ارسل سؤالك المهدوي:
المسار
عصر الغيبة

(٩٣٣) تشير إلى أن للإمام (عجّل الله فرجه) أبناء؟!

عن الإمام أبي عبد الله (عليه السلام): إن لصاحب هذا الأمر غيبتين إحداهما تطول حتى يقول بعضهم: مات. ويقول بعضهم: قتل. ويقول بعضهم: ذهب. حتى لا يبقى على أمره من أصحابه إلّا نفر يسير إلّا يطلع موضعه أحد من ولده، ولا غيره إلّا الموالي الذي يلي أمره.
هل هذه الرواية تشير إلى أن للإمام المهدي (عجّل الله فرجه) أبناء؟!


بسم الله الرحمن الرحيم
الروايات التي تحدثت عن وجود أبناء للإمام المهدي (عجّل الله فرجه) لا يمكن التعويل عليها ولا المصير إليها فإنها لا تورث علماً ولا عملاً لكونها بين ضعيف السند أو اضطراب المتن أو لها ما يعارضها ويناقضها من الأخبار والأحاديث، فإن الرواية التي نقلتموها مروية في كتاب الغيبة للشيخ الطوسي المتوفى سنة: 460 للهجرة، بسنده عن المفضل بن عمر، عن الإمام الصادق (عليه السَّلام) جاء فيها: لا يطّلع على موضعه أحد من وَلَدِه ولا غيره، إلّا المولى الذي يلي أمره. [الغيبة للشيخ الطوسي: ص161]، وقد يُفهم من لفظة (ولده) أن للإمام (عجّل الله فرجه) أولاداً.
لكن لا يصح الاستدلال بهذه الرواية والاستناد إليها في إثبات الأولاد للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)، وذلك لأن الشيخ محمد بن إبراهيم بن جعفر النعماني والذي هو من علماء القرن الثالث الهجري قد روى نفس هذه الرواية، لكن جاء فيها: لا يطّلع على موضعه أحد من ولي، ولا غيره. [الغيبة للشيخ النعماني: ص176]، فترى أن لفظة (ولده) التي هي محل الشاهد ليست موجودة فيها، فمع اتحاد الروايتين عند الشيخين الطوسي والنعماني ووجود هذا الاختلاف فيما هو محل الشاهد، فإن الرواية تسقط عن صلاحية الاستدلال بها.
يُضاف إلى ذلك أن نفس كتاب الغيبة للشيخ الطوسي (رحمه الله) ورد فيه نفس الرواية وبذات السند في ص61، ولم ترد فيه عبارة (أحد من ولده)، فقد روى هناك عن ابراهيم بن المستنير عن المفضل قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن لصاحب هذا الأمر غيبتين إحداهما أطول من الأخرى حتى يقال: مات، وبعض يقول: قتل، فلا يبقى على أمره إلّا نفر يسير من أصحابه، ولا يطلع أحد على موضعه وأمره، ولا غيره إلّا المولى الذي يلي أمره.
وهو الأمر الذي يجعلنا مطمئنين أن الروايتين اللتين نقلهما الشيخ الطوسي في كتابه الغيبة إنما هي رواية واحدة كررها مرتين في كتابه، وإنما حصل التغاير والاختلاف بينهما بسبب ناسخ الكتاب وهو أمر قد يحصل أحياناً ولأي سبب من الأسباب، الأمر الذي يحتم على العلماء والمحققين البحث والتنقيب في مصادر الرواية المعنية للوقوف على المعنى الصحيح والسليم، وبمراجعة كتاب الغيبة للشيخ النعماني (رحمه الله) والذي هو من التلاميذ البارزين للشيخ الكليني (رحمه الله) سنجد أن نفس الرواية خالية تماماً عن هذه اللفظة فقد جاءت بهذه الصيغة: عن إبراهيم بن المستنير عن المفضل بن عمر الجعفي عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: إن لصاحب هذا الأمر غيبتين: إحداهما تطول حتى يقول بعضهم: مات، وبعضهم يقول: قتل، وبعضهم يقول: ذهب، فلا يبقى على أمره من أصحابه إلّا نفر يسير، لا يطلع على موضعه أحد من ولي ولا غيره، إلّا المولى الذي يلي أمره. [الغيبة للشيخ النعماني: ص176]
فإذا ضممنا إلى ذلك ما رواه نفس الشيخ الطوسي في كتابه الغيبة عن الإمام الرضا (عليه السلام) والذي نفى فيه أن يكون هناك عقِبا للإمام المهدي (عجّل الله فرجه) سوف يصبح الأمر واضحاً وأن لفظة (ولده) من زيادات النساخ وأخطائهم فقد روى (رحمه الله): عن الحسن بن علي الخزاز قال: دخل علي بن أبي حمزة على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فقال له: أنت إمام؟ قال: نعم، فقال له: إني سمعت جدك جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: لا يكون الإمام إلّا وله عقب فقال: أنسيت يا شيخ أو تناسيت؟ ليس هكذا قال جعفر (عليه السلام)، إنما قال جعفر (عليه السلام): لا يكون الإمام إلّا وله عقب إلّا الإمام الذي يخرج عليه الحسين بن علي (عليهما السلام) فإنه لا عقب له، فقال له: صدقت جعلت فداك هكذا سمعت جدك يقول. [الغيبة للشيخ الطوسي: ص224]
ولا يخفى أن الرواية بصدد الحديث عن رجعة الإمام الحسين (عليه السلام) فإذا علمنا أنه (عليه السلام) أول من يرجع كما دلّت عدة روايات على ذلك، وأن الرجعة إنما تحصل في زمن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وأن الإمام الحسين (عليه السلام) هو الذي يغسله، سنخرج بقرينة إضافية تُضاف لما سبق من نفي العقب والذرية للإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)

عصر الغيبة : ٢٠٢١/٠٣/١٨ : ٢.٦ K : ٠
: أحمد النبراس : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
التعليقات:
لا توجد تعليقات.