: محمد علي : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
التعليقات:
لا توجد تعليقات.