(٨٤٤) كيف تقضي المرأة بكتاب الله في زمن الظهور؟
ورد في الغيبة للنعماني أن المرأة في عصر الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) تقضي بكتاب الله وهي في بيتها.
كيف يعني تحكم؟ هل تكون على دراية بكل العلم؟ أي تفهم بكل شيء حتى تفسير القرآن الكريم؟ أم المعنى هو أن المرأة تحكم كما هو الآن في زمن الانترنت، تسأل العالم في بيتها وفي غرفتها فيأتي الجواب وفق كتاب الله وسنته؟
بسم الله الرحمن الرحيم
بطبيعة الحال الروايات التي تحدثت عن معالم دولة الإمام (عجّل الله فرجه) وسماتها سواء أفي جانبها الاقتصادي أم الأمني أم العلمي إنما تتحدث عن حالة استثنائية سوف تحصل في عصر الظهور، يتجلى فيها الكمال الإنساني حقيقة وواقعاً، وليس كما تفترضونه في سؤالكم، وإنما هي تتحدث عن مدلول آخر يؤشر إلى النضوج العلمي والعمق الفكري على نحو يمثل ظاهرة اجتماعية بارزة عند أكثرية أفراد ذلك المجتمع، ولا تقتصر تلك البركات المهدوية على أفراد النخبة والصفوة فقط، وهذا المعنى أشارت له عدة روايات وأحاديث في الكتب المعتبرة، فعن أبان عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: العلم سبعة وعشرون حرفاً، فجميع ما جاءت به الرسل حرفان فلم يعرف الناس حتى اليوم غير الحرفين، فإذا قام قائمنا أخرج الخمسة والعشرين حرفاً فبثها في الناس، وضمّ إليها الحرفين حتى يبثها سبعة وعشرين حرفاً. [مختصر البصائر: ص117]
والحديث كما هو واضح يرمي إلى المقايسة والمقارنة بين المستوى العلمي والثقافي الكبير في عصر الظهور عند الناس عما كما كانوا عليه قبل ذلك، فإن عنوان الفتح الذي أخذته الروايات كتوصيف للدولة المهدوية لن يكون مقيداً أو محدوداً في جهة دون جهة، بل هو فتح إلهي على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني والعلمي، وببركات القيادة المهدوية ويمنها الغيبي المسدد من قبله تعالى وتوفيقه له (عجّل الله فرجه)، والذي سيقوم بالارتقاء بالمؤمنين وتوفير كل المقومات التي تعينهم على التكامل وسلب النقائص والقصور عنهم، ففي الحديث عن الإمام الباقر (عليه السلام): إذا قام قائمنا، وضع يده على رؤوس العباد، فجمع بها عقولهم، وكملت بها أحلامهم. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص675].
وبعد هذا البيان يصبح واضحاً لدينا أن الحديث الذي نقلتموه بصدد الإعلان عن بعض خصوصيات الدولة المهدوية ومظاهرها، لاسيما إن نفس الحديث يتضمن في مدلوله ما يؤشر إلى ذات المعنى الذي ذكرناه، بقرينة ما ذكره الإمام (عليه السلام) من إتيان الناس الحكمة، والتي ستكون بمثابة العلة والسبب للنضوج والرشد العلمي للمرأة أو الرجل، فقد نقل النعماني في كتابه الغيبة عن الإمام الباقر (عليه السلام): وتؤتون الحكمة في زمانه حتى أن المرأة لتقضي في بيتها بكتاب الله تعالى وسنة رسوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم). [الغيبة للنعماني: ص245]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: سجاد العراقي : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)