(٩٠٤) إذا فقد الناس الإمام مكثوا سنين لا يدرون أيا من...
ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): إذا فقد الناس الإمام مكثوا سنين لا يدرون أيا من أي ثم يظهر الله (عزَّ وجل) لهم صاحبهم.
عفواً ممكن تشرحون لنا الحديث الشريف ماذا يقصد الإمام (عليه السلام) بالضبط؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الرواية منقولة في عدة مصادر وبألفاظ مختلفة تتفق في محصلتها بالمضمون والمعنى، فقد روي عن محمد بن مسلم الثقفي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: إذا فقد الناس الإمام مكثوا سنيناً لا يدرون أيا من أي، ثم يظهر الله (عزَّ وجل) لهم صاحبهم [الغيبة للشيخ النعماني: ص161]
وروي أيضاً عن يعقوب بن شعيب قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن الناس ما يمدّون أعناقهم إلى أحد من ولد عبد المطلب إلّا هلك، حتى يستوي ولد عبد المطلب لا يدرون أياً من أي، فيمكثون بذلك سنين من دهرهم، ثم يبعث لهم صاحب هذا الأمر. [دلائل الإمامة للطبري الشيعي: ص292]
والروايتان كما هو واضح يؤشران إلى معنى الحيرة والإرباك الذي سيحصل لدى بعض الشيعة عند فقدهم الإمام الحجة (عجّل الله فرجه) وما تمثله هذه الغيبة لهم من صدمة نفسية وقلق قد ينتج في بعض آثاره لدى البعض حالة من عدم التصديق بالواقع الذي وصلوا إليه، والذي قد يوحي باليأس وانقطاع الأمل بانتصار الحق وأهله، فيتوسلون لمعالجته بمدّ الأعناق للغير أو محاولة إيجاد الحلول غير السليمة تعويضاً عن غيبة الإمام (عجّل الله فرجه).
فقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): للقائم منا غيبة أمدها طويل كأني بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته، يطلبون المرعى فلا يجدونه، إلّا فمن ثبت منهم على دينه ولم يقس قلبه لطول أمد غيبة إمامه فهو معي في درجتي يوم القيامة. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص303]
ولذا جاءت الغيبة الصغرى واعتماد الإمام (عجّل الله فرجه) على السفراء الأربعة في تواصله مع الشيعة للتخفيف من حدة الغيبة الكبرى وشدتها، والذي سيعني فيما بعد توفير الاستعداد والقابلية لهم لمواكبة التحول الكبير في مسار وظيفة الامامة وانتقالها من الحضور إلى الغيبة، ومن هنا نجد أن الكثير من الروايات الواردة عن الأئمة المتقدمين (عليهم السلام) وانتهاء بالإمام العسكري (عليه السلام) كانت تقوم على توفير القناعة بإمكانية التكيف مع غيبة الإمام (عجّل الله فرجه) ومواصلة الالتزام بالمنهج الذي رسموه لهم والصبر على المحنة والامتحان الذي شاءه الله تعالى لعباده كمصداق من مصاديق الابتلاء والاختبار، ليحيى من حيّ من بينة ويهلك من هلك عن بينة.
عن زرارة بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن للقائم غيبة قبل أن يقوم، قلت له: ولم؟ قال: يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه -. ثم قال: يا زرارة وهو المنتظر، وهو الذي يشك الناس في ولادته، منهم من يقول: هو حمل، ومنهم من يقول: هو غائب، ومنهم من يقول: ما ولد، ومنهم من يقول: ولد قبل وفاة أبيه بسنتين. غير أن الله تبارك وتعالى يحب أن يمتحن الشيعة فعند ذلك يرتاب المبطلون. [الغيبة للشيخ الطوسي: ص334]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: حيدر علي : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)