ارسل سؤالك المهدوي:
المسار
عصر الغيبة

(١٢٣١) هل ذنوبنا تؤخر ظهور الإمام (عجّل الله فرجه)؟

هل الإمام المهدي (عليه السلام) يتأخر ظهوره عندما تكثر ذنوب شيعته أم لا؟
لأننا دائماً نسمع أن ذنوبنا هي التي تؤخر ظهوره (عجّل الله فرجه)، فكيف عند ظهوره (روحي فداه) تكون الأرض مليئة بالظلم والجور؟


بسم الله الرحمن الرحيم
ليس المقصود من امتلاء الأرض بالظلم والجور الواردة في النصوص هو أن تعدم قيم الحق والتوحيد والعدل على وجه الأرض، ولا يمكن فهم العبارة بمعنى عدم وجود أي موضع يعبد الله فيه تماماً، فهذا أمر مستحيل وعلى خلاف سنن الله، وإنما المقصود بهذه الكلمة بيان ما سيقوم به الإمام (عجّل الله فرجه) من العدل مقايسة بالظلم والجور الذي تراكم على طول الخط التاريخي للبشرية، وإلّا فإن قتل الأنبياء السابقين والأئمة المعصومين (عليهم السلام) كالإمام الحسين (عليه السلام)، واغتصاب الخلافة من أهل البيت (عليهم السلام) في الأزمنة الغابرة هو أشد أنواع الانحراف والفساد الذي حصل في الأرض، ولا يخفى أن ظاهرة انتشار الظلم والفساد من الظواهر الاجتماعية النسبية التي تتفاوت شدة وضعفاً بين فترة وأخرى.
أمّا هل أن ذنوب الشيعة ومعاصيهم لها دور في تأخير الظهور؟ فليس الأمر كذلك وإنما لها تأثير في احتجاب الإمام (عجّل الله فرجه) عن شيعته وغيبته عنهم كما يغيب عن غيرهم، فقد ورد في التوقيع الشريف عنه (عجّل الله فرجه): ولو أنّ أشياعنا وفَّقهم الله لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخّر عنهم اليمن بلقائنا، ولتعجّلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حقِّ المعرفة وصدقها منهم بنا، فما يحبسنا عنهم إلّا ما يتصل بنا ممّا نكرهه ولا نؤثره منهم. [الاحتجاج للشيخ الطبرسي: ج2، ص325]
وهو مفاد ما رواه النعماني في كتابه الغيبة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله: واعلموا أن الأرض لا تخلو من حجة لله (عزَّ وجلَّ)، ولكن الله سيعمي خلقه عنها بظلمهم وجورهم وإسرافهم على أنفسهم. [الغيبة للشيخ النعماني: ص144]
ويؤيد هذا المعنى أيضاً ما جاء على لسان أحد أولياء الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) والذي أوصل ابن المهزيار للقاء الإمام (عجّل الله فرجه) ولابد أنه نقل ذلك من نفس الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، فقد جاء في قصة الخبر الذي نقله الطبري الشيعي في دلائل الإمامة أن ابن المهزيار قال له: أريد أن ألقى الإمام المحجوب عن العالم. فقال له: ما هو محجوب عنكم ولكن حجبه سوء أعمالكم. [دلائل الإمامة للطبري الشيعي: ص540]
نعم الذنوب قد يكون لها تأثير من جهة أخرى فيما لو أصبحت سبباً في عدم توفر القاعدة الشعبية التي تناصر الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) عند خروجه المبارك، فقد يجوز أن يتأخر الظهور لهذا السبب، فقد جاء عن الإمام الصادق (عليه السلام): أما لو كملت العدة الموصوفة ثلاثمائة وبضعة عشر كان الذي تريدون، ولكن شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه، ولا شحناؤه بدنه، ولا يمدح بنا معلناً، ولا يخاصم بنا قالياً، ولا يجالس لنا عائباً، ولا يحدث لنا ثالباً، ولا يحب لنا مبغضاً، ولا يبغض لنا محباً... . [الغيبة للشيخ النعماني: ص211]
ولا يخفى أن هذا التسبيب في تأخير الظهور يبقى أحد العوامل والأسباب وليس هو العلة التامة لذلك باعتبار أن ظهور الإمام (عجّل الله فرجه) يتوقف على عدة شروط وقيود لابد من توفرها جميعاً حتى يتحقق.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)

عصر الغيبة : ٢٠٢٢/٠٤/٠١ : ٢.٦ K : ٠
: زهراء : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
التعليقات:
لا توجد تعليقات.