(٦٨١) كيف تبقى النفس الأمارة بالسوء في دولة العدل؟
ذُكر إن في دولة الإمام الحجة (عجّل الله فرجه) النفس الأمارة بالسوء فكيف يكون ذلك ما دام يكون العدل؟ هل يعني يكون الحقد والكره بين الناس وفعل المعاصي أي لا يحب الناس بعضهم بسبب النفس الأمارة في القلب؟
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد خلق الله تعالى هذا العالم وفق نظام الاختيار الانساني، وهذا الاختيار الانساني أسّس لمسؤولية الانسان عن أفعاله الصادرة عنه، وبالتالي صحّ توجيه التكليف إلى الإنسان، ليحيى من حيّ عن اختياره، وليهلك من هلك كذلك.
وهذا الاختيار الإنساني –وبالتالي التكليف والاختبار- يبقى حتى في زمن ظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، وبالتالي فإنه حتى لو قلنا بأن عموم المجتمع سيكون مؤمناً، لكن هذا لا ينفي وجود الاختيار الانساني وبالتالي إمكان أنْ يخطيء الإنسان عندما يسيء استغلال إرادته واختياره.
ولذلك نجد بعض الروايات تصرح بأنَّ الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) يقضي بين الناس بعلمه، مما يعني وجود اختلاف بين الناس، وهذا نابع من الأهواء.
وهذا يعني إنَّ الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) سيعمل على تقليل مقتضيات المعاصي، وتوفير مقتضيات الطاعة على أعلى مستوياتها، ليفسح المجال أمام الإنسان ليفعّل اختياره باتجاه الخير والصلاح، ولكنَّ كل ذلك سيكون وفق النظام العام لهذه الحياة الدنيا، والذي يستبطن ترك الاختيار الإنساني ليأخذ دوره في توجيه دفة حياة الإنسان باتجاه الخير، أي ان الإمام (عجّل الله فرجه) سوف لن يلغي دور النفس الإنسانية وشهواتها وغرائزها، بل سيفسح المجال لها ضمن الظروف الموضوعية المناسبة للنجاح والفلاح، وتبقى الخطوة الأهم والأخيرة هي بيد الإنسان نفسه، فيمكنه أن يختار فعل الخير، كما يمكنه أن يختار الطريق الآخر.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: جعفر الفهيد : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)