(١٠٥٠) على أي أساس يتم تمحيص الناس في عصر الغيبة؟
عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام): والله لتميزن، والله لتمحصن، والله لتغربلن كما يغربل الزؤان.
إن اختلاف الشيعة في عصر الغيبة دليل على أنه (عجّل الله فرجه) لا يقود الناس، وبالتالي لا يمكن اختبارهم، لأن الاختبار يكون على أساس أوامر الإمام والأوامر غير موجودة، بالتالي هذه الرواية غير صحيحة.
على أي أساس يتم تمحيص الناس في عصر الغيبة فالإمام المهدي (عجّل الله فرجه) لم يسن أي قانون لنسير عليه حتى يكون من يخالفه ظالماً ومن يتبعه موالياً! فهل تقوم الناس على سنن أهل البيت (عليهم السلام)؟ وبما أن الإمام (عجّل الله فرجه) امتداد لهم أم هنالك معنىً آخر؟
بسم الله الرحمن الرحيم
حينما تكون المقدمات خاطئة فمن الطبيعي أن تكون النتائج كذلك، وإلّا فإن موسى (عليه السلام) حينما ذهب إلى ميقات ربه وترك أخاه هارون خليفة له على بني إسرائيل سرعان ما اختلفوا وعبد الكثير منهم عجل السامري، فهل يقدح هذا الاختلاف وهذا التفرق بنبوة موسى (عليه السلام) ووصاياه لقومه؟ مع أن اختلاف الشيعة الملتزمين طريق أهل البيت (عليهم السلام) سواء في يومنا هذا أو في الماضي لم يكن اختلافاً في الإمام (عجّل الله فرجه) بل هو اختلاف عنه، وهذا المقدار من الاختلاف بين الشيعة أمر طبيعي، والسبب فيه تفاوت أنظار العلماء واختلاف اجتهاداتهم بين من يعتقد أن رأي الإمام على هذا النحو أو على النحو الآخر، وكل واحد منهم إنما غايته أن يصيب الموقف الذي قد أمر به الإمام (عجّل الله فرجه)، كما أن الاختلافات الحاصلة بين علماء الشيعة لا تتجاوز القضايا التفصيلية والفرعية الجزئية، كما أن قولكم إن الإمام (عجّل الله فرجه) لم يسن أي قانون مجانب للصواب أيضاً فهناك عشرات الأحاديث والوصايا التي صدرت عنه (عجّل الله فرجه) من خلال التوقيعات الشريفة التي صدرت من ناحيته المقدسة من قبيل التوقيع الشريف عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه): وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص484] وغيرها الكثير.
كما أن مذهب أهل البيت (عليهم السلام) إنما هو عبارة عن اتباع اثني عشر إماماً كلهم تجب طاعتهم والامتثال لأوامرهم، وغيبة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) لا تعني بأي حال من الأحوال غياب الشريعة والدين، بل ما زالت الشريعة حاضرة ومعلومة والالتزام بها مستطاع وواجب، وإنما نفتقد قيادته وحكومته الظاهرية، ولذلك يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): لإن غاب عن الناس شخصهم في حال هدنتهم في دولة الباطل فلن يغيب عنهم مبثوث علمهم وآدابهم في قلوب المؤمنين مثبتة. [الكافي للشيخ الكليني: ج1، ص339] وما دامت علومهم موجودة ووصاياهم مبثوثة من خلال ما وصلنا من العلماء ورواة أحاديثهم (عليهم السلام) لن يبقى عذر في التخلف عنها أو التمرد عليها، كما جاء ذلك في التوقيع الشريف الصادر من الإمام المهدي (عجّل الله فرجه): فإنَّه لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك فيما يؤدّيه عنّا ثقاتنا. [رجال الكشي لمحمد بن عمر الكشي: ج2، ص816]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: محمد البياتي : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)