ارسل سؤالك المهدوي:
المسار
عصر الغيبة

(١٢١٥) هل الخوف على نفسه (عجّل الله فرجه) مستمراً معه إلى الآن؟

نذكر بالزيارة للإمام الحجة (عجّل الله فرجه) (السلام عليك أيها المهذب الخائف)، وفي دعاء الافتتاح (أبدله من بعد خوفه أمناً)، وفي مواضع مختلفة يُذكر الخوف وتعلقه بالإمام (عجّل الله فرجه).
والمعروف أن سبب غيبة الإمام (عجّل الله فرجه) كان الخوف على نفسه من القتل، فهل هذا الخوف مستمر مع الإمام (عجّل الله فرجه) إلى الآن؟ وهو المقصود به في الزيارة والدعاء؟
أم له تفسير آخر الآن وبعد غيبته يختلف عن الخوف الأول وهو الخوف من القتل، لاسيما وأن الإمام (عجّل الله فرجه) الآن ليس معروفاً للناس حتى يكون باستطاعتهم قتله فبذلك ينتفي المعنى الأول للخوف.


بسم الله الرحمن الرحيم
ذكرت عدة روايات أن إحدى أسباب غيبة الإمام (عجّل الله فرجه) هي خوفه من القتل، فقد جاء عن محمد بن أبي عمير عن أبان وغيره عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): لابد للغلام من غيبة، فقيل له: ولِمَ يا رسول الله؟ قال: يخاف القتل. [علل الشرائع للشيخ الصدوق: ج١، ص٢٨١]
وروى زرارة قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن للقائم غيبة قبل ظهوره، قلت: ولِمَ؟ قال: يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه. - قال زرارة: يعني القتل. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص٥١١]
ولا يخفى أن خوف الإمام (عجّل الله فرجه) من القتل ليس معناه الجبن - والعياذ بالله - والذي هو عبارة أخرى عن الخوف المذموم الذي ينشأ عن ضعف الإيمان والحرص على الدنيا، بل هو من الخوف الممدوح الذي يعتبر وسيلة حفظ واحتراز لصيانة المشروع الذي أُنيط به (عجّل الله فرجه) تحقيقه والقيام به، بل أن ظهوره (عجّل الله فرجه) قبل أن تكتمل شروط الظهور هو التهور بعينه والمجازفة التي لا تليق بخطورة المهمة التي يجب عليه أن يقوم بها، وأئمة أهل البيت (عليهم السلام) مبرؤون من الخوف على أنفسهم من القتل في سبيل الله وهم أشجع الناس في زمانهم وقد ضحوا بنفوسهم الغالية جميعاً من أجل الدين الإسلامي.
ولكن الحكيم هو الذي يضع الشيء موضعه ويجعل الأمور في نصابها، فالخوف في محله كمال للإنسان واتزان، والشجاعة في غير محلها تهور وطيش، ولذا نجد أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو القائل: والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أُمِّه. [نهج البلاغة: ج١، ص٤١]، هو نفسه الذي كان يقول: فنظرت فإذا ليس لي معين إلّا أهل بيتي فضننت بهم عن الموت. [نهج البلاغة: ج١، ص٦٧]، أي خشيت عليهم من الموت والقتل، وهو نفسه (عليه السلام) حينما يصف الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) يقول عنه: ولا يجبن إذا المنايا هلعت، ولا يخور إذا المنون اكتنعت، ولا ينكل إذا الكماة اصطرعت. [الغيبة للشيخ النعماني: ص٢٢١]
وإذا كان الخوف الذي يستشعره الإمام (عجّل الله فرجه) ناشئاً من الخوف على تحقيق الهدف والمهمة قبل اكتمال شروطها وتحقق أسبابها فلا معنى لافتراض أن خوفه سوف يتبدل من جهة إلى جهة أخرى أو من معنى لآخر، فإنه يخرج ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً، وهذا يحتِّم عليه محاربة جميع طواغيت الأرض، والمستكبرين، ومعهم جميع الكافرين، والمكذبين به، ولم تتبدل هذه المهمة في الحاضر عنها في الماضي، كما أن القول بعدم معروفيته قد تمنع عنه القتل والاغتيال لا معنى محصل له، فإنه إذا ظهر الآن إمّا أن يظهر ويُعلن عن نفسه أو لا يعلن عن نفسه، وعلى الأول صار معروفاً ومعلوماً للآخرين فانتفى الفرض، وعلى الثاني هو حاصل الآن فعلاً ومتحقق واقعاً لكونه (عجّل الله فرجه) يعيش على أرضنا هذه ويمشي في أسواقنا ويحضر الموسم كما دلّت الروايات والأخبار على ذلك من دون أن يُعرِّف عن نفسه (عجّل الله فرجه).
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)

عصر الغيبة : ٢٠٢٢/٠٤/٠١ : ٢.٠ K : ٠
: محمد : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
التعليقات:
لا توجد تعليقات.